تعهد الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي مجددا أمس بالقصاص من المتطرفين وملاحقتهم فردا فردا في مدينة بنغازي في شرق ليبيا، بالتزامن مع دعوة أطلقها رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني لمواطنيه بالالتحام مع الجيش لمواجهة الجماعات المتطرفة. وكشف الثني النقاب عن تعرضه للتهديد بالقتل وخطف بناته من الميلشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، إبان تواجده هناك قبل أن يهرب إلى المقر المؤقت الحالي لحكومته في مدينة البيضاء بأقصى الشرق الليبي.
وبشر الفريق حفتر في كلمة متلفزة ألقاها أمس بمناسبة مرور عام على انطلاق عملية الكرامة العسكرية ضد الإرهابيين في مدينة بنغازي، أهالي وسكان المدينة بقرب ما وصفه بـ«ساعة الحسم»، للقضاء على كل الجماعات الإرهابية وتحرير بقية المدن الليبية.
وقال حفتر إن الشعب الليبي منح قادة عملية الكرامة تفويضا لمواجهة الإرهاب، كما ندد بما سماه بتقاعس قادة الدول الذين يفرضون علينا حظرا جائرا على الجيش لمنع تسليحه.
في المقابل، أشاد حفتر بدعم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن للسلطات الشرعية والشعب الليبي لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وقال حفتر إن بنغازي مدينة الأبطال تستعد ليوم الحسم القريب وإعلان التحرير، لافتا إلى أن الجيش الليبي كبد المتطرفين خسائر كبيرة في العتاد والأفراد بالإضافة إلى مقتل معظم قادتهم.
واتهم المتطرفين بأنهم يتخذون من السكان دروعا بشرية ويتلقون دعما من بعض الحكومات المعادية للشعب الليبي والمتآمرة عليه.
وأضاف أنه «لم يبق من الإرهابيين اليوم إلا النفر القليل المختفي في الشوارع لإثارة الفزع والرعب بين الأهالي بعد محاصرتهم لتضليل الرأي العام».
وتعهد بأن قوات الجيش ستصل إلى المتطرفين فردا فردا مهما اختبأوا، مبشرا من عدهم «قتلة الأطفال» بأن رد الجيش سيكون نارا حامية لحرق أجسادهم النتنة ولن تتوقف نيران القوات المسلحة حتى يشمل التحرير كل المدن الليبية التي يدنس أرضها الإرهابيون، على حد وصفه.
وقال حفتر «أبشروا يا سكان بنغازي بالنصر واستعدوا أيها النازحون منها للعودة إلى وطنكم والعيش بأمن وسلام في حماية الجيش والشرطة والأمن».
من جهته، كشف عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية النقاب عن تعرضه للتهديد بالقتل وخطف بناته من الميلشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، إبان تواجده هناك قبل أن يهرب إلى المقر المؤقت الحالي لحكومته في مدينة البيضاء بأقصى الشرق الليبي.
وقل الثني في مقابلة تلفزيونية وزع مكتبه نصها أمس التهديدات التي وصلت بالتهديد بالقتل وخطف حتى البنات وقد لا يعلم الشعب الليبي بذلك فلقد هددت بخطف بناتي ولكن مع ذلك تمسكنا ورأينا أن المصلحة الوطنية العليا تقتضي أن نبقى لأن ليبيا أكبر من أن تسلم لهذه المجموعة، في إشارة إلى رفضه تسليم السلطة لحكومة طرابلس الموازية.
وقال الثني إن الجيش الليبي لم يتحصل على قطعة ذخيرة منذ أن كان وزيرا للدفاع في شهر أغسطس (آب) 2013. متهما لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن بفرض حصار ظالم على تسليح الجيش وإمداده بالذخائر لمواجهة الإرهاب.
ودافع الثني عن أداء حكومته، مشيرا إلى أن نقص الذخيرة أدى إلى تأخر الحسم في مدينة بنغازي بشكل سريع.
ولفت إلى أن «تقاعس بعض العسكريين وبعض الأجهزة وبقاءهم في بيوتهم شيء يؤدي لتأخير الحسم، وكذلك نقص العتاد والذخائر لأن الكميات محدودة».
ووصف ما يحدث في مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي بأنه كارثة بكل ما تعنيه الكلمة، مشيرا إلى أن مدينة درنة التي تعتبر معقل المتطرفين في شرق البلاد، هي مدينة خارج السيطرة.
وقال الثني إنه لا يثق على الإطلاق في مجموعة فجر ليبيا والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، مضيفا: «لا مبدأ لهم وهمهم فرض الهيمنة على الشعب الليبي وما قاله القذافي أن أحكمكم أو أقتلكم وفرض لسياسة أمر واقع».
من جهة أخرى، أوقف أمس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في العاصمة الليبية طرابلس نحو 400 مهاجر غير شرعي كانوا يستعدون للإبحار باتجاه السواحل الأوروبية، معلنا عن بدء تطبيق خطة أمنية تهدف إلى ملاحقة المهربين.
وقال محمد عبد السلام القويري مدير مكتب الإعلام في الجهاز التابع لوزارة الداخلية في الحكومة غير المعترف بها دوليا لوكالة الصحافة الفرنسية «أوقف مكتب التحريات في الجهاز أمس نحو 400 مهاجر».
