موضوع الأقاليم الفيدرالية يعود مجددًا إلى دائرة النقاش في العراق

تزامنا مع مباحثات لقياديين من الأنبار ونينوى بواشنطن

موضوع الأقاليم الفيدرالية يعود مجددًا إلى دائرة النقاش في العراق
TT

موضوع الأقاليم الفيدرالية يعود مجددًا إلى دائرة النقاش في العراق

موضوع الأقاليم الفيدرالية يعود مجددًا إلى دائرة النقاش في العراق

عاد موضوع الأقاليم الفيدرالية إلى الواجهة في العراق مجددا، بالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها رافع العيساوي، وزير المالية الأسبق والقيادي في اتحاد القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر في البرلمان العراقي)، برفقة محافظ نينوى أثيل النجيفي، إلى واشنطن، للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما وأعضاء في الكونغرس وبعض المراكز السياسية المهمة ووسائل الإعلام.
وتتزامن زيارة العيساوي والنجيفي مع مداولات الكونغرس الأميركي بشأن مشروع قانون يدعو إلى تسليح عشائر المحافظات السنية والبيشمركة مباشرة، الأمر الذي أثار ردود فعل سلبية ضد واشنطن، التي عادت وقالت إن التسليح سيتم بإشراف حكومة بغداد.
مكتب العيساوي قال لـ«الشرق الأوسط» إن زيارته إلى واشنطن «بحثت سبل إيجاد حل عاجل للمحافظات التي يسيطر عليها تنظيم داعش وتوفير الدعم العسكري اللازم لأبنائها لطرد المسلحين منها». ونقل المكتب عن العيساوي قوله إن «جميع القضايا الراهنة تم طرحها أمام الرئيس الأميركي والكونغرس من أجل إيجاد حل سريع وعاجل لما يحصل في العراق والمحافظات السنية بشكل خاص». وأضاف العيساوي أن «أهم مقتضيات هذه المرحلة طرد (داعش) من تلك المحافظات، وتأخر تسليح العشائر السنية والبيشمركة سيزيد من تفاقم الوضع سوءا، خصوصا في نينوى والأنبار، لذلك نحن هنا، فإذا ما التزمت واشنطن بدعم العشائر وتسليحها فإننا نتعهد بتطهير الأنبار ونينوى في وقت قياسي».
وبينما تضاربت الأنباء بشأن طرح العيساوي والنجيفي أثناء موضوع تشكيل إقليم يضم خمس محافظات هي نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك، تجددت السجالات في الشارع العراقي حول موضوع الأقاليم بين القبول والرفض. وفي هذا السياق، قال سبهان الملا جياد، رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس محافظة صلاح الدين، إن مجلس المحافظة يشهد مداولات بشأن إعادة طرح مشروع «إقليم صلاح الدين». وكان مجلس المحافظة قد طالب في 2011 الحكومة العراقية بالشروع في إجراءات أقلمة صلاح الدين، لكن المشروع فشل بفعل مماطلة الحكومة التي كان يقودها في ذلك الوقت نوري المالكي.
وقال جياد لـ«الشرق الأوسط» إن المشروع عاد إلى الواجهة «خصوصا بعد ما تعرضت له المحافظة من سيطرة من قبل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي وعدم وجود قوة للدفاع عن المحافظة من أبنائها، وبوجود الإقليم سنتمكن من تشكيل قوة للدفاع عن مدن صلاح الدين من قبل أبنائها أنفسهم، لكن أمر طرح وإقرار مشروع الإقليم يحتاج إلى إجماع داخل المجلس وإلى اتفاق مع السلطات الاتحادية».
بدوره، قال طه عبد الغني، عضو مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الحالي لا يسمح بتشكيل أو إعلان أو طرح موضوع إقليم الأنبار، كون المحافظة تتعرض إلى احتلال شرس من قبل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي، ونحن بحاجة إلى وقفة جادة من قبل إخوتنا وشركائنا في الوطن الذين ربما تثير حفيظتهم التصريحات بشأن الإقليم». وتابع «إننا مع تشكيل إقليم الأنبار الإداري وليس الإقليم الذي يريد البعض تشكيله على أساس طائفي، والإدارة الأميركية تسعى لتشكيل أقاليم في العراق على أسس طائفية وعرقية، وهذا ما نسميه نحن تمزيقا للعراق، وهذا يرفضه الشعب العراقي برمته».
وأكد عبد الغني أن «زيارة العيساوي والنجيفي إلى واشنطن هي للإسراع بدعم العشائر التي تقاتل (داعش)، وإذا كان الهدف من وراء الزيارة هو مناقشة موضوع الإقليم السني فهذا أمر نرفضه بالكامل، لأن الأنبار تحتاج إلى وقت طويل حتى تصبح إقليما إداريا، فلا الوضع الأمني ولا الوضع الاقتصادي يسمح لنا بذلك، عكس ما تمتلكه بعض المحافظات العراقية المطالبة بإقليم إداري ومنها محافظة البصرة».
وفي ما يخص البصرة، أكد عضو البرلمان العراقي السابق القاضي وائل عبد اللطيف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ساعون إلى إعلان إقليم البصرة بعد الانتهاء من بعض الإشكالات الإدارية التي عرقلت إقرار الإقليم». وأضاف عبد اللطيف «مفوضية الانتخابات أرسلت إلينا نسخة جديدة لجمع التواقيع من مواطني البصرة بعد أن تبين أن هناك عدم تطابق في 37 ألف اسم من الأسماء والتواقيع المقدمة للمفوضية، وسنعقد في نهاية هذا الشهر مؤتمرا يضم خمس كتل سياسية كبرى في محافظة البصرة من أجل الإسراع بالإجراءات الإدارية التي نحتاجها، كما ستتم مناقشة المشاريع التي نحتاجها بعد إقرار الإقليم».
نائب رئيس مجلس محافظة ديالى، عمر معن الكروي، أكد، بدوره، لـ«الشرق الأوسط»، أن موضوع الإقليم «قانوني ودستوري، فقد أقره الدستور العراقي»، مضيفا أنه «سبق لمجلس محافظة ديالى أن أعلن في وقت سابق إقرار إقليم ديالى، لكن الأحداث الأمنية منعت من تقديم المشروع إلى السلطات الاتحادية». وقال الكروي إن المشروع الآن «هو قيد الانتظار خصوصا بعد التدهور الأمني الذي حصل في عموم المحافظة بعد أن سيطر مسلحو (داعش) على مساحات واسعة منها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.