صحافيون عراقيون يصفون عملهم بالأكثر خطورة في العالم

مع غياب قوانين لحمايتهم من الاغتيال والتهديد.. قتل 400 منهم منذ 2003 والعشرات فضلوا مغادرة البلاد

مصور يجبر على عرض صوره قبل أن تعرف طريقها إلى الجمهور ({الشرق الأوسط})
مصور يجبر على عرض صوره قبل أن تعرف طريقها إلى الجمهور ({الشرق الأوسط})
TT

صحافيون عراقيون يصفون عملهم بالأكثر خطورة في العالم

مصور يجبر على عرض صوره قبل أن تعرف طريقها إلى الجمهور ({الشرق الأوسط})
مصور يجبر على عرض صوره قبل أن تعرف طريقها إلى الجمهور ({الشرق الأوسط})

وصف صحافيون عراقيون عملهم بالأكثر خطورة بين بقية الدول التي تعاني من أوضاع أمنية مضطربة مشابهة، وأن الحكومة تقف عاجزة عن حمايتهم، خصوصا في ما يتعلق بالتشريعات القانونية الملزمة، وأكدوا أن الأحزاب الإسلامية والتيارات المتطرفة والفاسدة في البلاد تتصدر الجهات المحرضة لعملهم لما يملكونه من أموال ونفوذ.
وذكر أحدث تقرير لمرصد الحريات الصحافية في العراق بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة مؤخرًا أن الصحافيين معرضون اليوم لخطر حقيقي بنسبة مائة في المائة من قبل المنظمات المتطرفة كتنظيم داعش الذي يسيطر على أجزاء من محافظات عراقية، كذلك هناك جهات سياسية نافذة في بغداد وكذلك إقليم كردستان وباقي أجزاء العراق تقف عائقا أمام العمل الحر للصحافيين.
يقول الإعلامي زياد العجيلي مدير مرصد الحريات: «ما زال الأشخاص الذين يتسببون بالفوضى والفساد الإداري والمالي المستشري في العراق يقفون عائقا أمام عمل الصحافيين، في تهديد لا يقل خطورة عن الخطر الذي يشكله تنظيم داعش، كما أن العراق لم يشرع لحد الآن قانونًا يضمن حرية وحماية العمل الصحافي»، لكنه أشار إلى انخفاض حجم الانتهاكات الأمنية والعسكرية بحق الصحافيين في الآونة الأخيرة.
وعن ملاحقة قتلة الصحافيين، كشف العجيلي: «بلغ عدد الصحافيين الذين لقوا حتفهم أكثر من 400 صحافي عراقي منذ عام 2003، ومع ذلك فإن السلطات القضائية لم يكن لديها إرادة حقيقية في التحقيق بقضايا قتل الصحافيين»، كما أن قانون حقوق الصحافيين الذي شرع في عام 2011 جاء ليقيد الصحافيين ويحد من عملهم حسب رأي المنظمات الدولية التي تعنى بحرية الصحافة وتعتمد على مؤشرات حقيقية لقياس حرية التعبير.
وبحسب العجيلي فإن تنظيم داعش قام في العام الماضي بتهجير 40 صحافيا وقتل نحو ثمانية آخرين وهدد كثيرا منهم، بينما يعمل على أضعاف إيصال المعلومة من خلال قتل الصحافيين وتشريدهم وتخويفهم».
وأكد الإعلامي أحمد عبد الحسين مدير شبكة أخبار «القرطاس نيوز» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «العراق اليوم أسوأ دولة في مزاولة مهنة الإعلام، وهي أسوأ حتى من الدول التي تحدث فيها نزاعات واضطرابات مثل الجارة سوريا، ويمكن القول إن العراق أصبح بيئة طاردة لحرية التعبير، الأمر الذي خلف كثيرا من الشهداء بينما العشرات من الأسماء الإعلامية المعروفة اضطرت إلى مغادرة البلاد لضمان حياتها بعد تقليها تهديدات بالقتل والتصفية لها أو لعائلتها». واستطرد ليقول: «بعد عام 2003 ازدهرت الحريات وكثرت الصحف والمواقع الإخبارية والفضائيات لكنها تعمل بشرط أن يتحمل الإعلامي مسؤولية ما يقول، لأن هناك كثيرا من الجهات التي تتربص به في حين تقف الدولة عاجزة عن حمايته».
وعن الجهات التي تهدد عمل الإعلامي أو تهدد حياته، قال عبد الحسين: «كل من يخاف من هذه الحرية ومن التعبير الصادق ومن كشف الفساد والقاتل يشكل خطر على الإعلامي ويقف على رأسها الأحزاب الإسلامية لأنهم يمتلكون المال والسلطة وكذلك الشخصيات النافذة في الدولة».
