في حين تشتد المعارك منذ نحو أسبوع بين تنظيم داعش وقوات النظام في محيط المدينة الأثرية، لا يزال الغموض يلف مصير آلاف المعتقلين في سجن تدمر بعدما كانت مواقع معارضة قد نقلت معلومات أشارت إلى أن النظام عمد إلى إجلاء عدد كبير منهم، بعدما بات التنظيم على بعد مئات الأمتار عن السجن.
«الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود».. بهذا الوصف يختصر المعارضون حال سجن تدمر العسكري (المركزي) الذي يصنف ضمن أسوأ السجون في العالم العربي، ويضم بين جدرانه آلاف المعتقلين السياسيين والعسكريين بعضهم قضى في أقبيته عشرات السنوات.
وفي هذا الإطار، لفت عضو الائتلاف الوطني، أحمد رمضان، إلى أن المعلومات التي وصلتهم، تشير إلى أن النظام فقد سيطرته على كامل المدينة بما فيها سجن تدمر المركزي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المعلومات تشير إلى أن النظام إما قد عمد إلى تصفية السجناء أو سلّمهم إلى تنظيم داعش، على غرار ما حصل في معظم المعسكرات في المدينة التي سلّمها إلى التنظيم، بما فيها من ذخيرة وأسلحة وصواريخ متوسطة المدى.
ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن سجن تدمر المركزي مرادف «للوحشية واليأس واللاإنسانية». وهو ما يؤكّد عليه علي بودهن، رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، الذي سبق له أن قضى خمسة أعوام في إحدى غرفه، قائلا: «يعامل السجناء بطريقة أقل ما يقال عنها أنّها وحشية، بما فيها من الإهانات والعنف على اختلاف أشكاله. يعتبرون المعتقلين (قطيعا)، وينادون كلا منهم بإحدى الصفات التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة». ويضيف: «بعد سنتين تقريبا من وجودي في تدمر، أتى أحد السجناء السوريين الذي كان مسجونا في سجن أبو غريب في العراق، وبعدما رأى ما تخفيه جدران تدمر، تمنى حينها أن يعود إلى حيث كان». وتابع: «كنا ننام ولا نعرف إذا كنا سنفيق في اليوم التالي. نعيش الموت كل يوم وكل ساعة. حتى إنّهم كان يجبروننا على ضرب بعضنا البعض، عقابا». وفي الغرفة التي لا تزيد مساحتها على 12 مترا طولا و6 أمتار عرضا، كان يقبع فيها أكثر من 150 سجينا، بينما يزيد عدد السجناء في الباحات السبع التي يتألف منها السجن على 20 ألف معتقل، في حين أنه يفترض أن لا يؤوي أكثر من 7 آلاف.
ويشير عدد من التقارير إلى حالات لا تحصى من التعذيب شهدتها جدران السجن، وكان أسوأها المجزرة التي نفذها النظام السوري في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد عام 1980، بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها آنذاك، فعمد إلى اتخاذ قرار بقتل كل السجناء الذين تتفاوت التقديرات بشأن عددهم، ما بين 600 وألف شخص، معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين.
ويقع السجن بالقرب في مدينة تدمر الصحراوية وبالقرب من آثارها الشهيرة، نحو 200 كلم شمال شرقي العاصمة السورية دمشق. افتتح عام 1966، وهو في الأساس سجن مخصص للعسكريين وتشرف عليه الشرطة العسكرية. وإذا كانت اليونيسكو قد أبدت قلقها على الآثار والأعمدة الموجودة في المدينة التاريخية، «فلآلاف المعتقلين من المثقفين والأطباء والمثقفين الذين قتلوا ورميت جثثهم في المدينة، تاريخ في العصر الحديث يفوق بأهميته هذه الآثار»، وفق أبو دهن.
ويشير أبو دهن، مؤلف كتاب «العائد من جهنم» الذي يروي فيه تجربته في سجون النظام السوري بين عامي 1987 و2000، قضى خمس سنوات منها في سجن تدمر، إلى أن الإحصاءات الأخيرة الموجودة لديهم في الجمعية تشير إلى أن هناك نحو 628 معتقلا لبنانيا في سجون النظام بينهم العشرات في سجن تدمر. ويقول: «إضافة إلى العذاب النفسي والجسدي الذي يعانونه، فهم يعيشون خارج الواقع مغيبين قسرا عن كل ما يحصل في الخارج»، مضيفا: «لا أستبعد أنهم يظنون أنّ ما يحصل من حولهم هو اجتياح إسرائيلي لسوريا».
سجن تدمر المركزي: الغموض يلف مصير آلاف المعتقلين السياسيين والعسكريين
{العفو الدولية} وصفته بأنه مرادف لـ«الوحشية}
سجن تدمر المركزي: الغموض يلف مصير آلاف المعتقلين السياسيين والعسكريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة