هل تتبنى أستراليا مشروعا لسحب الجنسية لتكافح الإرهاب؟

هل تتبنى أستراليا مشروعا لسحب الجنسية لتكافح الإرهاب؟
TT

هل تتبنى أستراليا مشروعا لسحب الجنسية لتكافح الإرهاب؟

هل تتبنى أستراليا مشروعا لسحب الجنسية لتكافح الإرهاب؟

أعلن رئيس الحكومة الاسترالية توني ابوت اليوم (الاحد)، أن بلاده تتحضر لتبني مشروع جديد لمكافحة الارهاب، من المتوقع أن يتضمن سحب الجنسية من حاملي جوازي سفر في حال تورطهم بالارهاب.
وقد تؤثر خطة سحب الجنسية، التي كُشف عنها في فبراير (شباط)، على الجيل الثاني من الاستراليين، من أصول اجنبية، من الذين يحملون جواز سفر واحدا.
إلى ذلك، أعلن المدعي العام جورج برانديس اليوم، أن القلق من تطرف الشبان الاستراليين عن طريق الانترنت، دفع بالحكومة إلى النظر في برنامج «مراقبة المتطرف» في المدارس، حيث يدرب المدرسون والتلامذة لتحديد أي سلوك متطرف. قائلا لصحيفة "هيرالد صن" ان «الحكومة تعمل مع المنظمات المدنية وحكومات محلية اخرى في البلاد لتطوير وسائل تعليمية والتدريب على تحديد الاشخاص (المتطرفين) وابعادهم عن ايديولوجيات الكراهية».
كما أشار ابوت في حديث مع الصحافيين إلى أنّه «طالما سحبت الجنسية تلقائيا من أي شخص يخدم في القوات المسلحة لدولة اخرى في حرب مع استراليا». متابعًا أن «الاشخاص الذين يقاتلون مع المجموعات الارهابية خارج البلاد أو المتورطين في نشاطات ارهابية هنا في استراليا يحملون في وجهنا السلاح. ومن الصعب جدا أن نتخيل بقاء هؤلاء الذين يحاولون تدميرنا في بلادنا».
وكانت أستراليا قد رفعت في سبتمبر (أيلول) 2014، مستوى الانذار ضد الارهاب حيث أكدت الشرطة احباط عدة محاولات لتنفيذ هجمات في الاشهر الاخيرة. كما اتخذت اجراءات قاسية تجاه المواطنين المتطرفين، خصوصا بعد توجه أكثر من 100 استرالي إلى العراق وسوريا للقتال إلى جانب المتطرفين.
ونفى ابوت الثلاثاء أي تساهل مع المتطرفين العائدين إلى استراليا بعد تقارير حول ثلاثة مواطنين، يشتبه بأنهم قاتلوا إلى جانب تنظيم «داعش»، يتفاوضون مع الحكومة بشأن عودتهم.
ويستأنف غدا تحقيق في احتجاز متطرفٍ معروف لدى الاجهزة الامنية في ديسمبر (كانون الاول)، 17 شخصا داخل مقهى في سيدني. وقتل في الحادث اثنان من الرهائن فضلا عن المسلح الايراني الأصل معن هارون مونس.
ومن المفترض أن يركز التحقيق خلال الاسبوعين الاول والثاني، على خلفية مونس.
فيما رفض ابوت الرد على تقارير إعلامية نشرت الخميس، بأن حكومته تدرس احتمال سحب الجنسية من الجيل الثاني من الاستراليين، من أصول اجنبية ومن حاملي جوازا واحدا، في حال وجدت أي علاقة تربطهم بالارهاب. مشيرًا إلى أن تفاصيل اضافية حول التعديلات القانونية ستنشر خلال أيام.
ومن شأن اجراءات من هذا النوع أن تجبر المواطنين على أن يحصلوا على جنسية والديهم الاصلية، وفق صحيفة «ذي استراليان».
ونقلت الصحيفة عن وزير الهجرة بيتر دوتون، أن الذين تسحب منهم الجنسية سيخسرون أيضا حقوق مواطنة اخرى، من بينها التصويت والخدمات الاجتماعية ومخصصات حكومية اخرى. قائلة إن «250 استراليا على الاقل، بعضهم صغار السن، وقعوا في شرك ايديولوجية الشر والموت التابعة لتنظيم داعش». مضيفًا أنّ وكالة الاستخبارات المحلية تجري «ما يفوق عن 400 تحقيق في اطار مكافحة الارهاب».
وكانت استراليا اعتمدت اجراءات عدة لحماية الأمن القومي خلال الاشهر الماضية، وتتضمن تجريم السفر إلى مناطق ينتشر فيها الارهاب كما تستلزم شركات الاتصالات الحفاظ على السجلات الهاتفية للمواطنين لعامين.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».