لأول مرة.. «لغة الإشارة» تخترق أسوار التعليم السعودي

ذوو الإعاقة السمعية يستثمرون أسبوعهم العالمي لفرض «لغتهم» وإكمال تعليمهم

لأول مرة.. «لغة الإشارة» تخترق أسوار التعليم السعودي
TT

لأول مرة.. «لغة الإشارة» تخترق أسوار التعليم السعودي

لأول مرة.. «لغة الإشارة» تخترق أسوار التعليم السعودي

ما هي إلا أيام قليلة مرت على تغريدة وزير التعليم السعودي، الدكتور عزام الدخيل، التي كتبها عبر شبكة «تويتر»، قائلا «لأبنائنا وبناتنا من الصم الحق في الحصول على فرص التعليم المتكافئة، وأن ننشر ثقافة لغة الإشارة في مدارسنا وجامعاتنا»، حتى ضجت بعدها أوساط ذوي الإعاقة السمعية احتفاءً بهذا الاعتراف الرسمي بلغتهم وحقوقهم الدراسية من قمة الهرم التعليمي بالبلاد.
وأول هذه المكاسب حققته الجمعية السعودية للإعاقة السمعية، ممثلة بفرعها في المنطقة الشرقية، وذلك خلال فعاليات أسبوع الأصم العربي بنسخته الأربعين، والذي أقيم أواخر الأسبوع الماضي.. فبعد مجموعة من الأنشطة المصاحبة لهذه الفعالية، أعلنت الجمعية أنها تمكنت من تحقيق هدفها وفتح أبواب القبول للصم في جامعة الدمام (حكومية)، للدراسة جنبا إلى جنب مع الطالبات المتعافيات.
وتكشف نورة القحطاني، وهي مديرة القسم النسائي للجمعية السعودية للإعاقة السمعية في المنطقة الشرقية، عن ذلك بقولها: «طلبت منا وكالة الجامعة إحضار خطاب من الجمعية وإرفاق أسماء الفتيات الصم المتخرجات خلال الأعوام المنصرمة كي يتم رفعها لوزارة التعليم»، متمنية أن تحذو جميع الجامعات السعودية هذا الحذو في احتضان شريحة الصم للدراسة الجامعية.
وتكشف القائمات على الجمعية أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تفعيل أسبوع الصم مع منشأة حكومية (ممثلة بجامعة الدمام)، ويأتي ذلك على الرغم من أن بعض الجامعات السعودية كانت لها تجارب سابقة بهذا الشأن، مثل جامعة الملك سعود بالرياض التي تتيح للصم الالتحاق بها، إلا أنها تجارب محدودة وخجولة حتى الآن، بالنظر لكون معظم الجامعات السعودية تغلق أبوابها أمام فئة الصم، الأمر الذي يجعل ذوي الإعاقة السمعية متفائلين بحقبة جديدة مشرقة تجاههم، وإقناع الجامعات الحكومية بضرورة قبولهم. من جهة ثانية، أظهر الحفل الذي أقيم بمجمع كليات جامعة الدمام قدرات الفتيات من فئة الصم في الجوانب الفنية والتمثيلية، إذ أقيم عرض مسرحي عرضن من خلاله معاناتهن مع إشكالية عدم القبول في الجامعات، وهو ما أوضح حجم المعاناة التي تعيشها شريحة كبيرة من ذوي الإعاقة السمعية ممن تنقطع بهم السبل بعد الثانوية العامة.
وتعود القحطاني لتفصح بأنه حتى الآن تم الانتهاء من تدريب وتأهيل مجموعة من الصم لسوق العمل، حتى يتمكن الأصم وضعيف السمع من الاعتماد على نفسه، قائلة: «قمنا بتوظيف ما يقارب 1200 ما بين صم وضعاف سمع في وظائف مختلفة تتناسب مع قدراتهم»، وتتابع «تعد اللغة أهم العقبات التي يواجهها الأصم في تعامله مع المجتمع، مما أوجب وجود لغة الإشارة الخاصة بالصم لتسهيل عملية التواصل».
في حين تحدثت أروى الدوسري، وهي مترجمة للغة الإشارة بالجمعية، عن أهمية وخصائص هذه اللغة، موضحة أن «المنطقة الشرقية تعاني من نقص شديد في عدد المترجمات، حيث لا توجد مترجمة معتمدة في مدينة الدمام سواها والمترجمة الأخرى فاتن المطيري في مدينة الجبيل»، بحسب قولها.
ودعت الدوسري لتعلم هذه اللغة وممارستها، مضيفة «الصم بحاجة إلينا للتواصل معهم، ولشدة الحاجة إلى زيادة عدد المترجمات». وأشارت إلى أنه تم عقد عدة دورات سابقة للغة الإشارة بناء على طلب عدد من الكليات والمدارس التي أبدت اهتماما بذلك، متمنية الاستمرار بمثل هذه الفعاليات.
تجدر الإشارة إلى أن شعار أسبوع الصم لهذا العام ينص على «تعزيز حقوق الأصم في المجتمع من خلال متابعة تطبيق الاتفاقية الدولية لحقوق الصم»، وذلك على اعتبار أن هذا الأسبوع يمثل تظاهرة عالمية للتعريف بالصمم والوقاية منه، والتعريف بالصم وحقوقهم وقدراتهم ووسائل تربيتهم وتأهيلهم، والتعريف بلغة الإشارة، وكذلك التعريف بالحقوق الأساسية للصم، الصحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، وكشف أهم العقبات التي تواجه الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية في حياتهم اليومية والمساعدة على حلها.
يأتي ذلك في حين تحقق السعودية تقدما ملموسا في حقوق فئة الصم، من ذلك برنامج الكشف المبكر عن الإعاقة، حيث تم إصدار قرار ملزم للكشف عن جمع المواليد خلال هذا العام، إضافة إلى عقد الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج من الصم، ومنح فرص التعليم الجامعي للصم وضعاف السمع عبر ترشيح 27 من الصم وضعاف السمع للابتعاث الخارجي.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.