الحرب تلتهم محاصيل السوريين.. والنظام يسير أول طائرة شحن محملة بالفواكه إلى الإمارات

خروج أكثر من 60% من مساحة سوريا عن سيطرة النظام قلص عائدات الدولة

الحرب تلتهم محاصيل السوريين.. والنظام يسير أول طائرة شحن محملة بالفواكه إلى الإمارات
TT

الحرب تلتهم محاصيل السوريين.. والنظام يسير أول طائرة شحن محملة بالفواكه إلى الإمارات

الحرب تلتهم محاصيل السوريين.. والنظام يسير أول طائرة شحن محملة بالفواكه إلى الإمارات

أعلن، في دمشق، عن تسيير أول طائرة شحن محملة بالفواكه من مطار دمشق الدولي إلى دولة الإمارات. وفي تصريحات صحافية قال رئيس اللجنة الزراعية في اتحاد المصدرين، إياد محمد، «إن الشحنة المذكورة تضم 35 طنا من الكرز والمشمش والخوخ والجانرك»، لافتا إلى أنه سيتم العمل على تسيير رحلات جديدة بمعدل رحلة واحدة كل أسبوع على الأقل.
وأوضح محمد أن هذا الإجراء يأتي في إطار سعي الاتحاد لاستئناف عمليات التصدير، لتجاوز عقبات إغلاق المعابر البرية، بعد أن نجح الاتحاد، خلال الشهر الماضي، بتسيير عدد من الرحلات البحرية.
وسبق أن انطلقت من ميناء طرطوس في منتصف أبريل (نيسان) الماضي أول عبارة بحرية إلى مصر، على متنها 40 شاحنة براد محملة بنحو ألف طن من التفاح. وتقتصر صادرات سوريا في الوقت الراهن على المنتجات والصناعات الزراعية والنسيج والجلد والأدوية والرخام والزهور، فقد تقلصت إيرادات الدولة على نحو كبير بعد خروج أكثر من 60 في المائة من مساحة سوريا عن سيطرة النظام، واستيلاء تنظيم داعش على مناطق شمال وشرق البلاد التي تتركز فيها حقول البترول والغاز ومناجم الفوسفات، وباتت هذه الإيرادات تقتصر على الضرائب والرسوم الجمركية والمساعدات الإيرانية.
وبحسب مصادر حكومية، فإن عائدات الدولة تقتصر في الوقت الحالي، لتتمكن من الاستمرار، على الرسوم الجمركية التي ارتفعت عام 2014 إلى قرابة 550 مليون دولار. كما أن الدولة تجني الضرائب العائدة لها قدر الإمكان.
إلا أن تقلص العائدات هذا يعوض بالدعم الإيراني الثابت للنظام وخطوط الائتمان التي فتحتها طهران، وتبلغ، بحسب المصدر، 4.6 مليارات دولار حتى اليوم.
ويأتي تنشيط خط تصدير الفواكه إلى الإمارات في وقت يعاني فيه قطاع الزراعة في سوريا من تدهور كبير، نتيجة الانفلات الأمني وهدر مياه السدود في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وسرقتها في مناطق الساحل من قبل متنفذين في تلك المناطق. وبحسب مزارعين في المناطق الساحلية، فإن متنفذين كبارا يستجرون مياه السدود في الساحل لري مزارعهم الخاصة التي تنتج محاصيل ثانوية تصلح للتصدير لا للاستهلاك المحلي، وذلك دون تنسيق أو موافقة من إدارة المياه في منطقة الساحل، مما أدى إلى استنزاف المياه وهلاك محاصيل غذائية أساسية كانت تنتج في منطقة الساحل، خلال العام الماضي. إلا أن هطول الأمطار العام الحالي، أنقذ بعض تلك الزراعات. وتشير المصادر إلى أن المستفيدين من تصدير الفواكه هم المتنفذون لا المزارعون ولا الزراعة في العموم.
في المقابل، يتهم سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، «داعش» والنظام بإحراق محاصيلهم الزراعية، وقد سجل هذا العام اتساع مساحات الحرائق في مناطق المواجهات والقصف المدفعي والجوي، والتهمت النيران مئات الدونمات من المحاصيل، خصوصًا القمح وأشجار الزيتون والفستق واللوز. فيما يؤكد ناشطون أن جزءا كبيرا من تلك الحرائق كان مفتعلا من قبل الجانبين، لا سيما النظام، حيث شهد ريف حماه ازديادا كبيرًا في عمليات إحراق الأراضي الزراعية المتعمد، لتشديد الحصار على المناطق الثائرة. وتزامنت تلك العمليات مع افتعال تنظيم داعش حرائق هائلة التهمت معظم الأراضي الزراعية في بلدة عقارب الصافية في ريف حماه الشرقي، بحسب ما قاله ناشطون معارضون في حماه. كما أكدوا أن حواجز النظام المنتشرة في عدة مناطق استهدفت الحقول الزراعية بالقذائف الحارقة لضرب محصول القمح. كما تحدث ناشطون في ريف حمص عن عمليات حرق متعمد لمساحات واسعة من بساتين التفاح والمشمش في الريف الغربي رغم عدم وجود اشتباكات هناك. ويرى ناشطون أن النظام يسعى لتدمير أي مورد يمكن أن يسهم في تحقيق اكتفاء ذاتي للسكان العالقين في المناطق المشتعلة أو المحاطة بمناطق مشتعلة.
ويشار إلى أنه ورغم تراجع سيطرة النظام إلى نحو 30 في المائة من الأراضي السورية، وتقدم «داعش» والفصائل المسلحة المعارضة في مختلف المناطق في الشمال والجنوب، لا يزال النظام يعول على الدعم الإيراني حيث تتجه حكومة دمشق إلى تنفيذ سلسلة مشاريع استثمارية كبيرة، منها إنشاء مصانع لتكرير النفط، ومحطات لتوليد الكهرباء من المتوقع أن تدخلها إيران باستثمارات ضخمة للحصول على أكبر حصة من هذه المشاريع.
وتم توقيع سلسلة الاتفاقات أخيرا بين الحكومة السورية وإيران تسمح بتدفق الاستثمارات الإيرانية لتمويل مشاريع عدة، تهدف إلى توسيع آفاق التعاون في إطار استراتيجي بعيد المدى، ويشمل النفط والغاز والاستكشاف والاستخراج، وكذلك مجال الكهرباء لجهة الصيانة وإنشاء محطات توليد جديدة ومراكز تحويل وشبكات كهربائية، فضلاً عن القطاع الصحي وإنشاء مصانع جديدة للأدوية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».