وزير الإعلام السوداني: نجدد دعوة الرئيس البشير للمعارضة من أجل الحوار

أحمد بلال قال لـ«الشرق الأوسط» إن عملية «إعادة الأمل» أحيت التضامن العربي وأصبحت نموذجًا يمكن الاستفادة منه في سوريا

وزير الإعلام السوداني أحمد بلال خلال حضوره اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة
وزير الإعلام السوداني أحمد بلال خلال حضوره اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة
TT

وزير الإعلام السوداني: نجدد دعوة الرئيس البشير للمعارضة من أجل الحوار

وزير الإعلام السوداني أحمد بلال خلال حضوره اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة
وزير الإعلام السوداني أحمد بلال خلال حضوره اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة

جدد وزير الإعلام السوداني أحمد بلال في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» دعوة الرئيس عمر البشير للمعارضة بما في ذلك الفصائل المسلحة، للجلوس على مائدة حوار وطني، مؤكدا أن الخطوة القادمة بعد حفل تنصيب الرئيس البشير مباشرة الشهر المقبل هي تجديد دعوة لمعارضة من أجل الحوار والتفاهم، لافتا إلى أنه في مقدمة الأولويات الترحيب بعودة الجميع من الخارج. وقال بلال إن عملية «إعادة الأمل» في اليمن أحيت التضامن العربي، وأصبحت نموذجا يمكن الاستفادة منه في سوريا في حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
ووصف وزير الإعلام السوداني القرارات التي اتخذها وزراء الإعلام العرب في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتطوير الخطاب العربي بـ«غير الكافية»، مؤكدا ضرورة دمج الإعلام الخاص داخل منظومة العمل العربي في إطار معادلة الحرية والمسؤولية.
وحول العلاقة بين بلاده وجنوب السودان، أشار بلال إلى جملة من القضايا المعلقة، مشددا على أن الخرطوم ترى أن عدم الاستقرار في دولة الجنوب يضر كثيرا بالشمال، مرجحا عقد لقاء رئاسي بين الرئيس البشير وسلفا كير في الخرطوم في حفل تنصيب الرئيس. وإلى أهم ما جاء في الحوار:
* هل القرارات التي اتخذها وزراء الإعلام العرب كافية في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتطوير الخطاب العربي، وما هي رؤيتكم في هذا الشأن؟
- القرارات غير كافية، ومفترض أن يكون هناك أمران آخران يكملان ما اتفقنا عليه، هما الالتزام السياسي من قبل زعماء ورؤساء هذه الدول بضرورة التحرك الجماعي من أجل منع الخطر الذي يهدد الجميع، ومشكلة الإعلام الخاص الذي يهيمن على نسبة 80 في المائة من الحراك الكلي، في حين نجد نسبة قليلة من الوجود أو التمثيل في مثل هذا الملتقى للإعلام الخاص وبالتالي لا بد من صيغة أو وسيلة تمكن الإعلام الخاص من أن يكون جزءا من الحراك الكلي، لكي يساهم في الحفاظ على الأمن القومي للدولة، خصوصا في هذا المنعطف الخطير الذي تمر به المنطقة، وبهذا التكامل يكون هناك وضوح في الرؤية، والتزام بميثاق الشرف لتنسيق بين الدول، والقصد هنا لا يستهدف تكميم الحريات وإنما مساحات كبيرة منها، لكن المطلوب هو التوازن بين الحرية والمسؤولية.
* كيف يمكن التعامل مع وسائل الإعلام التي تروج للإرهاب، والمنابر الأخرى التي تحمل أجندات سياسية تضر أيضا بالأمن القومي العربي؟
