المجلس المحلي في حي القدم يقفل الطرقات احتجاجًا على خرق النظام للهدنة

بين الهدن الهشّة والحصار... أهالي مناطق «ريف دمشق» يستغيثون

المجلس المحلي في حي القدم يقفل الطرقات احتجاجًا على خرق النظام للهدنة
TT

المجلس المحلي في حي القدم يقفل الطرقات احتجاجًا على خرق النظام للهدنة

المجلس المحلي في حي القدم يقفل الطرقات احتجاجًا على خرق النظام للهدنة

بين الحصار والهدن الهشّة يعيش سكان معظم مناطق ريف دمشق بين الموت برصاص الاشتباكات والنقص في الغذاء والدواء، بفعل عدم تقيّد النظام باتفاقات الهدنة التي سبق أن توصّل إليها مع المعارضة، ومزاجيته في السماح بإيصال المساعدات أو إيقافها عبر إقفال الممرات الإنسانية، وفق ما يتوافق مع مصالحه، بحسب ما يؤّكده ناشطون معارضون.
وبعد سلسلة خروق وصلت خلال عام إلى 9 حالات، أعلن المجلس المحلي في حي ‫‏القدم بالعاصمة دمشق يوم أول من أمس، إغلاق بعض الطرق احتجاجا على عدم تنفيذ النظام شروط الهدنة. وقال المجلس في بيان له: «قررنا نحن أهالي حي القدم الدمشقي إغلاق الطريق في القسم الشرقي من الحي (المادنية - العسالي - جورة الشريباتي) ومنع الدخول والخروج من وإلى المنطقة».‬
وأوضح المجلس في بيان له «أن هذا القرار جاء بسبب مماطلة النظام ومراوغته في تنفيذ شروط الهدنة، وخروقاته المستمرّة لبنودها بحيث لا تزال الإهانات مستمرة ومتعمدة لأبناء حي القدم على حواجز النظام، إضافة إلى استمرار منع دخول أبسط المواد الإنسانيّة والإغاثيّة للحيّ، مع استمرار الاعتقال التعسّفي لأبناء الحي سواء كانوا رجالا أو نساء».
وأضاف البيان أن النظام يمنع أبسط متطلبات الحياة من (ماء وكهرباء وغذاء ودواء) عن السكان الذين عادوا إلى منازلهم، أخيرا، كما أنه يواصل دائما خرق وقف إطلاق النار ويستهدف المدنيين العزل. وقبل 3 ايام، كانت المعارضة قد أعلنت عن تعرض «حي القدم» إلى قصف بقذائف تحمل «غازات سامة» أدت إلى وقوع 4 حالات اختناق.
وكان اتفاق هدنة أبرم في حي القدم بدمشق بين أهالي الحي والنظام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد مفاوضات طويلة استمرت عاما و3 أشهر. وتضمن الاتفاق حينها «التنازل عن منطقة القدم الغربي لصالح قوات المعارضة، وإخراج جميع المعتقلين من النساء والأطفال من سجون النظام، وإعادة بناء البنية التحتية وتعويض المتضررين خلال الحرب، وإعادة جميع الخدمات الأساسية إلى الحي».
ولا يختلف كثيرا الوضع في حي القدم عن مناطق عدّة في ريف دمشق كان قد حصل فيها اتفاقات هدنة بين النظام والمعارضة، وهو ما يشير إليه الناشط في الغوطة الشرقية براء عبد الرحمن، لافتا إلى أنّ كل المناطق التي شهدت اتفاقات هدنة بين النظام والمعارضة تشهد خروقا دائمة من قبل النظام، إنما بنسب متفاوتة. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «أنّ الوضع في المعضمية ومناطق جنوب دمشق يبقى الأصعب، نتيجة الخروق الدائمة التي يقوم بها النظام، إضافة إلى فتحه الممرات الآمنة يوما، وإقفالها أسبوعا، الأمر الذي يزيد من معاناة الأهالي، لا سيما أنّ عدد سكان هذه المناطق تضاعف نتيجة نزوح عدد كبير من السوريين من مناطق مجاورة إليها». ولفت عبد الرحمن إلى أنّ المناطق الواقعة شمال دمشق، لا سيما أحياء برزة والقابون وتشرين، تعيش حالة أفضل نسبيا من غرب وجنوب دمشق، لأنها تعتبر قريبة من مناطق حساسة في العاصمة دمشق».
خلال الأسبوع، أطلق أهالي معضمية الشام في ريف دمشق الغربي صرخة استغاثة منددين بما تقوم به قوات النظام بحقهم على الحواجز من إهانات وتصرفات، واصفين إياها بـ«المذلة»، وقاموا بتنظيم مظاهرات احتجاج، مطالبين بكسر الحصار المستمر منذ أكثر من 3 أشهر، إضافة إلى كف أيدي عناصر قوات النظام ومخابراته عن المدنيين الذين يبلغ عددهم نحو 40 ألف مدني وعدم السماح بدخول المواد الغذائية إليهم، بما فيها «الخبز» إلى المدينة.
كما طالبت المظاهرات القيادات العسكرية المعارضة في المدينة بضرورة العمل تحت راية عسكرية واحدة، وتشكيل جيش موحد يكون قادرا على وضع حد لتجاوزات وانتهاكات النظام السوري بحق أبناء المدينة. ولا تزال معضمية الشام ترزح تحت حصار خانق ومستمر لأكثر من 3 أشهر متواصلة من قبل الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية واللجان الشعبية، وفق ما يؤكده ناشطون، مانعين الأهالي من الخروج والدخول إلى المدينة، والسماح فقط للموظفين بذلك.
وكانت «معضمية الشام» في الغوطة الغربية، دخلت في اتفاق تهدئة مع قوات النظام نهاية عام 2013 قضى برفع الحصار عن المدينة والسماح بدخول المساعدات إليها وإعادة الخدمات للمدينة وتأهيل الطرقات والمؤسسات، لكن رغم مرور أكثر من عام ونصف على الهدنة لم تترجم هذه الوعود إلى أفعال.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».