وأوضح «جرى توقيف هؤلاء المهاجرين فجرا بينما كانوا يستعدون للصعود على متن مراكب والإبحار نحو السواحل الأوروبية في منطقة تاجوراء» شرق طرابلس، موضحا أن معظم المهاجرين «أتوا من الصومال وإثيوبيا وبينهم نساء بعضهن حوامل».
من جهته، قال مسؤول أمني رفيع المستوى في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية إن عملية التوقيف «تأتي مع انطلاق خطة أمنية أطلق عليها اسم عملية الحسم تستهدف ملاحقة المهربين».
وأضاف أن الخطة «تستند إلى معلومات وتحريات قمنا بها على مدى الفترة الماضية، وتقوم أيضا على تنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية من أجل ملاحقة المهربين في جميع المناطق الليبية».
وشوهد عشرات المهاجرين وهم يصلون تباعا في سيارات نقل مكشوفة إلى مركز إيواء في وسط طرابلس، وقد جرى جمعهم في ساحة كبيرة وتقديم الطعام والماء إليهم فور وصولهم إلى المركز.
وجلست بين المهاجرين مجموعة من النساء اللواتي ارتدين ملابس حمراء وصفراء وخضراء وغطين رؤوسهن.
وقالت ماني آلاتية من النيجر وهي تبكي «أريد أن أبقى في ليبيا ولا أريد أن أعود إلى بلدي. لا يوجد أحد لمساعدتي هناك. أرجوكم أبقوني في ليبيا».
وتابعت أن زوجها سبقها إلى أوروبا لكنها لا تعلم مصيره بعد، موضحة «زوجي تركني ولا أعلم إن كان حيا أو ميتا».
كما قالت أنابيل «شقيقي أجبرني على محاولة الذهاب إلى أوروبا ولم أكن أريد ذلك (...) لا أريد أن أعود إلى نيجيريا، أعطوني أي عمل وسأقوم به، في المنزل أو في أي مكان آخر، لكن لا تعيدوني إلى نيجيريا».
من جهته، أوضح آدم إبراهيم عبد الله الآتي من الصومال «دفعت نحو 1400 دولار لآتي إلى طرابلس. أقمت في مجمع لمدة نحو شهرين، ثم دفعت 1400 دولار أخرى لمجرد الذهاب إلى إيطاليا».
وأضاف: «اعتقلونا وأتوا بنا إلى هنا. السبب الرئيسي (لمحاولة الهجرة) إن بلدنا في نزاع ولا توجد حكومة، نريد أي مساعدة ممكنة».
وتشهد ليبيا نزاعا مسلحا منذ الصيف الماضي حين انقسمت سلطة البلاد بين حكومتين، واحدة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، وأخرى مناوئة لها تدير العاصمة منذ أغسطس 2014 بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا».
وتوفر الفوضى الأمنية الناتجة عن النزاع العسكري المستمر بين قوات هاتين السلطتين أرضا خصبة للهجرة غير الشرعية عبر سواحل ليبيا التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الإمكانات المحدودة لقوات خفر السواحل وانشغال السلطات بالحرب الدائرة في مناطق متفرقة.
ومع ساحل طوله 1770 كلم، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق للمهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين.
ويأتي معظم المهاجرين إلى ليبيا برا. ومنذ عهد القذافي، لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم التي يعبرها آلاف الأشخاص القادمون خصوصا من جنوب الصحراء والحالمون بالهجرة إلى أوروبا.
وتتقاسم ليبيا حدودا برية بطول نحو خمسة آلاف كيلومتر مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس.
وأكبر تدفق للمهاجرين مصدره شمال النيجر حيث ينقل هؤلاء عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم إلى منطقتي الكفرة وسبها اللتين تعدان أهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا، في رحلة تحمل خطر الموت أو التوقيف منذ لحظة دخولهم ليبيا.
وشرعت مؤخرا السلطات في طرابلس في إبراز جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الإعلان عن عمليات التوقيف لمراكب مهاجرين، واصطحاب الصحافيين إلى مراكز الإيواء التي تضم آلاف المهاجرين الذين أوقفوا خلال محاولتهم الهجرة.
ويؤكد جهاز خفر السواحل التابع لهذه السلطة، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المرتبط بوزارة الداخلية في حكومة طرابلس، أن السلطات الحاكمة في العاصمة تفتقد إلى الإمكانات للحد من محاولات الهجرة إلى أوروبا والتي تشمل آلاف الأشخاص أسبوعيا.
وقال المسؤول الأمني في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية «ليبيا تتلقى اللوم كله وحدها. لكن دول الجوار التي تسمح بعبور المهاجرين لأراضيها نحو ليبيا لا تتعاون معنا، والاتحاد الأوروبي يرفض مساعدتنا عبر تقديم أي معدات أو التنسيق معنا».
حفتر يتعهد بقرب حسم المعركة في بنغازي
رئيس الحكومة الليبية: هددوني في العاصمة بالقتل وخطف بناتي
حفتر يتعهد بقرب حسم المعركة في بنغازي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة