قوى 14 آذار ترد على مبادرة عون لحل الأزمة: الرئاسة أولاً ثم الانتخابات النيابية

وفد من تياره بدأ بجولة على المسؤولين اللبنانيين لتسويق طروحاته

قوى 14 آذار ترد على مبادرة عون لحل الأزمة: الرئاسة أولاً ثم الانتخابات النيابية
TT

قوى 14 آذار ترد على مبادرة عون لحل الأزمة: الرئاسة أولاً ثم الانتخابات النيابية

قوى 14 آذار ترد على مبادرة عون لحل الأزمة: الرئاسة أولاً ثم الانتخابات النيابية

لم ينجح رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، بتحقيق أي خرق يُذكر فيما يتعلق بالمخارج التي طرحها الأسبوع الماضي للأزمة الرئاسية التي دخلت عامها الأول، وذلك بعد ما رشح عن رفض عدد من حلفائه كما معظم قوى 14 آذار لطروحاته.
وبدأ وفد من التكتل الذي يرأسه، يوم أمس (الاثنين)، جولة على المسؤولين اللبنانيين للتسويق للمبادرة التي تتضمن برأيه 4 مخارج للأزمة. وينص المخرج الأول على إجراء انتخابات شعبية، على مرحلتين، مسيحية ووطنية، مما قد يعني تحويل النظام اللبناني من برلماني إلى رئاسي، ويتحدث المخرج الثاني عن اللجوء إلى استفتاء شعبي يتبناه المجلس النيابي تصويتًا. ويدعو عون فيما قال إنّه مخرج ثالث إلى حصر الانتخابات الرئاسية بالقادة المسيحيين الـ4. أما المخرج الرابع الذي يصفه بـ«الحل الأمثل» فهو الذهاب إلى الانتخابات النيابية أولاً لينتخب المجلس النيابي الجديد بعدها رئيسًا للجمهورية.
وقالت مصادر معنية بالتحرك الحاصل لـ«الشرق الأوسط»، إن معظم من التقاهم الوفد العوني، خصوصًا المسؤولين في قوى 14 آذار أبلغوه رفضهم السير بالمبادرة كما هي، معلنين «تمسكهم بالقواعد الدستورية وباللعبة الديمقراطية التي تقول بانتخاب رئيس للجمهورية أولاً، مع التأكيد على جهوزيتهم للذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة بُعيد تسلم الرئيس الجديد مهامه».
وعلى الرغم من دعوة أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في إطلالته الأخيرة يوم السبت الماضي، القوى السياسية، لـ«البحث جديًا في المخارج التي طرحها عون ودراستها وعدم إدارة الظهر لها»، لا يبدو رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، متحمسًا لطروحات عون، خاصة وأن فكرة إجراء انتخابات مباشرة من الشعب ليست بجديدة وهو حاول تسويقها الصيف الماضي، وقد لاقت رفضًا من معظم القوى السياسية التي اعتبرت أنها تتعارض مع الميثاق اللبناني والدستور واتفاق الطائف.
وأشار شفيق المصري، الخبير الدستوري والأستاذ بالقانون الدولي في الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية في بيروت إلى أن اقتراح عون انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، «جزء من تغيير شامل قد يطرأ على النظام اللبناني وبالتحديد على صلاحيات رئيس الجمهورية، باعتبار أن الرئيس المنتخب من الشعب لا يمكن أن يمارس دوره بإطار صلاحيات محدودة كالتي وردت في اتفاق الطائف». وقال المصري لـ«الشرق الأوسط»: «الولايات المتحدة الأميركية تتمتع بنظام رئاسي، حيث لا مجلس وزراء بل مساعدين للرئيس يقومون بعملهم كوزراء مسؤولين أمام الرئيس». ولفت المصري إلى أنّه «وإذا لم يشتمل اقتراح عون على نواحي أخرى، فذلك يجعل منه مجتزأ ومناقضًا لأصول النظام البرلماني»، وأضاف: «من هنا هو بحاجة لمزيد من الدراسة، خاصة وأننا في لبنان أمام معضلة أساسية وهي المعضلة الطائفية، باعتبار أن نظامنا ليس عدديًا بل طائفيًا». ونبّه المصري إلى أن «أي تعديل مجتزأ للقوانين يهدد النظام اللبناني برمته».
وانطلق الوفد العوني، يوم أمس، بجولته على المسؤولين بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي صرح بعد الاجتماع بأن «كل مبادرة تسهل انتخاب رئيس للجمهورية هي جديرة بالبحث».
بدوره، قال النائب في تيار عون، إبراهيم كنعان، إن المبادرة التي يتم تسويقها ترتكز على «العودة إلى الناس، وبالتالي مهما كانت الآراء المشروعة حولها أكان على المستوى الدستوري أم السياسي، نحن في ظرف استثنائي، وهذا يتطلب حلولاً استثنائية سياسية ووطنية»، مشددًا على أن «احترام إرادة المسيحيين بنظام طائفي تعددي ليست مخالفة للدستور بل تحصينًا له وللعيش المشترك ولكل مرتكزات الميثاقية القائم عليها النظام».
واستبعد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار الرد على مبادرة عون إيجابًا، معتبرًا أن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح يحاول شد العصب المسيحي بما يشكل خطورة لا سيما في هذه المرحلة»، مؤكدًا أن «هواجس المسيحيين لا تعالج بمعزل عن الهواجس الوطنية». ورأى الحجار أن ما طرحه عون «سبق وأن تم طرحه ولم يلقَ موافقة لا مسيحية ولا وطنية»، سائلاً عن «جدوى تحويل النظام من برلماني إلى رئاسي في هذا التوقيت بالذات».
وقال النائب في الكتلة نفسها خضر حبيب إنه لا يرى فرصة لتحقيق أي خرق في الملف الرئاسي في الوقت الراهن، معتبرًا أن «الأمور تتجه نحو تأجيل الحل». واعتبر حبيب أن «مبادرة عون ليست جدية ولا تعدو كونها مجرد طرح لرفع السقف لتحقيق أكبر عدد من المكاسب»، لافتًا إلى أن «الطروحات غير مقنعة في ظل الفراغ الرئاسي».
ولم ينجح البرلمان اللبناني، منذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) الماضي، في انتخاب رئيس جديد، نتيجة فشل القوى السياسية الرئيسية في التوافق على مرشح مشترك. وفي حين لا يزال رئيس حزب القوات سمير جعجع مرشح قوى «14 آذار» ويتمسك رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بترشيح النائب هنري حلو، بوصفه توافقيًا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.