بغداديون لا يعبأون بالإرهاب المحيط بهم ويبتكرون مناسبات للفرح

تسهيلات وإجراءات جديدة للطلبة النازحين

بغداديون لا يعبأون بالإرهاب المحيط بهم ويبتكرون مناسبات للفرح
TT

بغداديون لا يعبأون بالإرهاب المحيط بهم ويبتكرون مناسبات للفرح

بغداديون لا يعبأون بالإرهاب المحيط بهم ويبتكرون مناسبات للفرح

لا يبدو شكل الحياة اليومية في العاصمة العراقية، بغداد، غريبًا أو على غير عاداته، رغم كل ما يحيطها من إرهاب ومعارك كر وفر مع تنظيم داعش الإرهابي، في المدن القريبة منها؛ فالمحال التجارية الكبيرة تعمد إلى فتح أبوابها مبكرًا لاستقبال المتبضعين وتبقى حتى ساعات متأخرة من الليل والشوارع مزدحمة بالعجلات، بينما تتلون باحات الجامعات والمعاهد المنتشرة في عموم العاصمة بألوان الأبيض والأزرق، لوني أزياء الطالبات والطلبة فيها. أما أخبار العجلات المفخخة والعبوات الناسفة، التي عادة ما تحصد معها أرواح مواطنين عزل، فلم تعد مثيرة بعد أكثر من 12 عامًا على سماع أصواتها التي يكتفي معها البغداديون بالقول «يا ساتر.. إنه تفجير جديد» ليعودوا بعدها إلى مزاولة أعمالهم ويكتفوا بمشاهدة نشرة الأخبار عنها مساء.
الحاج أبو عادل (56 عامًا)، بائع المستلزمات الطبية في شارع السعدون، أحد أهم شوارع بغداد التجارية والمكتظة، قال: «قبل قليل عمدت القوات الأمنية إلى قطع الشارع وتحويل وجهة المارين إلى اتجاه آخر، بسبب وجود اشتباه بعجلة مركونة على الرصيف واحتمال كونها مفخخة، وهي حالة تكرر كل يوم وأحيانًا أكثر من مرة في اليوم الواحد، ومع ذلك تجد حركة الناس متواصلة».
وأضاف: «رهاب السيارات المتوقفة صار حديث المناطق التجارية، لأن أي سيارة متروكة تثير ضجة بين الناس وتسري إشاعات بكونها مفخخة، ويتحمل صاحب المحل مسؤوليتها، الأمر الذي سبب التشديد على منع أصحاب العجلات من إيقاف عجلاتهم على جانبي الطريق وإلا تعرضت للمصادرة من قبل الجهات الأمنية».
المفارقة أن الاضطرابات الأمنية التي تشهدها العاصمة بغداد، بعد كل موجة تفخيخ صار يرافقها إصرار كثير من المنظمات والمؤسسات المدنية لتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية والاجتماعية، وأحيانًا يبتكرونها في موقع التفجير وحتى قبل أن يتم تنظيف المكان من الدمار المحيط به، ولعل صورة الموسيقار والعازف كريم وصفي وهو يعزف على آلته (الجلو) قرب موقع أكثر من تفجير إرهابي استهدف مناطق تجارية مزدحمة بالمدنيين، هي الصورة الأكثر إجمالاً لطبيعة الحياة المتجددة في بغداد وإصرار من فيها لصنع لوحات من الجمال وتحدي كل الظروف.
يقول الدكتور والشاعر سعد ياسين يوسف، في حديثه عن الحياة في بغداد لـ«الشرق الأوسط»: «بغداد مدينة حضارة.. ولأنها بنيت على نهر، فإن سمة التجدد والحركة هي من أهم سماتها التي تميزت بها عبر العصور»، مضيفًا أن «جولة مسائية واحدة في شوارعها تنبئك أنها عروس تتأهب للزفاف، وجولة ثانية في أصبوحة جمعة في شارع المتنبي تعطيك صورة عن مدى عمق هذه المدينة وشغفها بالكتاب».
يقول عازف الساكسفون حميد البدري، وكان ضمن فرقته الموسيقية: «بغداد قادرة على امتصاص أحزانها»، مضيفًا أن «مجرد إقامة الحفل في فندق فاخر شيء يدعو للارتياح، بعد أن هجر الناس معظم الفنادق والنوادي وأغلقت صالة الاحتفالات فيها».
أما طارق صفاء الدين، رئيس نادي العلوية (أحد أشهر وأهم النوادي الاجتماعية الذي تأسس عام 1924)، فقال: «نحاول استعادة تلك الأيام، ولدينا منهاج يومي وأسبوعي لاستقبال الحفلات والمناسبات الاجتماعية التي يحضرها عدد كبير من الناس، خصوصًا بعد أن تم رفع حظر التجوال عن العاصمة بغداد».
صورة بغداد وتفاعلها مع الحياة لم تختلف أو تتغير حتى مع وجود النازحين الذين توافدوا عليها بأعداد كبيرة من مدن الأنبار والفلوجة والرمادي والموصل وغيرها، بينما تحيطها المخيمات على أطرافها؛ حيث تشير المصادر إلى أن بغداد استقبلت أكثر من 25 ألف عائلة نازحة من محافظة الأنبار بعد سيطرة «داعش» على المدينة أخيرًا، بينهم أعداد كبيرة من الطلبة الذين اضطروا لترك امتحاناتهم وكل ما يتعلق بوضعهم الدراسي؛ الأمر الذي استوعبته وزارة التربية في بغداد بقرارات عدة، من بينها قبول الطلبة النازحين من المناطق التي شهدت عمليات عسكرية، والمناطق الساخنة التي تقع خارج سلطة الدولة، وأداؤهم الامتحانات في بغداد واعتبار درجة الامتحان النهائي من (100) درجة بالنسبة للصفوف غير المنتهية، مع السماح لتلاميذ وطلبة الصفوف المنتهية بالاشتراك في الامتحانات العامة الوزارية للمراحل الدراسية الثلاث (الابتدائية، والمتوسطة، والإعدادية) أسوة بطلاب العاصمة. أما الطلبة النازحون منذ بداية العام الدراسي، فيتم احتساب معدل السعي السنوي لهم، إضافة إلى إحداث تغيير في طريقة صياغة الأسئلة الامتحانية بما يحقق الهدف العلمي. وفي وقت سابق، أعلن وزير التربية على تسيير رحلات جوية إضافية من بغداد إلى إقليم كردستان، لحل أزمة الطلبة النازحين الذين يرغبون بأداء الامتحانات هناك». ووجد كثير من العوائل النازحة أقارب أو أصدقاء لها في بغداد لتسكن عندها، وسجلت بعض المناطق ارتفاعًا بسيطًا في بدلات الإيجار بعد موجة النازحين.
يقول الطالب يوسف عادل (مرحلة الثاني المتوسط): «لقد استقبلت مدرستنا نحو 100 طالب نازح من مدن الرمادي والأنبار، وُزِّعوا على الصفوف، وقدمنا لهم المساعدة الممكنة كي يتمكنوا من اللحاق بالمنهج الدراسي، وصاروا أصدقاء لنا، وقد تعاطفنا مع معاناتهم، وهكذا فعل المدرسون».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.