ملك موسيقى البلوز «بي بي كينغ» يرحل عن 89 عامًا

المشاهير تسارعوا برثائه ووسائل الإعلام استذكرت مسيرته الحافلة

ملك موسيقى البلوز «بي بي كينغ» يرحل عن 89 عامًا
TT

ملك موسيقى البلوز «بي بي كينغ» يرحل عن 89 عامًا

ملك موسيقى البلوز «بي بي كينغ» يرحل عن 89 عامًا

وسط تهافت نجوم عالم الموسيقى على إعلان أسفهم وتعازيهم، تأكد نبأ وفاة أسطورة موسيقى البلوز الأميركية بي بي كينغ لدى نشر تدوينة على صفحة على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي اليوم (الجمعة) مرتبطة بابنته كلوديت، ما أثار صدمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لخسارة علم موسيقي وتسارع الناس للإشادة بفنه وموهبته.
وأفادت التقارير بأن بي بي كينغ قد توفي في لاس فيغاس عن عمر يناهز 89 عاما.
ودخل كينغ إلى المستشفى في أبريل (نيسان) وقضى بها أياما قليلة بعد إصابته بالجفاف الناتج عن النوع الثاني من السكري. وذكر كينغ في مايو (أيار) في تعليق على «فيسبوك» أنه يخضع للرعاية الصحية المنزلية.
وانهمكت وسائل الإعلام بتغطية خبر وفاة كينغ ونعيه، حيث عنونت صحيفة «الغارديان» البريطانية خبر رحيله بـ«وي أُل هاف ذا بلوز» أي كلنا حزينون. وكتبت شبكة «سي إن إن» على موقعها «صبي البلوز في شارع بيل يرحل عنا»، وأما مجلة «رولينغ ستون» العريقة المعنية بالموسيقى فكتبت في ذكراه «من الصعب تخيل عالم بلا بي بي كينغ»، وأكد موقع «موثير جونز» على ذلك بعنونة خبره «الحماس اختفى.. ارقد بسلام يا بي بي».
من جانبهم، تسارع نجوم عالم الغناء والمشاهير برثاء وتذكر ملك موسيقى البلوز، فوفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقال المغني والشاعر البريطاني إيريك كلابتون «أشكرك يا بي بي لدعمك لي، ولن أنسى أوقاتنا سويا وستظل علما في عالم البلوز». وغردت المغنية الأميركية الشهيرة غلاديس نايت «كنت رجلا عظيما ولن ننساك للأبد، فقد ألهمت ملايين الناس حول العالم». ودعا الممثل الأميركي الشهير سامويل جاكسون متابعيه على «تويتر» إلى سماع أغاني كينغ اليوم لإحياء ذكراه.
ونقل كينغ خلال مراحل مهنته موسيقاه من مجرد مقطوعات ووصلات في الحانات الريفية لتصبح فنا سائدا شكل إلهاما لجيل من عازفي الغيتار مثل إريك كلابتون وستيف راي فوجان.
يذكر أن رايلي بي كينغ المشهور باسم بي بي كينغ ولد في 16 سبتمبر (أيلول) عام 1925. واقتنى أول غيتار في حياته حين كان في الخامسة عشرة من عمره، وبحلول أواسط الأربعينات من القرن الماضي، انتقل إلى ممفيس، ليتدرب على يد ابن عمه عازف الغيتار في موسيقى البلوز بوكا وايت. وسرعان ما ابتدع كينغ أسلوبه الخاص في العزف على الغيتار، مبتكرا نغما متهدجا لم يسبقه إليه أحد، إذ استحوذ على المستمعين، الذين كانوا يميزونه فور سماعه.
وبعد أن أتيحت له فرصة المشاركة لمدة عشر دقائق في برنامج إذاعي محلي، أطلق عليه اسم صبي البلوز في شارع بيل، وهو اللقب الذي اختصر ليصبح «بي بي».
وعلى مدار مسيرته الفنية، أصدر كينغ ما يزيد على عشرة ألبومات دمج فيها موسيقى البلوز مع البوب والروك.
وتحدث كينغ في سيرته الذاتية «بلوز أول أراوند مي» عن النظرة الدونية إلى موسيقى البلوز مقارنة بالروك والجاز. وأضاف: «في الوقت الذي كانت فيه حركة الحقوق المدنية تكافح من أجل كسب الاحترام للسود كنت أشعر أنني أكافح من أجل كسب الاحترام للبلوز».
وفي عام 2003 صنفت مجلة «رولينغ ستون» ملك البلوز في المرتبة الثالثة بين أعظم مائة عازف غيتار على الإطلاق بعد هندريكس ودواين أولمان.
وفاز كينغ في حياته الفنية بجائزة غرامي 14 مرة، وأدرج اسمه عام 1984 في قاعة مشاهير مؤسسة البلوز، في حين أدرج عام 1987 في قاعة مشاهير الروك آند رول، وجرى التصديق رسميا على شهرته، عندما احتفى الرئيسان الأميركيان بيل كلينتون، وجورج بوش، بإنجازاته في حفل تكريم خاص في مركز كيندي.
وسيرتبط اسمه إلى الأبد بنوع من آلات الغيتار من نوع بلاك جيبسون التي أطلق عليها اسم «لوسيل»، ولم تكن تفارقه.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.