مجلس الأنبار: العبادي قَبِل بدخول النازحين إلى بغداد ونقل من يرغب إلى كردستان

القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي تستعيد مناطق شرق الرمادي من «داعش»

نازحون من الرمادي يعبرون {جسر بزيبز} على نهر الفرات في طريقهم إلى بغداد (أ.ب)
نازحون من الرمادي يعبرون {جسر بزيبز} على نهر الفرات في طريقهم إلى بغداد (أ.ب)
TT

مجلس الأنبار: العبادي قَبِل بدخول النازحين إلى بغداد ونقل من يرغب إلى كردستان

نازحون من الرمادي يعبرون {جسر بزيبز} على نهر الفرات في طريقهم إلى بغداد (أ.ب)
نازحون من الرمادي يعبرون {جسر بزيبز} على نهر الفرات في طريقهم إلى بغداد (أ.ب)

أعلن عضو مجلس محافظة الأنبار، أركان خلف الطرموز، عن قبول دول مجاورة وأخرى إقليمية باستضافة نازحي الأنبار كلاجئين في دولها. وقال الطرموز في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك كثيرًا من الدول الإقليمية والمجاورة للعراق أبلغتنا بقبول استضافة نازحي الأنباء في دولها، ومن هذه الدول الأردن، والجارة تركيا، ودول أخرى، إضافة للترحيب المستمر من قبل حكومة إقليم كردستان التي ترحب بنازحي الأنبار في كل وقت، رغم استضافتها لملايين من النازحين من مختلف المحافظات التي سيطر عليها تنظيم داعش».
وأضاف الطرموز أن «أوضاعًا مأساوية تعيشها العائلات النازحة من الأنبار في ظل نقص في الغذاء والدواء وتسكن العراء تحت لهيب الشمس الحارقة في أجواء وصلت فيها درجات الحرارة إلى ما يقارب الـ50 درجة مئوية؛ حيث تفشت بين النازحين الأوبئة والأمراض، وهناك حالات وفاة بين النساء والأطفال وكبار السن؛ الأمر الذي يتطلب حلاً عاجلاً لإغاثتهم». وأشار الطرموز إلى أن «المجلس يتكفل بعدم اندساس عناصر تنظيم داعش بين صفوف العوائل النازحة في ظل الإجراءات التي تتخذها القوات الأمنية».
في غضون ذلك، أعلن رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وافق على عبور نازحي الأنبار من بغداد نحو كردستان جوًا. وقال كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «محافظ الأنبار صهيب الراوي استحصل موافقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على فتح جسر بزيبز لعبور نازحي الأنبار نحو محافظات إقليم كردستان أو السماح لهم بالبقاء في العاصمة ووجه بذلك». وأضاف كرحوت أن «وسائط نقل سيتم توفيرها لنقل النازحين إلى مطار العاصمة بغداد من أجل نقلهم جوًا إلى إقليم كردستان في حال رغبتهم بذلك أو نقلهم إلى مناطق النزوح في العاصمة بغداد».
وردًا على تصريحات كرحوت، قال ديندار زيباري، نائب مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان لشؤون المنظمات الدولية، لـ«الشرق الأوسط»: «الكل يعلم أن إقليم كردستان لا يمتلك الطاقة لاستقبال النازحين واللاجئين، لكن القيادة السياسية في الإقليم كانت ولا تزال تلبي دعوة كل من يطلب مساعدتها، وحملت على عاتقها هذه المسؤولية الأخلاقية حتى إنها قدمت هذه المسؤولية على مصالحها الداخلية في أكثر الأحيان».
وتساءل زيباري: «ما هي الآلية التي ستتبعها بغداد في مساعدة هؤلاء النازحين؟ وكيف ستتم عملية إيوائهم عند وصولهم إلى كردستان؟»، مشيرًا إلى أن الإقليم لن يقف بوجه قدوم هؤلاء النازحين، لكن يجب معرفة كيفية التنسيق في هذا المجال، مؤكدًا بالقول: «أبواب الإقليم لم ولن تكون مغلقة في أي وقت من الأوقات بوجه النازحين، لكن مسألة فتح الباب شيء والآلية المتبعة لإيوائهم شيء آخر، فنحن لا نملك الآلية المتمثلة بإنشاء مخيمات ثابتة ومؤقتة لهم ونحتاج إلى إمكانيات في هذا المجال؛ لذا فإن المسألة معقدة. عمومًا سياسة قيادة الإقليم واضحة، فهي دائما كانت مع هؤلاء المواطنين وفتحت الطريق أمامهم».
يذكر أن قيادة عمليات بغداد قررت الثلاثاء السماح لنازحي الأنبار بالدخول إلى العاصمة عبر جسر بزيبز بشرط وجود كفيل.
من ناحية ثانية, استعادت القوات العراقية، التي شنت هجوما بمساندة فصائل الحشد الشعبي، السيطرة على منطقة تقع شرق مدينة الرمادي في هجوم مضاد هو الأول منذ سقوط مدينة الرمادي في يد تنظيم داعش الأسبوع الماضي
وقال عقيد في الشرطة العراقية: «انطلقت أول عملية عسكرية بعد سقوط مدينة الرمادي لتحرير منطقة حصيبة»، مؤكدًا أن «حصيبة بالكامل باتت تحت سيطرة القوات العراقية التي توجهت لتحرير منطقة جويبة المجاورة». وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «العملية يشارك فيها الجيش وقوات التدخل السريع والشرطة الاتحادية والمحلية والعشائر بمساندة قوات الحشد الشعبي وتسير بتقدم كبير».
بدوره، كشف الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية في العراق عن دخول «لواء العقرب» التابع لقوات الشرطة الاتحادية في عمليات تحرير مدينة الرمادي. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أفواج آلية مدرعة وقوات المشاة وقوات التدخل السريع التابع للشرطة الاتحادية وكذلك لواء العقرب ستشارك في عمليات استعادة السيطرة على مدينة الرمادي»، مشيرًا إلى وصول قوات أخرى إلى قاعدة الحبانية العسكرية «تمثلت في خمسة أفواج من قوات الرد السريع، وتحركت قوات الشرطة الاتحادية وقطعات أخرى من الجيش وقوات الحشد الشعبي والرد السريع من قاعدة الحبانية إلى قضاء الخالدية ثم الاتجاه إلى منطقة حصيبة الشرقية تمهيدًا لدخول القوات المشتركة إلى مدينة الرمادي وتحريرها».
بدوره، دعا مجلس محافظة الأنبار القوات الأمنية إلى شن ضربات استباقية على تجمعات ومقرات مسلحي تنظيم داعش قبل توغلهم في مناطق أخرى شرق الرمادي. وقال فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الأمني في مدن الأنبار خطير جدا وعلى القيادات الأمنية في الجيش والشرطة شن هجمات استباقية على مواقع تجمع مسلحي تنظيم داعش في وسط مدينة الرمادي قبل توغلهم وتمركزهم في مناطق أخرى شرق المدينة». وأضاف العيساوي أن «مسلحي التنظيم وخلال سيطرتهم على مدن الأنبار ولا سيما الفلوجة والقائم وهيت وراوه وعانه ومدن أخرى منذ أكثر من عام وخمسة أشهر توغلوا وتمددوا وتمركزوا في تلك المناطق، مما يجعل تطهيرها صعبًا في الوقت الحالي»، مشيرًا إلى أن «تنظيم داعش في الرمادي يعمل على تمركز عناصره وإرسال التعزيزات إليهم من سوريا والمدن الأخرى وهذا ما يجعلنا في قلق كبير».
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وواشنطن يعارضان انتشار فصائل الحشد الشعبي التي تربطها علاقات وثيقة بإيران في محافظة الأنبار، خصوصا بعد تسجيل خروقات في إطار حقوق الإنسان. لكن على أية حال، فإن استراتيجية الدعم الجوي الذي يقدمه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فشل في منع تقدم تنظيم داعش. ويقول مدير مجموعة يورواسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ايهم كامل: «في الوقت الحاضر الحشد هو أفضل رهان بالنسبة للعبادي، ولا أعتقد أن لديه الكثير من الخيارات».
وإثر سقوط الرمادي أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد إعادة النظر في استراتيجيتها المعتمدة منذ أشهر ضد تنظيم داعش، في حين أعلنت وزارة الداخلية العراقية إعفاء قائد شرطة محافظة الأنبار من مهامه. واستخدمت في بعض الهجمات شاحنات ضخمة وجرافات مدرعة بلوحات حديد ومحملة بأطنان من المواد المتفجرة والتي عادة ما تؤدي إلى وقوع انفجارات هائلة تسبب انهيار مبان كبيرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».