جيش الفتح يسيطر على أكبر وآخر قاعدة عسكرية لقوات النظام بريف إدلب

كانت تعرف بـ«معسكر الطلائع» قبل أن يحولها إلى ثكنة عسكرية

هادي العبد الله الناشط الإعلامي المرافق لجيش الفتح في معركة المسطومة داخل المعسكر أمس («الشرق الأوسط»)
هادي العبد الله الناشط الإعلامي المرافق لجيش الفتح في معركة المسطومة داخل المعسكر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

جيش الفتح يسيطر على أكبر وآخر قاعدة عسكرية لقوات النظام بريف إدلب

هادي العبد الله الناشط الإعلامي المرافق لجيش الفتح في معركة المسطومة داخل المعسكر أمس («الشرق الأوسط»)
هادي العبد الله الناشط الإعلامي المرافق لجيش الفتح في معركة المسطومة داخل المعسكر أمس («الشرق الأوسط»)

سيطرت الفصائل المعارضة، وعلى رأسها جيش الفتح، أمس، على بلدة المسطومة وأكبر قاعدة عسكرية متبقية للنظام في محافظة إدلب في موازاة استمرار الاشتباكات في منطقة نحليا الواقعة إلى الجنوب من المعسكر بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرا إلى استهداف إدلب بأكثر من ألفي غارة وبرميل منذ طرد قوات النظام من المدينة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المعسكر الذي كان يعرف بـ(معسكر الطلائع) (أطفال المدارس الابتدائية)، كان قد حوله النظام في السنوات الأخيرة إلى ثكنة عسكرية، وقد عمد عناصره إلى تفجير الدبابات ومستودع الأسلحة داخله قبل الانسحاب منه يوم أمس».
وقال عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «كل قوات النظام انسحبت من معسكر المسطومة، أكبر القواعد العسكرية المتبقية لها في محافظة إدلب»، مشيرا إلى أن المعسكر هو الآن بكامله تحت سيطرة جيش الفتح المؤلف من جبهة النصرة ومجموعة من الفصائل الأخرى.
وأعلنت جبهة النصرة على أحد حساباتها الرسمية على موقع «تويتر»: «تم بحمد الله وفضله تحرير معسكر المسطومة بالكامل حيث اقتحمت جبهة النصرة المعسكر من الجهة الجنوبية».
وقال المرصد إن مقاتلين من المعارضة سيطروا على قاعدة للجيش في محافظة إدلب ليوسعوا بذلك سيطرتهم في الجزء الشمالي الغربي من البلاد، وذلك بعد اشتباكات عنيفة واتجهوا صوب بلدة أريحا في الشمال وهي واحدة من آخر المعاقل الحكومية في المحافظة.
كذلك، قالت شبكة «الدرر الشامية»، إن «جيش الفتح سيطر على ما يعرف بـ(معسكر الطلائع)»، واصفة إياه بأنّه «أكبر غرفة عمليات لقوات النظام في المحافظة»، مشيرة إلى أن انسحاب قوات النظام جاء بعدما نفّذت فصائل المعارضة هجومًا شرسًا حيث تم تدمير دبابتين داخل معسكر الطلائع، وعدد من الرشاشات الثقيلة، في حين تم استهداف الأرتال المنسحبة باتجاه مدينة أريحا، مما أدى لتدمير عدد من الآليات.
وأقر الإعلام الرسمي ضمنا بانسحاب قوات النظام من المعسكر، إذ أورد في شريط إخباري عاجل أن «وحدة الجيش التي كانت ترابط في معسكر المسطومة، انتقلت لتعزز الدفاعات في أريحا». وأضاف أن «عناصر الوحدة بخير». إلا أن المرصد السوري أكد «مقتل أكثر من 15 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها».
ويضم معسكر المسطومة آلاف الجنود ومعدات ثقيلة وذخائر وكميات كبيرة من السلاح. ولم يبق للنظام وجود نوعي في محافظة إدلب إلا في مدينة أريحا، الواقعة على بعد سبعة كيلومترات من المسطومة، ثم في مطار أبو الضهور العسكري الواقع على بعد أكثر من خمسين كيلومترا جنوب غربي المنطقة التي تشهد اشتباكات حاليا، إضافة إلى ما يعرف بـ«حاجز المعصرة»، حيث لا يزيد العناصر الموجودين فيه على 150.
وقال حسام أبو بكر القيادي في حركة أحرار الشام التي تشارك في تحالف المعارضة المسلحة الذي استولى على القاعدة، إن «المقاتلين سيواصلون تقدمهم صوب أريحا ومناطق أخرى».
وقال لوكالة «رويترز» إنه «تم تحرير القاعدة والقتال يدور حاليا غرب المسطومة».
وتقع القاعدة شرق بلدة جسر الشغور التي استولى عليها مقاتلو المعارضة في أبريل (نيسان) في هجوم جعلهم أكثر قربا من المناطق الساحلية التي تشكل المعقل الرئيسي للأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد. وكان جيش الفتح (المؤلف من جبهة النصرة وجند الأقصى وفيلق الشام وحركة أحرار الشام وأجناد الشام وجيش السنة ولواء الحق) قد سيطر قبل نحو ثلاثة أسابيع على مدينة إدلب بالكامل، عقب اشتباكات استمرت لنحو 4 أيام.
من جهة أخرى، أفادت «الدرر الشامية» أن قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني المساندة له كثّفت في الأيام الأخيرة التي تبعت تحرير مدينة جسر الشغور من اعتقالاتها للمدنيين داخل مدينة أريحا، آخر المدن التي تسيطر عليها في محافظة إدلب.
وأشارت إلى أنه من بين المعتقلين عدد من النساء الكبار في السن اللواتي تم احتجازهن في مستوصف الصحة المدرسية، والذي اتخذته ميليشيا حزب الله اللبناني مركزًا لها. وكشفت مصادر في جيش الفتح للشبكة عن مساعٍ خاصة لتحرير المعتقلين، خاصة المسنات بينهم، من دون أن تستبعد اللجوء إلى عملية تبادل بينهن وبين عناصر من حزب الله تم أسرهم في معارك إدلب.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.