- الإرهاب لا يمكن محاربته بمجهودات أمنية بحتة، ولا بد من وجود آليات أخرى مكملة ومن بينها الإعلام، وهو أخطر وسيلة بعدما ثبت استخدامه في الترويج ونشر الأفكار الهدامة، ولذلك لدينا مهمة التأكيد على عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى، وكذلك الاهتمام بتأثير مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصة للاستقبال والإرسال، وكل هذا يجب وضعه في الاعتبار عندما نعمل وننسق معا في هذا الشأن.
* أشرت خلال اجتماعات الجامعة العربية إلى أن «عاصفة الحزم» هي عاصفة حق، وأشدت بدورها، كيف ترى عملية «إعادة الأمل» في ما يتعلق بالأزمة اليمينية؟
- عملية «إعادة الأمل» بداية إعادة الروح في العمل العربي الجماعي بشقيه العسكري والسياسي. وأعتقد أن هذا يعد مثالا جيدا لإعادة الأمل للأمة العربية، ونموذجا لتجمع عربي مهم، يضم دولا عربية توافقت على إرجاع الحق ومكافحة انقلاب واضح المعالم، ونجاح هذا النموذج يشجع على قيام القوة العسكرية العربية المشتركة التي أقرتها القمة العربية الأخيرة، وفق رؤى متفق عليها لكي تكون آلية عربية مهمة بشقيها السياسي والعسكري لحل الأزمات المتراكمة في المنطقة العربية على سبيل المثال في سوريا حال سقوط النظام، إذ ستحدث مشكلة حول اختلاف الرؤية لنظام جديد، وفي تقديري أن «إعادة الأمل» صيغة مهمة لأننا فقدنا صيغ العمل العربي المشترك، وقد اختفى من المشهد بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وقد حان الوقت لأن تعود إمكانيات العرب السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية، والتي لو اجتمعت لأصبحت قوة مهيبة ولها وزنها، خصوصا بعد أن ثبت فشل الحلول التي تأتي من الخارج وعدم قدرة تلك الحلول على فهم عواقب وتداعيات تراكم المشكلات التي تعاني منها المنطقة.
* الرئيس البشير قام بزيارة للسعودية مؤخرا، ما أبرز النتائج؟
- الزيارة جاءت في إطار التشاور المستمر بيننا وبين السعودية، وكذلك بيننا وبين مصر، عادة هذه الزيارات تنسيقية حول ما يستجد من أمور ملحة وهامة وعاجلة وكذلك تدارس الوضع في حال فشل المساعي لعقد مؤتمر اليمن، وقد يكون هناك حاجة للهجوم البري وهذه المسألة بالنسبة إلينا تشكل خطوة كبيرة يجب الاستعداد لها والتنسيق الجيد.
* هل تقصد أنه قد يتطلب الأمر تدخلا بريا في اليمن إذا ما فشلت مساعي الحل السياسي؟
- أكيد، هذه الحرب لن تنتهي بمجرد نهاية «عاصفة الحزم»، العمل العسكري الجوي، لأنه معروف أن هذا الإجراء قد يشل حركة القدرات المهددة لدول الجوار والمعدات الثقيلة، لكنه لا يحسم الصراع.
* هل الوضع يحتاج إلى قوات حفظ سلام لفرض الأمن في اليمن؟
- في نهاية المطاف إذا لم تنجح المساعي الحثيثة والضاغطة للوصول إلى حوار يمني وطني يتراضى فيه الجميع على حكم بلادهم لا بد من هذا التدخل.
* ماذا بعد تنصيب الرئيس السوداني عمر حسن البشير في بداية الشهر المقبل؟ وما أولويات الرئيس في الولاية الجديدة؟
- بداية الانتخابات الرئاسية التي جرت في السودان تمت في ظل تحديات كبيرة، وقد دعونا إلى حوار وطني سوداني وجهزنا له، وكان من المؤمل أن يعقد بمشاركة الجميع بما في ذلك حاملو السلاح، ولكن لأسباب كثيرة ومتداخلة لم يتم ذلك، والوضع الراهن يساعد على إجراء الحوار، وبكل ما يستحقه من التزامات، بما في ذلك وقف إطلاق النار المتبادل بين الحكومة والحركات المسلحة ووقف العدائيات. واليوم السجون السودانية خالية من النزلاء السياسيين، ولا يوجد لدينا أي معتقل سياسي، والحريات متوفرة للجميع، وقد طبقنا هذا في قطاع الإعلام، وهناك محكمة مختصة تقوم بالفصل ما بين الصحافيين والدولة والمواطنين، لذلك نحن نرى أن الخطوة القادمة بعد حفل تنصيب الرئيس البشير مباشرة هي تجديد دعوة الرئيس لمعارضة من أجل الحوار والتفاهم، وسيكون هنالك كثير من الأولويات وفي مقدمتها الترحيب بعودة الجميع من الخارج.
* هل الدعوة إلى الحوار تشمل أيضا الصادق المهدي زعيم حزب الأمة؟
- نعم، الصادق المهدي الذي يريد أن يحل مشكلات العالم كله، وهو مرحب به إن أراد أن يعود، ومكانه محفوظ في الحوار، ونعلم جيدا أن المراهنة على الحلول الأمنية أصبحت غير ذات جدوى وآخرها ما تم قبل شهر من الإعداد لمحاولة تغيير النظام بالقوة، وقد فشلت لأن الاستعدادات الشعبية والأمنية والقوات المسلحة بكامل الجاهزية لكبح أية محاولات عسكرية في هذا الشأن. والآن التمرد في دارفور قد انحسر تماما عدا جيوب صغيرة تقوم بعمليات سلب ونهب، كذلك الأوضاع في النيل الأزرق، وكذلك جنوب النوبة وجنوب كردفان، ونرى أن السلام والاستقرار يأتيان عبر الحوار وتقبل الآخرين، وهذه دعوة ممتدة سيجددها الرئيس بكل الضمانات اللازمة.
* ماذا عن العلاقة مع الجنوب والاتهامات المتبادلة عن دعم معارضين وكذلك القضايا العالقة بينكما؟
- لدينا جملة من القضايا المعلقة تتمثل في بعض المناطق في أبيي والحدود وإشكالات أخرى بالنسبة لنا في الجنوب تحل عن طريق التفاوض. ونرى أن عدم الاستقرار في دولة الجنوب يضر بنا كثيرا والحركات المسلحة في دارفور انطلقت من الجنوب وتم تسليحها من هناك، أما دولة السودان فهي لا تؤدي أي معارضة مسلحة ضد الجنوب وإنما نأمل ونسعى إلى حل مشكلاته، ورغم ذلك فإن كل قيادات المعارضة المسلحة لدولة السودان تنطلق من دولة الجنوب، وهي حقائق وليست مجرد اتهامات. ونرى أنه من مصلحة الجنوب أن يكون هناك سلام كامل بيننا وبينهم وعدم إيواء متمرد من الطرفين، وهذا ما نؤمن به. والسودان له دور أساسي في المقاربة ما بين الفرقاء في دولة الجنوب وصولا إلى سلام. ومؤخرا حدث تمرد جديد من داخل الحركة الشعبية وأحد الجنرالات تمرد واحتل مدينة ملكال، ونرى أن هذه الحروب القبلية ليست من مصلحة الطرفين. ونحن لسنا سعداء بذلك، لأن وجود السلاح والانفلات كلها إجراءات سلبية تحملنا مسؤولية كبيرة في الشمال بسبب حركة النزوح من الجنوب إلى الشمال، وبالتالي من مصلحتنا أن تعيش دول الجوار في سلام، وسبق وأن تضررنا من النزاع التشادي.
* كيف يتم معاملة أهل دولة الجنوب من النازحين؟
- نعاملهم كمواطنين وليس كنازحين أو لاجئين وتقدم لهم الخدمات ثم يخيرون في التحرك كي يذهبوا حيث شاءوا ولم نخصص لهم معسكرات.
* هل سيعقد لقاء قمة بين رئيسي السودان وجنوب السودان؟
- الاتصالات قائمة ونحن دعونا سلفا كير في حفل تنصيب الرئيس وسيأتي إلى دولة السودان، وأتوقع عقد لقاء بين الرئيسين ونأمل خيرا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.