الأكراد يسيطرون على 14 بلدة بالحسكة و«داعش» يفرج عن سيدتين من الطائفة الآشورية

مدير «الشبكة الآشورية»: قد يكون إشارة لاستئناف المفاوضات وإطلاق سراح الباقين

كنيسة القديس مار بيشوع في قرية تل شاميرام الآشورية سويت بالأرض تماما من قبل «داعش» (الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان)
كنيسة القديس مار بيشوع في قرية تل شاميرام الآشورية سويت بالأرض تماما من قبل «داعش» (الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان)
TT

الأكراد يسيطرون على 14 بلدة بالحسكة و«داعش» يفرج عن سيدتين من الطائفة الآشورية

كنيسة القديس مار بيشوع في قرية تل شاميرام الآشورية سويت بالأرض تماما من قبل «داعش» (الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان)
كنيسة القديس مار بيشوع في قرية تل شاميرام الآشورية سويت بالأرض تماما من قبل «داعش» (الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان)

سيطر مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية على 14 بلدة آشورية في شمال شرقي سوريا كانت تحت سيطرة تنظيم داعش منذ نحو ثلاثة أشهر، ما يزيد من الخسائر التي مني بها التنظيم في الفترة الأخيرة ويفتح الطريق أمام تقدم الوحدات باتجاه محافظة الرقة، فيما لا يزال أهالي هذه البلدات يخشون العودة إليها بعد أنباء عن تلغيم التنظيم للمنازل. في غضون ذلك، أكّدت مصادر عدّة إطلاق سراح سيدتين من الطائفة الآشورية كانتا قد اختطفتا عند شن التنظيم الهجوم على قرى آشورية بريف بلدة تل تمر.
وبينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ الإفراج عن السيدتين جاء نتيجة «سوء وضعهما الصحي»، أوضح أسامة ادوارد، مدير الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان، أنّ السيدتين كبيرتان في السنّ لكن إطلاق سراحهما قد يكون إشارة إلى إعادة استئناف المفاوضات للإفراج عن الآشوريين الذين كانوا قد اختطفوا على أيدي التنظيم في شهر فبراير (شباط) الماضي. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «كانت المفاوضات قد توقفت مع التنظيم قبل نحو شهر ونصف الشهر بعد مطالبته بدفع مائة ألف دولار عن كل مخطوف لديه»، مشيرا إلى أنّ عدد المخطوفين كان 235 شخصا في البداية، وأصبح اليوم 210. بعد الإفراج عن عدد منهم.
وفي إطار تقدّم الأكراد في الحسكة، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «تمكن مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية بالتعاون مع قوات حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني، من استعادة السيطرة على 14 بلدة آشورية في محافظة الحسكة، بعد اشتباكات عنيفة ضد مقاتلي داعش استمرت عشرة أيام، وانتهت بطردهم من المنطقة»، مشيرا إلى أنّ السيطرة على بلدة المبروكة تفتح الطريق أمام تقدم وحدات حماية الشعب باتجاه محافظة الرقة معقل «داعش»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ الهدف التالي للأكراد هو «تل أبيض» التي يسيطر عليها التنظيم على الحدود التركية. ورأى أسامة ادوارد أنّ هناك مبالغة في تصوير الأكراد وكأنّهم شركاء في الحرب على الإرهاب، معتبرا أنّ ضربات التحالف الدولي هي التي تقف خلف استعادة السيطرة على البلدات في الحسكة، وأوضح: «قوات التحالف نفذت ضرباتها على مواقع التنظيم ووحدات الحماية دخلت إلى المنطقة من دون أي معركة أو مواجهات على الأرض».
في المقابل، ذكرت شبكة «الدرر الشامية» نقلا عن مصادر محلية، أن اشتباكات عنيفة اندلعت عقب اقتحام وحدات الحماية بلدة المبروكة غرب مدينة رأس العين، بالتزامن مع غارات جوية من التحالف الدولي على مواقع التنظيم، وقد تمكن المقاتلون الأكراد من السيطرة على صوامع البلدة ومحطة الوقود فيها، إضافة إلى جميع أحياء البلدة، بعد قتل وجرح العشرات من عناصر التنظيم وفرار الباقي.
وأشارت المصادر إلى أن الوحدات تقدمت غربا باتجاه مدينة تل أبيض، وتمكنت من السيطرة على عدد من القرى والمزارع غرب بلدة المبروكة.
وشن التنظيم في 23 فبراير الماضي هجوما استهدف منطقة الخابور التي تضم 35 بلدة آشورية وتمكن من السيطرة على 14 بلدة وفق المرصد، ما دفع آلاف الآشوريين إلى النزوح خوفا.
وأشار المرصد من جهته إلى «ضربات عنيفة وكثيفة نفذتها طائرات التحالف العربي الدولي، التي عمدت إلى قصف تمركزات وتجمعات التنظيم ومقراته قبل قيام مقاتلي وحدات الحماية والمقاتلين الداعمين لها بتمشيط المنطقة». وقبل ذلك، ساعدت غارات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن المقاتلين الأكراد على طرد تنظيم داعش من مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود السورية التركية في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتظهر صور حصلت عليها الشبكة الآشورية «دمارا كبيرا لحق بالمنازل والكنائس الموجودة في البلدات الآشورية التي كانت تحت سيطرة داعش». وأشار ادوارد إلى «خشية عدد كبير من الأهالي من العودة إلى قراهم بعد أنباء عن تلغيم التنظيم للمنازل».
ويبلغ عدد الآشوريين الإجمالي في سوريا نحو ثلاثين ألفا من بين 1.2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من الحسكة، وكان نحو خمسة آلاف آشوري قد فروا من البلدات المحيطة بنهر خابور بعد هجوم التنظيم قبل ثلاثة أشهر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.