«جمعية البستان»: «ميليشيا مسلحة» تنشط تحت قناع عمل الخير في السويداء

محسوبة على رامي مخلوف وعناصرها منشقون عن «البعث» و«القومي»

الغبار يغطي جسدي اثنين من أبناء مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق، بعد إلقاء طيران النظام براميل متفجرة (رويترز)
الغبار يغطي جسدي اثنين من أبناء مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق، بعد إلقاء طيران النظام براميل متفجرة (رويترز)
TT

«جمعية البستان»: «ميليشيا مسلحة» تنشط تحت قناع عمل الخير في السويداء

الغبار يغطي جسدي اثنين من أبناء مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق، بعد إلقاء طيران النظام براميل متفجرة (رويترز)
الغبار يغطي جسدي اثنين من أبناء مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق، بعد إلقاء طيران النظام براميل متفجرة (رويترز)

أخذت جرائم السطو والسرقة والاعتداء على الأشخاص والأملاك في الانتشار بشكل ملحوظ في السويداء منذ أن بدأ النظام تشكيل المجموعات والميليشيات الداعمة له داخل المحافظة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الجريمة إلى حد غير معهود حتى عمت أكثر مدن وبلدات المحافظة.
وأخذت تلك الجرائم منحى تصاعديًا في الآونة الأخيرة حتى إنها باتت تنفذ بشكل علني فاضح، بعيدا عن أي رادع قانوني أو أخلاقي. وخلال الأسابيع الماضية أقدم عدد من المنتسبين إلى الميليشيات التابعة للنظام وعلى رأسها ما تعرف بـ«جمعية البستان» على افتعال حوادث اشتباك بالسلاح الحي ضد السكان، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المواطنين الآمنين، في كل من بلدة المزرعة وفي أحد أحياء مدينة السويداء. كما أقدم قبل أسابيع عناصر من «البستان» على اقتحام بلدة «مجادل» مستعرضين سلاحهم في حركة وجدها أهالي البلدة استفزازًا صارخًا لهم. وعندما تم التصدي لهم أوعز إلى بعض العناصر المرتبطين بالجمعية بالهجوم على إحدى العائلات، وسرعان ما تطور الاشتباك إلى استخدام القناصات والبنادق والرشاشات، ما أدى إلى إصابة شخصين، تم نقلهما على الفور إلى المستشفى الوطني.
وترى مصادر عدّة من السويداء أن سلاح الميليشيات مسؤول عن تقويض حالة السلم الأهلي، وتكمن الخطورة في انتشاره بين أيدي أصحاب السوابق ما سيؤدي إلى نشوب حالات من الثأر بين العائلات، وبالتالي تفتيت النسيج الاجتماعي في المحافظة حيث ترتبط الأسر بعلاقات قرابة متينة.
وكانت نسبة جرائم السطو والسرقة قد زادت إلى حدود غير معهودة في الفترة الأخيرة، إذ شهدت مدينة شهبا وحدها بداية هذا العام ما يزيد على 15 حالة سرقة لسيارات، فضلا عن سرقات الوقود والتجهيزات الكهربائية للسيارات، عدا عن سرقة المنازل، ما اضطر الأهالي إلى تشكيل فرق حراسة ليلية للأحياء، وتمكنوا من القبض على عصابة سرقة للسيارات ثبت علاقتها بتلك الميليشيات، خصوصا «جمعية البستان» المحسوبة على رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد.
وذكر مصدر حقوقي معارض في السويداء أن القضاء بدا عاجزًا عن محاسبة مرتكبي تلك الجرائم رغم اكتشاف هوية الفاعلين الحقيقيين لها، ولم يحرك ساكنًا، إما لعدم قدرة الأجهزة المختصة على مجابهة سلاح تلك المجموعات، وإما نتيجة دعمها الأمني.
وكان نشاط «البستان» قد بدأ في السويداء منذ ربيع عام 2012 تحت قناع العمل الخيري بعد صحوة رامي مخلوف المزعومة، حين ادعى على شاشات التلفزة تخليه عن معظم ثروته المنهوبة وتقديمها في أعمال الخير. وسرعان ما بدأ الحاملون لمشروع «البستان» في المحافظة بتشكيل جناحها العسكري. وبرزت عمليات التسليح لعناصر انشقت عن الحزب السوري القومي الاجتماعي مع منسق للحزب، لكنهم أبقوا على اسم الحزب في حيازتهم. وفي ما بعد أخذت «البستان» بسحب عناصر من حزب البعث لصالحها، مقدمة لهم إغراءات أمنية ومالية، بدفع راتب بحدود 15 ألف ليرة سورية، ما كان يعادل حينها 300 دولار تقدم شهريا للمنتسب الواحد، شرط الانسحاب من حزب البعث وانضمامهم إلى الحزب القومي السوري الجديد، حتى بلغت أعدادهم قرابة 300 عنصر.
ورغم محاولات استقطاب الشباب من كل مدن وبلدات المحافظة فإن الجهود انصبّت على أبناء القرى الغربية المجاورة لدرعا في محاولة لاستخدامهم في تعزيزات للجيش النظامي في معاركه المندلعة في قرى درعا الشرقية.
ويطلق أهالي السويداء على مجموعة «البستان» اسم «جماعة الجوية»، لارتباطهم بأوامر فرع المخابرات الجوية في المحافظة. ويدعوهم البعض جماعة «القومي السوري»، نظرًا لأن عماد عناصره من المنشقين عن الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي عاد ليزدهر في سوريا بعيد حكم بشار الأسد ومصاهرته لآل الأخرس القوميين.
ورغم تزامن تأسيس «البستان» في وقت اشتدت فيه حالات النزوح إلى السويداء فإنها لم تقم بعمل إغاثي يذكر، واكتفت بتوزيع بعض السلال الغذائية على مناصريها، دون أن تكترث للنازحين الذين تجاوزت أعدادهم مائة ألف نازح أواخر عام 2012.
وتعتبر «جمعية البستان» مسؤولة عن مقتل عشرات الشبان من المغرر بهم، بعد أن أرسلوا للقتال على جبهات ريف دمشق ودرعا، مستغلة ظروفهم المعيشية السيئة.
وكان من اللافت انحياز عناصر «البستان» لأجهزة الأمن في أكثر من حالة صدام جمعت أهالي السويداء ضد الأجهزة الأمنية، وبرز موقف «البستان» وارتباطها الأمني بشكل جلي حين أقدم عدد من رجال الدين بداية هذا العام على تحطيم حاجز المخابرات الجوية، وبعد أيام من تلك الحادثة قامت تلك العناصر بإعادة تشييد الحاجز في تحدٍ صارخ لإرادة أهالي السويداء.
تجدر الإشارة أن معظم عناصر الدفاع الوطني كانوا قد وقفوا مع حركة رجال الدين أو على الحياد في عدد من حالات الصدام ضد الأجهزة الأمنية على عكس ما فعل عناصر «البستان».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.