أحزاب مصرية ترسل للسيسي مشروع قانون موحد لانتخابات البرلمان وسط شكوك حول جدواها

قيادي حزبي لـ«الشرق الأوسط»: المبادرة تثبت أن تأجيل الاستحقاق ليس له علاقة بخلافات القوى السياسية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
TT

أحزاب مصرية ترسل للسيسي مشروع قانون موحد لانتخابات البرلمان وسط شكوك حول جدواها

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

أعلن ما يقرب من 30 حزبا مصريا مشاركا في مبادرة «المشروع الموحد» لتعديل قوانين الانتخابات البرلمانية، إرسال مقترحاتهم إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي للبت فيها، بعد أن تجاهلت الحكومة مطالبهم، حيث تشرع منفردة حاليًا في صياغة قوانين الانتخابات، المرجح إجراؤها نهاية العام الحالي.
وبينما شكك مراقبون في إمكانية الأخذ بتلك المقترحات الحزبية، قال الدكتور عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «مبادرة القوى السياسية تؤكد على الدور الإيجابي للأحزاب، وتثبت أن تأجيل الانتخابات أمر ليس له علاقة بعدم توافق الأحزاب أو وجود خلافات كما يشاع».
وتأجلت الانتخابات البرلمانية، التي كان مقررا أن تجري جولتها الأولى أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية عدة مواد في قوانينها، من أبرزها مادة قانون تقسيم الدوائر التي تتعلق بنسبة تمثيل الناخبين في نظام الانتخاب الفردي.
وقبل أيام، أرسلت لجنة تعديل قوانين انتخابات مجلس النواب، التي أعدتها الحكومة، مشروعات القوانين المعدلة، إلى قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لمراجعتها، الذي بدوره يعتزم إعادتها للحكومة، قبل عرضها على الرئيس السيسي للتصديق عليها وإصدارها في وقت لاحق.
وردا على تعنت الحكومة، أطلق حزب المحافظين الأسبوع الماضي مبادرة «المشروع الموحد» للوصول لتوافق بين الأحزاب بشأن مقترحات تعديل قوانين الانتخابات، شارك فيها 28 حزبا من بينهم أحزاب الوفد والمؤتمر والحركة الوطنية والتجمع والإصلاح والتنمية والغد.
وفي ختام اجتماعاتها، أمس، أوصت الأحزاب المشاركة في المبادرة بتعديل المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية بهدف تحصين البرلمان المقبل من الطعون على القوانين بعدم الدستورية، كما دعت إلى تعديل المادة 25 من قانون تقسيم الدوائر، التي تتضمن تحديد سقف الدعاية الانتخابية بـ200 ألف جنيه، والتوازن بين الدعاية للفردي والقائمة، والمادة 1 من قانون مباشرة الحقوق السياسية.
وقالت الأحزاب في بيان لها أمس إن الرئاسة سوف تتسلم مقترحات الأحزاب تلك وتنظر فيها، ثم ستبت في أمرها.
وأكد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن الأحزاب بتلك المبادرة تنفي عن نفسها تهمة عدم وجود دور لها في الحياة السياسية حاليا، وأن خلافاتها وعدم وتوافقها تسببت في تأجيل الانتخابات.
وقال شكر لـ«الشرق الأوسط» إن الحسم الآن في يد الرئيس السيسي، داعيا إياه إلى أخذ رأي القوى السياسية وعدم تجاهلها، إذا أراد تقوية الحياة الحزبية وإقامة انتخابات برلمانية حقيقية.
من جانبه، أشار ناجي الشهابي رئيس حزب «الجيل»، إلى أهمية النتائج التي تمخضت عن مناقشات قيادات الأحزاب المشاركة في ورشة العمل بشأن المبادرة، مؤكدا أن الاجتماعات والمناقشات شهدت على مدار ثلاثة أيام حراكا ونشاطا ملحوظا.
وأوضح أن النظام الانتخابي كان إحدى النقاط الخلافية بين المشاركين، مشيرا إلى أنه تم التوافق على الأخذ بالنظام الانتخابي الحالي (الذي يجمع بين الفردي والقائمة).
وأشار الشهابي إلى أن عدد المقاعد وتقسيم الدوائر كان إحدى النقاط الخلافية أيضا بين أحزاب المشروع الموحد، إذ كانت هناك مطالبات بالعودة للعمل بتقسيم دوائر انتخابات 2010، وهو ما تم رفضه، واعتبره أغلب المشاركين بمثابة عودة إلى الخلف، وتأجيل الانتخابات لما يزيد على عام، وشددوا على ضرورة وجود البرلمان خلال العام الحالي، والانتهاء من الاستحقاق الدستوري الأخير، في خارطة الطريق.
وقال بشري شلش أمين حزب المحافظين، عقب انتهاء ورشة العمل التي تواصلت لثلاثة أيام، إن الأحزاب راجعت المواد المتعلقة بقوانين مباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر وقانون مجلس النواب، ونجحت في الانتهاء من قانون انتخابات موحد تحقيقا لمطالبة الرئيس السيسي للقوى السياسية بالتوحد.
في السياق ذاته، قال المستشار يحيى قدري نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية إن الأحزاب اجتمعوا في صورة جمعية عمومية لتكون بمثابة واجهة سياسية للشعب المصري على مدى ثلاثة أيام لمناقشة قوانين مباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر ومجلس النواب.
والانتخابات البرلمانية هي الاستحقاق الثالث في خريطة الطريق، التي تم التوافق عليها عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، مطلع يوليو (تموز) 2013، بعد الاستفتاء على الدستور وإتمام الانتخابات الرئاسية.
وسبق أن أشار الرئيس المصري إلى ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية من أجل إيجاد برلمان يشرع ويراقب، ولإنجاز خارطة الطريق، لكنه استبعد إجراء الانتخابات قبل شهر رمضان المقبل، مؤكدا عدم التدخل في القضاء واحترام ما تقره المحكمة الدستورية العليا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.