الرئيس المصري: على الغرب أن يراعي طبيعة ظروف المنطقة

السيسي يشارك في اجتماعات المنتدى الاقتصادي بالأردن.. وتأكيد على لقائه بميركل

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي
TT

الرئيس المصري: على الغرب أن يراعي طبيعة ظروف المنطقة

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس رسالة إلى الدول الغربية، قال فيها إنه «على الغرب أن يراعي طبيعة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة»، مشددا خلال لقائه سيباستيان كورتز، وزير الخارجية والاندماج والشؤون الأوروبية لجمهورية النمسا، على أن مفهوم حقوق الإنسان لا يقتصر فقط على الحريات المدنية والسياسية فقط، بل يمتد ليشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وتتعرض مصر لانتقادات كبيرة من دول غربية ومنظمات حقوقية دولية، إثر قرار قضائي صدر السبت الماضي بإحالة أوراق الرئيس الأسبق مرسي، و106 آخرين، إلى المفتي في قضية «اقتحام السجون»، تمهيدا للحكم بإعدامهم، في جلسة 2 يونيو (حزيران) المقبل للنطق بالحكم. وقد أعربت القاهرة مررا عن استيائها من البيانات الدولية المنددة للقرار القضائي، مؤكدة أنها تجاوزت وانتهكت كل المواثيق الدولية التي تنص على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام أحكام القضاء.
ويعتزم السيسي المشاركة، اليوم الجمعة، في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تُعقد في الأردن. كما أكدت الرئاسة اهتمام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بلقاء السيسي خلال زيارته المرتقبة إلى برلين مطلع الشهر المقبل، وهي الزيارة التي شهدت جدلا كبيرا مؤخرا على خلفية أحكام الإعدام الصادرة ضد قيادات جماعة الإخوان.
واستقبل السيسي، أمس، وزير خارجية النمسا بحضور سامح شكري وزير الخارجية، وسفير النمسا في القاهرة جورج شتيلفريد، ومديرة إدارة الشرق الأوسط بالخارجية النمساوية. ووفقا لبيان أصدرته الرئاسة المصرية أمس، فقد استعرض السيسي مجمل تطورات الأوضاع التي تمر بها المنطقة، لا سيما ما يتعلق منها بموجات العنف والتطرف والإرهاب، مؤكدا ضرورة أن ينظر الغرب إلى المنطقة بمنظور يختلف عن المنظور الغربي، ويراعي طبيعة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة، فضلا عن الاختلاف الحضاري والثقافي. كما أكد السيسي أن مفهوم حقوق الإنسان لا يقتصر فقط على الحريات المدنية والسياسية، التي يتعين العمل على تعزيزها وتنميتها، لكنه يمتد أيضا ليشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل الحق في العمل والتعليم الجيد والخدمات الطبية اللائقة، وهو الأمر الذي يستلزم تحقيق قدر أكبر من التعاون على الصعيد الدولي، لمساعدة الدول على الارتقاء بهذا الشق من حقوق الإنسان، وللقضاء على بعض الدوافع والأسباب التي يتم استقطاب الشباب من خلالها للجماعات الإرهابية.
وشدد الرئيس المصري على أهمية الجوانب الفكرية والدينية في مكافحة الإرهاب، حيث يكتسب الخطاب الديني أهمية مضاعفة في المرحلة الراهنة التي تتطلب تصويب الخطاب الديني، وتنقيته من أي أفكار مغلوطة، بما يعكس القيم الحقيقية السمحة للإسلام في الممارسات العملية. كما نوه السيسي بأهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لمساعدة قوى الاعتدال الراغبة في نشر قيم حرية الرأي والتعبير وقبول الآخر، والعمل من أجل خير الإنسانية، وهو الأمر الذي يتطلب العمل على الحيلولة دون استخدام وسائل التواصل الإلكتروني الحديثة لغير أغراضها الحقيقية، حيث تهدف في الأصل إلى تحقيق التواصل والتعارف بين الشعوب، ونقل الخبرات ونشر المعرفة.
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة السفير علاء يوسف إن وزير خارجية النمسا أشاد بالجهود المصرية المبذولة لمكافحة الإرهاب على كل الأصعدة الداخلية والدولية، مشيرا إلى مشكلة المقاتلين الأجانب الذين ينضمون لصفوف الجماعات المتطرفة الموجودة في عدد من دول المنطقة، وإلى تحسب دول الاتحاد الأوروبي لعودة هؤلاء المقاتلين إلى دولهم في ما بعد، بما يحملونه من أفكار متطرفة.
وأبدى كورتز توافقا تاما على أهمية الأبعاد الفكرية في مكافحة الإرهاب، مشيدا بلقائه بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي تناول التباحث في هذا الصدد. وأشار إلى تطلع بلاده لمساندة مصر وتعزيز التعاون معها في مجال مكافحة الإرهاب، وتفهمه للموقف المصري إزاء موضوعات حقوق الإنسان، كما أشار إلى تطلع بلاده كذلك إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر، مشيدا بالنتائج الإيجابية والنجاحات الاقتصادية التي حققها المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، منوها بمساعي عدد من الشركات النمساوية للعمل في السوق المصرية.
من جهة أخرى، يشارك الرئيس السيسي اليوم في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تُعقد في البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية، تحت عنوان «إيجاد إطار إقليمي للرخاء والسلام عبر التعاون بين القطاعين العام والخاص».
وقال السفير يوسف إن الرئيس سيستهل فعاليات مشاركته في المنتدى بلقاء مع البروفسور كلاوس شواب، المؤسس والمدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، بغية الاتفاق رسميا على عقد الدورة المقبلة للمنتدى حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشرم الشيخ في مايو (أيار) 2016، وستلي ذلك مشاركة الرئيس في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.
وأضاف المتحدث أن الرئيس سيلقي كلمة أمام الجلسة العامة للمنتدى تحت عنوان «مصر في إقليم متغير»، تتضمن محاورها التأكيد على أهمية مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة، وملامح استراتيجية التنمية الشاملة في مصر، علاوةً على التأكيد على إجراء الانتخابات البرلمانية. وسيعقد الرئيس لقاءات ثنائية مع كل من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ونائب الرئيس العراقي إياد علاوي. إلى ذلك، قالت الرئاسة المصرية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مهتمة بزيارة الرئيس السيسي لألمانيا في الوقت الراهن.
وأضاف السفير يوسف أن وزير الخارجية سامح شكري أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، لمتابعة الإعداد للزيارة المرتقبة إلى ألمانيا يومي 3 و4 يونيو المقبل.
وكان رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت قد أعلن الثلاثاء الماضي عن إلغاء لقاء كان مقررا مع السيسي خلال زيارته إلى برلين، وقال إن «السلطات المصرية لم تحدد موعد الانتخابات النيابية منذ فترة طويلة، وتعتقل عناصر المعارضة من دون اتهامات واضحة.. وقررت إعدام عدد كبير من الأشخاص».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.