وعن دور الدولة ونقابة الصحافيين في المطالبة بحماية للصحافي، قال: «من المؤسف القول إن الدولة ليس لها دور ملموس في تحقيق مستوى مقبول من الحماية المطلوبة، وكل لجان التحقيق التي شكلت بشأن مقتل واستهداف إعلاميين في العراق لم نرَ نتائج عملها بدءا من اللجنة الأولى التي شكلت في حادثة اغتيال الشهيد محمد باقر الحكيم، وحتى الآن، بما فيها لجان تحقيق فتحت في حادثة اغتيال كامل شياع والناشط المدني والإعلامي هادي المهدي وآخرين كان آخرهم الشهيد المغدور رعد الجبوري من قناة (الرشيد) الفضائية».
أما بشأن دور نقابة الصحافيين العراقيين، فأكد أحمد: «إنها عبارة عن هيكل تضخ له الأموال لفائدة بعض المنتفعين على شكل سفرات وإيفادات لكنها لم تقدم شيئا لأي صحافي، وسبق أن تعرضت شخصيا للتهديد أكثر من مرة ولم ألمس أي دور للنقابة ولا أنتظره منهم». بدورها أعلنت النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين عن تأكيد مطالبتها بتشريع قوانين ضامنة لحرية التعبير في العراق، خصوصا بعد التحسن الملموس الذي شهدته في ظل حكومة حيدر العبادي، في وقت كانت قد واجهت مرحلة صعبة على هذا الصعيد في عهد الحكومة السابقة التي دشّنت ولايتها باتّباع نهج القمع المسلح للمظاهرات السلمية في بغداد ومدن أخرى، اعتبارًا من 2011، وأنهتها بالعودة إلى ترسانة القوانين الجائرة الصادرة في عهد الديكتاتور صدام حسين للحدّ من الحريات العامة التي كفلها دستور 2005، ولإسكات الأصوات الحرة عن طريق تهديد المؤسسات الإعلامية بإغلاقها، بذرائع شتى».
يقول الإعلامي ونقيب النقابة الوطنية عدنان حسين: «حرية العمل الإعلامي لم تزل مقيّدة من جهة بقوانين النظام السابق التي لم يفلح مجلس النواب والحكومة في تشريع بدائل لها ومن جهة أخرى بإجراءات السلطات التنفيذية التي لا تسمح للصحافيين وسائر الإعلاميين بالعمل الميداني الحر ولا بالوصول الحر إلى المعلومات، وكذلك الخطر المتأتي من بعض تشكيلات المجاميع المسلحة العاملة خارج سلطة الدولة والتي تحاول توجيه العمل الإعلامي والإعلاميين».
وشدد حسين على أهمية أن يقوم مجلس النواب العراقي والحكومة بتشريع القوانين واتخاذ الإجراءات الكفيلة بممارسة حرية التعبير، بأشكالها المختلفة وفي مقدمها حرية الصحافة، على النحو الذي أقرّه الدستور، وبضمان أمن الصحافيين وحياتهم وكرامتهم.
وكان الوسط الإعلامي العراقي قد فجع باغتيال الصحافي العراقي الشاب رعد الجبوري تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، الأمر الذي رفع عدد الضحايا من الصحافيين في تقارير المنظمات والنقابات المعنية بالإعلام داخل العراق وخارجه.
ووجد الإعلامي رعد الجبوري مقتولا في شقته بحي القادسية في العاصمة العراقية بغداد، وهو متخصص في الشؤون الاقتصادية ولديه برنامج أسبوعي، وكان قد اخبر بعض أصدقائه بأنه تلقى رسائل تهديد بالتصفية من جهات مجهولة، حادثة الاغتيال جاءت بعد أيام فقط من خبر استشهاد الإعلامي عمار الشابندر مدير معهد صحافة الحرب والسلام في العراق الذي استشهد وعدد آخر من المواطنين الأبرياء في تفجير إرهابي بمنطقة الكرادة في بغداد.
تقول الإعلامية والأستاذة الجامعية في جامعة بغداد د. إرادة الجبوري في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «من أبرز الصعوبات التي تواجه العمل الصحافي في العراق بشكل عام هو الشعور بعدم الأمان والافتقار إلى الحرية في التعبير»، لافتة إلى أن «الصحافي يتعرض للمحاربة المستمرة من قبل الآخرين، لذا من المفترض توفير الحماية له».
ولفتت إلى أن هناك حملات مغرضة تطال الإعلاميات العراقيات النشيطات عبر استهدافهن من قبل البعض بموجة تشهير وتحريض مستغلين الأوضاع الأمنية المضطربة في البلاد، تقودها جهات متطفلة على الصحافة والإعلام مما يشكل تحديا للعمل الإعلامي الوطني والمهني، وطالبت بأهمية أن يكون للحكومة دور أكبر في حمايتهن وتوفير بيئة آمنة للعمل.



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.