الحشد الشعبي يعزز صفوفه لاستعادة الأنبار

واشنطن أكدت أن الوضع غير محسوم.. ووزير الدفاع الإيراني في بغداد للتشاور

الحشد الشعبي يعزز صفوفه لاستعادة الأنبار
TT

الحشد الشعبي يعزز صفوفه لاستعادة الأنبار

الحشد الشعبي يعزز صفوفه لاستعادة الأنبار

بدأت فصائل مسلحة عراقية إرسال تعزيزات من عناصرها الى محافظة الأنبار غرب العراق، اليوم الاثنين، غداة سقوط مركزها (مدينة الرمادي) بيد تنظيم "داعش" المتطرف، بعد هجوم واسع استمر ثلاثة أيام.
وتعد السيطرة على الرمادي أبرز تقدم للتنظيم في العراق منذ هجومه الكاسح في البلاد في يونيو (حزيران) من العام الماضي، ونكسة لحكومة حيدر العبادي الذي اعلن في ابريل (نيسان) ان "المعركة القادمة" لقواته ستكون استعادة الانبار التي يسيطر المتطرفون على مساحات واسعة منها.
وباتت الرمادي (100 كلم غرب بغداد) ثاني مركز محافظة تحت سيطرة تنظيم "داعش"، بعد الموصل (شمال) مركز محافظة نينوى، أولى المناطق التي سقطت بيده قبل نحو عام.
وتزامن هجوم الرمادي مع دخول التنظيم أطراف مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا، قبل ان تتمكن القوات النظامية من دفعه خارجها.
وأمر العبادي مساء الاحد "هيئة الحشد الشعبي" التي تشكل مظلة للفصائل المسلحة التي تقاتل الى جانب القوات الحكومية، وغالبيتها شيعية، بالاستعداد للمشاركة في معارك الأنبار، آمرا في الوقت نفسه قواته "بالثبات" إثر انسحابها من مراكز عسكرية مهمة في الرمادي.
ويأتي دخول قوات الحشد الشعبي الى المحافظة ذات الغالبية السنية، بعد أشهر من تحفظ سياسيين سنة ومسؤولين محليين حول مشاركة هذه الفصائل، ومطالبتهم بدعم العشائر المناهضة للتنظيم بالسلاح والعتاد.
وحمل هادي العامري، أحد أبرز قادة الحشد الشعبي وزعيم "منظمة بدر" ذات الدور الواسع في الحشد، هؤلاء السياسيين مسؤولية سقوط الرمادي.
ونقلت عنه "قناة الغدير" التابعة لمنظمة بدر، تحميله "ممثلي الانبار السياسيين مسؤولية سقوط الرمادي لأنهم اعترضوا على مشاركة الحشد الشعبي في الدفاع عن أهلهم".
وأعلنت فصائل عدة ان افواجا منها باتت موجودة في الأنبار، لا سيما في محيط مدينة الفلوجة الواقعة ايضا تحت سيطرة التنظيم، وفي قاعدة الحبانية العسكرية، استعدادا للمشاركة في أي عملية لمحاولة استعادة الرمادي.
وقال المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله" جعفر الحسيني، ان الكتائب ارسلت ثلاثة أفواج الى الانبار، وتعتزم ارسال المزيد اليوم. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية ليل الاحد "غدا ان شاء الله تستمر هذه التعزيزات باتجاه الانبار والرمادي حيث سيكون هناك اعلان بدء العمليات لتطهير الاراضي التي سيطر عليها داعش".
واعلن التنظيم الاحد سيطرته على الرمادي بعد اقتحامه ابرز المراكز العسكرية فيها، لا سيما مقر اللواء الثامن ومقر قيادة عمليات الانبار، وانسحاب الغالبية العظمى من القوات الامنية من المدينة.
الا ان واشنطن التي تقود تحالفا دوليا يوجه ضربات جوية ضد التنظيم في العراق وسوريا، قالت ان الوضع "غير محسوم" بشكل نهائي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع مورين شومان في بيان تلقته الوكالة "ما زلنا نتابع تقارير تتحدث عن وقوع معارك ضارية في الرمادي ولا يزال الوضع متحركا وغير محسوم"، مضيفة انه "من المبكر جدا في الوقت الراهن الادلاء بتصريحات قاطعة حول الوضع على الارض".
وقالت المتحدثة باسم البنتاغون اليسا سميث للوكالة ان المعارك للسيطرة على المدينة كانت تجري منذ وقت طويل وان الجولة الاخيرة من المواجهات اظهرت تقدما للمتطرفين. واضافت ان "الرمادي كان متنازعا عليها منذ الصيف الماضي والتنظيم بات له التفوق الآن. لطالما علمنا ان المعركة ستكون طويلة وصعبة وخصوصا في الانبار". وتابعت "اننا نواصل تقديم الدعم بقوتنا الجوية والنصائح الى القوات العراقية".
واشارت سميث الى ان الولايات المتحدة حذرت قبل شهرين من احتمال سقوط الرمادي، مشددة على ان سقوط المدينة الآن لا يعني انها ستبقى بقبضة تنظيم التنظيم. مؤكدة "أن خسارة الرمادي لا تعني تحول مجرى المعركة، ولطالما قلنا انه ستكون هناك تقلبات في ساحة المعركة" موضحة ان السيطرة على المدينة لن تعطي التنظيم المتطرف سوى "دفع دعائي". وختمت "ان كانت المدينة سقطت فهذا يعني فقط انه سيترتب على الائتلاف دعم القوات العراقية لاستعادتها لاحقا".
وأدى يومان من المعارك في الرمادي الى نزوح ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
ونددت واشنطن بالمعلومات الواردة حول اعمال عنف ضد المدنيين.
وقالت سميث ان التنظيم "اظهر في الايام الماضية عن الوحشية التي باتت نهجا له مع ورود تقارير عن قتل مدنيين".
وكان العبادي استقبل يوم أمس (الاحد) الجنرال لويد اوستن قائد القيادة الوسطى للجيش الاميركي، وبحث معه وضع الانبار والمساعدة الاميركية للقوات العراقية.
وشكل الدور المتنامي للفصائل المسلحة المدعومة من طهران، موضع انتقاد من الولايات المتحدة، لا سيما مشاركتها في استعادة مناطق سنية.
وشن التنظيم بدءا من مساء الخميس الماضي، هجوما واسعا في الرمادي التي يسيطر على أحياء منها منذ مطلع 2014، معتمدا بشكل مكثف على العمليات الانتحارية التي أتاحت له التقدم بشكل سريع في المدينة.
وأعلن مهند هيمور المستشار والمتحدث باسم محافظ الانبار، ان السلطات تقدر عدد ضحايا الهجوم بخمسمائة شخص على الاقل من المدنيين وعناصر القوات الامنية.
ويسيطر التنظيم على مناطق واسعة في الانبار، أبرزها مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد). والمحافظة هي الاكبر في البلاد، وتتشارك حدودا طويلة مع الأردن والسعودية وسوريا.
وفي تطور لاحق، وصل وزير الدفاع الايراني حسين دهقان، اليوم (الاثنين)، الى بغداد لعقد "اجتماع تشاوري" مع نظيره خالد العبيدي، بحسب مسؤول في وزارة الدفاع العراقية للوكالة. وذلك غداة سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة الرمادي.
وقال المسؤول، الذي فضل عدم كشف اسمه "وزير الدفاع الايراني وصل الى بغداد وسيعقد اجتماعا تشاوريا اليوم مع وزير الدفاع العراقي"، مشيرا الى ان الزيارة كانت مقررة منذ وقت سابق.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».