لأول مرة.. الفاتيكان يرفع العلم الفلسطيني لاستقبال الرئيس عباس

اللقاء ناقش السلام مع إسرائيل.. والأمل في استئناف المفاوضات بين الجانبين

البابا فرنسيس يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الفاتيكان أمس (أ.ب)
البابا فرنسيس يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الفاتيكان أمس (أ.ب)
TT

لأول مرة.. الفاتيكان يرفع العلم الفلسطيني لاستقبال الرئيس عباس

البابا فرنسيس يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الفاتيكان أمس (أ.ب)
البابا فرنسيس يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الفاتيكان أمس (أ.ب)

استقبل البابا فرنسيس الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بعد يومين على وضع أول اتفاق بين فلسطين والفاتيكان، يشتمل على اعتراف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية. وجرى لأول مرة رفع علم فلسطين في الفاتيكان أثناء استقبال عباس، وذلك في إشارة واضحة على دخول الاتفاق الذي ينتظر التوقيع في أي لحظة حيز التنفيذ فعلاً.
ووصف الرئيس الفلسطيني إعلان تكريم راهبتين فلسطينيتين من قبل البابا فرنسيس في الفاتيكان، بأنه أمر سيساعد على تعزيز الوحدة الوطنية، ويدفع باتجاه بناء فلسطين مستقلة على قاعدة مواطنة متساوية، مقدمًا الشكر للبابا في اللقاء الذي جمعهما، أمس، في حاضرة الفاتيكان. كما أكد عباس على أهمية إعلان تكريم الراهبتين مريم حداد وماري ألفونسين غطاس، المنتظر اليوم الأحد، في هذا التوقيت بالذات، لأنه يتزامن مع ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني في عام 1948.
ومن جهته، وصف البابا فرنسيس الرئيس الفلسطيني بـ«رجل السلام»، في اللقاء الخاص الذي استمر 20 دقيقة، بينما أثنى عباس على البابا، ومازحه قائلاً إنه يبدو أصغر عمرًا مما كان يعتقد، وخلال هذا اللقاء القصير ناقش الجانبان العلاقة بين الفاتيكان وفلسطين، وتبادلا الهدايا.
وأكد الفاتيكان، أمس، أن اللقاء «الودي» في القصر الباباوي دار حول عملية السلام مع إسرائيل، والأمل في استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين مرة أخرى من أجل التوصل إلى حل «صحيح ومستدام» للصراع، مضيفًا أن اللقاء تطرق أيضا إلى مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وتشجيع حوار الأديان، وفي أعقاب هذا اللقاء تبادل البابا وعباس الهدايا.
وكان الفاتيكان قد أعلن الأربعاء الماضي أنه يستعد للتوقيع على أول اتفاق مع «دولة فلسطين»، ويتعلق بوضع الكنيسة الكاثوليكية وأنشطتها في الأراضي الفلسطينية، ويشتمل على اعتراف بدولة فلسطين. لكن هذا الإعلان أثار غضبًا كبيرًا في إسرائيل؛ إذ قال مسؤول في الخارجية الإسرائيلية إن «إسرائيل استمعت بخيبة أمل لقرار الحبر الأعظم الموافقة على صيغة نهائية للاتفاق مع الفلسطينيين، تتضمن استخدام مصطلح دولة فلسطين»، مضيفًا إن تطورًا من هذا النوع «لا يؤدي إلى تقدم عملية السلام ويبعد القيادة الفلسطينية عن المفاوضات الثنائية المباشرة». وتابع هذا المسؤول مؤكدًا «أن إسرائيل ستدرس هذا الاتفاق وستنظر في الخطوات التي ستتبعها».
من جانبه، أوضح المونسنيور أنطوان كاميلري، الذي يشغل منصبًا هامًا في الفاتيكان، أن الاتفاق يعرب عن أمل الفاتيكان «في التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية والنزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار صيغة الدولتين». وقال كاميلري خلال مقابلة مع صحيفة الفاتيكان «أوسرفاتوري رومانو» إنه يأمل في «أن يساعد الاتفاق، وإن كان بطريقة غير مباشرة، الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطين مستقلة وديمقراطية وذات سيادة، والاعتراف بها».
ومن المفترض أن يشارك الرئيس الفلسطيني في احتفال إعلان تكريم الراهبتين الفلسطينيتين، اللتين تركتا بصماتهما داخل الأراضي المقدسة، بفضل عملهما في المجال الرعوي والنشاط الاجتماعي والخيري.
ويرقد جثمان الراهبة ماري ألفونسين غطاس (1843 - 1927)، التي ولدت في القدس، داخل كنيسة صغيرة في هذه المدينة، أما مريم بواردي، التي يرقد جثمانها في دير في بيت لحم، فهي من الجليل، وقد توفيت في ريعان شبابها حيث لم تتجاوز 33 عامًا (1846 - 1878). ورغم أن عددًا من رجال الكنيسة عاشوا أيضا في نفس المنطقة، أبرزهم القديس يوسف المتحدر من الناصرة بمنطقة الجليل، فإن غطاس وبواردي هما أول قديستين فلسطينيتين في العهود الحديثة.
وقال عباس في كلمة له «نشكر للبابا فرنسيس وللكنيسة الكاثوليكية تنبُّهها واهتمامها للفضيلة التي نبتت في فلسطين، فهي ليست أرض حرب، بل أرض فضيلة وقداسة، كما شاء الله لها أن تكون».
وأضاف موضحًا «هذه رسالة إلهامية تتزامن مع ذكرى نكبة شعبنا في عام 1948، وتعزز وحدتنا، وتؤكد بأنّنا شعب واحد، نسعى معًا لبناء فلسطين المستقلة والحرة والسيدة، على قواعد المواطنة المتساوية وعلى الأسس الروحية والإنسانية السامية».
وبخصوص تكريم الراهبتين الفلسطينيتين تابع عباس: «هاتان المرأتان الفاضلتان من بنات شعبنا، هما سند لنا وصوت فريد وقوي وصارخ يقول لنا إن قوة العزيمة هي أيضا قوة فينا، ويجب أن نسير بها إلى الدولة التي نسعى إليها، وعاصمتها القدس (...) إنّ هاتين القديستين الفلسطينيتين تضفيان بعدًا مميّزًا لمسيرتنا الوطنية، وهي الأسس الروحية والإنسانية السامية التي نستمدها من أرضنا، التي قدّسها الله سبحانه وتعالى وجعلها أرض الحوار بين السماء والأرض، بين الله والإنسان، لتكون أيضا أرض الحوار بين الإنسان وأخيه الإنسان».
وكان الرئيس الفلسطيني قد التقى، مساء أول من أمس، في روما مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، ورئيس الوزراء ماتيو رينزي، قبيل زيارته للفاتيكان، ولكن لم يتم الكشف عن تفاصيل ما تمت مناقشته خلال اللقاء.
وأشرفت حكومة رينزي الائتلافية أخيرًا على اقتراح غير ملزم من قبل البرلمان يمنح الاعتراف المشروط بدولة فلسطين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.