أعمال شغب وتدمير مقر للوقف السني بالأعظمية أثناء احياء ذكرى الكاظم

مكتب العبادي يتهم «مندسين» بين الزوار.. وأهالي المدينة يطالبون بحمايتهم

حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز) حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز)
حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز) حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز)
TT

أعمال شغب وتدمير مقر للوقف السني بالأعظمية أثناء احياء ذكرى الكاظم

حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز) حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز)
حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز) حشود من زوار الإمام الكاظم في المسجد الذي يضم ضريحه في مدينة الكاظمية شمال بغداد أمس (رويترز)

اندلعت أعمال عنف وشغب في منطقة الأعظمية ذات الغالبية السنية في شمال بغداد فجر أمس، أثناء عبور زوار شيعة يحيون ذكرى وفاة الإمام الكاظم، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، بحسب ما أفادت به الشرطة. وشملت أعمال العنف إحراق منازل والاعتداء على مبنى تابع للوقف السني في الأعظمية التي يعبرها الزوار من خلال جسر الأئمة في طريقهم إلى منطقة الكاظمية، لزيارة ضريح الإمام موسى الكاظم إحياء لذكرى وفاته التي يفترض أن مراسمها قد اختتمت أمس. واتهم مسؤولون عراقيون، بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي، «مندسين» بين الزوار بالتسبب بهذه الأعمال.
وتفقد العبادي أمس مبنى استثمار الوقف السني الذي قالت الشرطة العراقية إن مسلحين مجهولين قاموا بإحراقه فجر أمس مع نحو خمسة منازل في منطقة ذات غالبية سنية، شمال العاصمة العراقية بغداد.
وقال مكتب العبادي في بيان إن «العبادي زار منطقتي الأعظمية والكاظمية فجر اليوم (أمس) لتطويق الفتنة التي حاول عدد من المندسين إحداثها». ودعا إلى «تطويق الفتنة في الأعظمية»، مطالبًا القوات الأمنية بـ«ملاحقة مثيريها».
واستنكر أهالي الأعظمية إسناد الحادث لـ«المندسين» ففي عام 2005 تسبب «المندسون» بمقتل أكثر من 1200 زائر من زوار الإمام الكاظم ممن تدافعوا على الجسر الرابط بين مدينتي الأعظمية السنية والكاظمية الشيعية الذي يطلق عليه «جسر الأئمة» والهدف هو إثارة الفتنة الطائفية التي سرعان ما تفجرت بعد شهور عندما انطلقت شرارتها من سامراء.
وفجر أمس وفي ذروة مراسم الزيارة للإمام الكاظم في مدينة الكاظمية حيث سلك الزوار طريق الأعظمية عبر الجسر، حضر «المندسون» في غياب الأجهزة الأمنية والاستخبارات والمعلومات لكي يبدأوا حملة منظمة بدأت أولا بإحراق مبنى استثمار الوقف السني. ومع عمليات سب وشتم للصحابة ولأهالي الأعظمية طبقا للفيديوهات التي تم تداولها وواصلوا عملية الحرق للكثير من المنازل والسيارات العائدة للمواطنين هناك. وروى قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري في مؤتمر صحافي أمس تفاصيل ما حصل ليلة «الفتنة» بالأعظمية، قائلا إن «هناك شائعات انطلقت في مناطق متفرقة بساحة عدن وساحة محمد الجواد والعطيفية، وفي المنطقة ذاتها التي وقع بها حادث حرق هيئة إدارة استثمار الوقف السني، ما أدى إلى حصول تدافع تمت السيطرة عليه». وأضاف: «فوجئنا بعد ذلك بمحاولة بعض المندسين اقتحام هيئة إدارة استثمار الوقف السني واعتلاء البعض للأسطح المجاورة وحرق خمسة من الدور والعجلات».
وأضاف الشمري أنه «تم اعتقال نحو 15 شخصا على خلفية الأحداث، وإلقاء القبض على عدد من مطلقي الإشاعات»، لافتًا إلى أنه «سيتم تقديم هؤلاء إلى العدالة بتهمة الإرهاب».
وحمل الشيخ صلاح محمد الأعظمي الحكومة مسؤولية ما حدث، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تقصيرا واضحا من قبل الجهات المسؤولة سواء كانت في الأجهزة الحكومية أو من قبل المسؤولين عن المواكب الذين كان يتوجب عليهم توعية الزوار أو تنبيههم إلى توخي الحذر والدقة، كما أنه يفترض أن لا تكون العملية غير مسيطر عليها بحيث تقع المأساة ومن ثم تتحرك الدولة لكي يقال إن ما حصل فتنة وقد جرى تطويقها». ودعا إلى «وضع حد لمثل هذه المسائل بحيث تحترم حرمة مدينة الأعظمية ليس بالكلام فقط، وإنما بإجراءات ملموسة، وفي حال عدم القدرة على ذلك بالإمكان تغيير مسار الزوار حتى لا يحصل احتكاك، علما أنه يحصل دائما من جانب واحد هو مجاميع من الزوار الشيعة».
واستنكر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الحادث، وقال في بيان له: «إن كان شذاذ الآفاق ممن هم لا ينتمون لا لتشيع ولا تسنن يعتدون علينا، فذلك لا يعطينا الحق للاعتداء على أهل الاعتدال من أهل التسنن، ولا يعطينا الحق بالاعتداء على أحد لم يواجهنا في سوح القتال».
بينما طالب أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية وأبرز الزعامات السنية بشكل رسمي بتغيير مسار الزوار وتشكيل فوج من أهالي الأعظمية بهدف حماية مدينتهم.
ودعا رئيس جماعة علماء العراق الشيخ خالد الملا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «عرض من قالت عمليات بغداد إنهم تم اعتقالهم لحظة وقوع الحادث من على قناة (العراقية) الفضائية مثلما يعرضون من يعتقلونهم من الدواعش أو المجرمين لكي تهدأ النفوس ويطمئن المواطنون إلى أن هناك إجراءات حقيقية؛ لأن الاستمرار في حكاية المندسين أمر لم يعد مقبولا دون معرفة الجهات التي ينتمون إليها من أي طرف أو جهة». وأضاف أن «مثل هذه الأعمال مستنكرة ومرفوضة، لا سيما أن العراق كله يمر اليوم بأزمة، والمطلوب هو زيادة أصوات الاعتدال والتهدئة وليس تصعيد لغة التهديد والوعيد، ولن يتحقق ذلك ما لم تكن هناك إجراءات صارمة من قبل الجهات التي بيدها الأمن».
وفي السياق نفسه أكد الناطق الرسمي باسم دار إفتاء أهل السنة والجماعة الشيخ عامر البياتي لـ«الشرق الأوسط» أن «مثل هذه الأعمال هي في الواقع تصعيد خطير ومرفوض لأنه في النهاية يستهدف وحدة المسلمين بكل مذاهبهم، ولن يستفيد منه سوى أعداء العراق»، مطالبا «الحكومة باتخاذ كل الإجراءات الهادفة إلى حفظ الأمن وطمأنة المواطنين باعتبارها هي المسؤولية الأولى لها، كما نطالب أجهزة الإعلام بعدم التصعيد لأن الأهم بالنسبة لنا هو التأكيد على الثوابت الوطنية». وتحولت الأعظمية شمال بغداد أمس إلى محطة لغالبية المسؤولين العراقيين، إذ أقيمت في جامع أبي حنيفة النعمان صلاة موحدة بين أهالي مدينتي الكاظمية والأعظمية بتنسيق بين ديواني الوقفين السني والشيعي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».