المعارضة أطلقت «معركة تمهيدية» لتحرير حلب.. و«داعش» يتقدم في «توقيت مشبوه»

قواتها شكلت أخيرًا «غرفة تحرير حلب» تجهيزًا لبداية عمليات عسكرية ضخمة

رجل من سكان عربين بريف دمشق يحاول إطفاء حريق في بيته نتج عن غارة جوية من طيران النظام (رويترز)
رجل من سكان عربين بريف دمشق يحاول إطفاء حريق في بيته نتج عن غارة جوية من طيران النظام (رويترز)
TT

المعارضة أطلقت «معركة تمهيدية» لتحرير حلب.. و«داعش» يتقدم في «توقيت مشبوه»

رجل من سكان عربين بريف دمشق يحاول إطفاء حريق في بيته نتج عن غارة جوية من طيران النظام (رويترز)
رجل من سكان عربين بريف دمشق يحاول إطفاء حريق في بيته نتج عن غارة جوية من طيران النظام (رويترز)

قالت مصادر المعارضة السورية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الحكومية باتت واقعة بين «فكي كماشة»، من جهة مقاتلي المعارضة الذين أعلنوا قبل 3 أيام «غرفة تحرير حلب»، وبدأوا بعمليات تمهيدية لـ«المعركة الكبرى للسيطرة على المدينة»، ومن جهة أخرى: «تنظيم داعش الذي بدأ عملياته من شرق المدينة»، وتمكن من السيطرة على القسم الثالث من المدينة الصناعية في منطقة الشيخ نجار شرق المدينة.
وفيما أطلق تنظيم «داعش» معركته أيضًا، بموازاة المعركة التي أطلقتها المعارضة في الأحياء القديمة وشمال المدينة، رسم معارضون علامات استفهام حول توقيت المعركة، إذ قال عضو المجلس الوطني الثوري حسان النعناع، لـ«الشرق الأوسط»، بأن التوقيت «مشبوه»، متسائلاً عن أسباب «قتال النظام طوال أكثر من عام لقوات المعارضة، فيما أمن ظهره لتنظيم داعش في شرق المدينة»، مستدلاً إلى «معطيات سياسية تتحدث عن تقاطع المصالح بين النظام وداعش، وهو ما بدا من انسحابه من تدمر، بينما قاتل حتى الرمق الأخير على مستشفى جسر الشغور».
غير أن مصدرا معارضا بارزا، قال: إن «داعش» أطلق معركته في شرق حلب، بالتزامن مع معركة أخرى في مطار كويريس بدأت قبل أربعة أسابيع: «لأنه بحث عن نقطة رخوة، تمثلت في سحب النظام عشرات المقاتلين إلى جبهتي إدلب وجسر الشغور، فاستغل الوضع لشن هجمات وتحقيق إنجازات»، في حين «تشكلت غرفة عمليات تحرير حلب للسيطرة على المدينة، وطرد القوات النظامية منها». وقال: إن «داعش» أراد «أن يظهر لبعض المقاتلين المغرر بهم في صفوفه، بأنه يقاتل النظام، ولا مشروع آخر له».
ويتقاسم نظام الرئيس السوري بشار الأسد وفصائل المعارضة السيطرة على مدينة حلب، حيث تسيطر المعارضة على أحيائها الشرقية، وتحاصر مداخلها من الشمال، بينما يسيطر النظام على جنوب وغرب المدينة التي كانت تعتبر العصب المالي للبلاد قبل الأزمة. وتأتي المعركة، بعد أسابيع على إطلاق المعارضة هجمات واسعة للسيطرة على كامل محافظ إدلب الواقعة غرب حلب، والسيطرة فعليًا على مدينتها ومدينة جسر الشغور الاستراتيجية.
وقال النعناع لـ«الشرق الأوسط» إن «غرفة تحرير حلب» تشكلت من أغلب الفصائل العسكرية المعارضة، وانضمت إلى باقي الفصائل المقاتلة ضد القوات النظامية: «بهدف تحرير المحافظة بالكامل من قوات النظام»، مشيرًا إلى أن «الإنجازات الأولى، تمثلت في التقدم على محور المدينة القديمة، حيث حرر مقاتلو المعارضة عددًا من المواقع العسكرية، بينما تمكنوا من قطع طريق حيلان عن مخيمات حندرات، وبالتالي قطع خطوط الإمداد عن السجن المركزي وباشكوي» في شمال المدينة، مشددًا على أنها «عملية تجهيز لبداية عمليات عسكرية ضخمة». وقال: إن الإنجاز الثالث «تمثل في حل العقدة الموجودة عند منطقة الشيخ سعيد، ما ساعد المقاتلين المعارضين على قطع خطوط الإمداد بين مطار حلب والأكاديمية العسكرية».
وقال ناشطون في حلب إن معارك ضارية اندلعت في حيي الشيخ سعيد والراموسة، كما تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على كتلة المعامل بمحيط مخيم حندرات.
هذا، وأوضح عمر سلخو، القائد العسكري في تجمع «فاستقم كما أمرت»، أحد فصائل المعارضة السورية، أن التحضيرات في غرفة عمليات «فتح حلب»، لا تقتصر على الجانب العسكري، بل تشمل الجانب الإنساني والأمني، لافتًا إلى أن أكثر من 20 ألف مقاتل منضوون في الغرفة، إلى جانب عشرات الدبابات والآليات الثقيلة.
وأفاد سلخو في تصريحات لوكالة «أناضول» التركية أمس، بأن «الجانب الإنساني والأمني للغرفة، يتكون من وحدات طبية ووحدات الإغاثة والإدارات المحلية والوحدات الأمنية، لافتًا إلى أن «معركة حلب ستكون معركة كبيرة جدًا، وأن فصائل الغرفة تنسق بأعلى مستوى للاستعداد لإخلاء المدنيين، الذين قد ينزحون جماعيًا جراء قصف النظام، إلى جانب تحضير ملاجئ، وتهيئة الوحدات الأمنية لحماية ممتلكات المدنيين عند نزوحهم»، كما تعهد بحماية المسيحيين وممتلكاتهم، بعد إحكام سيطرتهم على المدينة، واعتبر ذلك واجبا دينيًا، مشيرًا إلى «أنهم تواصلوا مع المسيحيين، وخاصة الأرمن، لتطمينهم، لكنهم لم يتلقوا منهم ردًا بعد».
في هذا الوقت، تواصلت الاشتباكات بين قوات النظام، ومقاتلي «داعش» الذين يهاجمون مطار كويريس العسكري في ريف حلب، والمستمرة منذ أربعة أسابيع، في محاولة التنظيم للسيطرة على المطار العسكري. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بوقوع اشتباكات في محيط المطار والمحاصر من قبل عناصر التنظيم،.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».