شح الأوراق المالية في عدن.. والمقاومة تتهم الحوثيين بنهب البنك المركزي اليمني

قتال عنيف لمنع الحوثيين من الاستيلاء على ميناء الزيت.. وموظفو القطاع الخاص والحكومي لم يتسلموا رواتبهم منذ شهرين

شح الأوراق المالية في عدن.. والمقاومة تتهم الحوثيين بنهب البنك المركزي اليمني
TT

شح الأوراق المالية في عدن.. والمقاومة تتهم الحوثيين بنهب البنك المركزي اليمني

شح الأوراق المالية في عدن.. والمقاومة تتهم الحوثيين بنهب البنك المركزي اليمني

تعاني العاصمة اليمنية المؤقتة عدن من شح في الأوراق النقدية بسبب عمليات السطو من قبل ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي صالح على البنك المركزي الذي يقع في مديرية كريتر التي تسيطر عليها الميليشيات منذ اقتحامهم المدينة، وانعكست هذه العمليات - بحسب قيادات في المقاومة الشعبية - على الحياة اليومية وتأخر منح أجور العالمين في القطاع الحكومي والخاص لأكثر من شهرين، مع تعثر النشاط الإغاثي، نظرا لتوقف الأعمال المصرفية وندرة الأوراق المالية في المحافظة.
ويخشى مراقبون أن تكون ميليشيات الحوثيين، قد قامت خلال الفترة الماضية بعمليات تهريب للأموال التي سيطرت عليها من البنك المركزي إلى مدن أو دول أخرى عبر وسطاء غير شرعيين، مطالبين بأن تتخذ الحكومة اليمنية خطوات احترازية لوقف الاستفادة من هذه الأموال، خصوصا أن البلاد تمر بظروف اقتصادية استثنائية تلزم الحكومة بالتحرك لمنع أي استفادة من المقدرات الوطنية، ومنها المشتقات النفطية التي انقطعت بشكل كامل عن عدن.
وقال لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول طلب عدم الإفصاح عن اسمه إن «موظفي القطاع الخاص والحكومي لم يتسلموا رواتبهم منذ شهرين بسبب سيطرة الحوثيين على البنك الأهلي المركزي الواقع في مديرية كريتر وسرقة محتوياته»، لافتا إلى أن شح الأوراق المالية في عدن بدأ يظهر على السطح بشكل كبير وعدم قدرة السلطات المحلية على جلب أموال لدفع أجور الموظفين للفترة الماضية.
وأكد علي الحبشي رئيس ائتلاف الإغاثة في عدن إن «شح الأوراق المالية وإغلاق المصارف وتحديدا البنك المركزي أثر بشكل كبير على عمليات الإغاثة في عدن، بسبب عدم قدرة الائتلاف على توفير الأوراق المالية لشراء احتياجات المدنيين، خصوصا أن هناك أكثر من 400 ألف فرد نزحوا من المديريات الملتهبة في عدن إلى المديريات المجاورة التي تعاني الحصار، إضافة إلى سقوط أكثر من 500 شهيد منذ بداية الحرب حتى الآن، ونحو من أربعة آلاف جريح بحسب ما وثق لدى المستشفيات».
وفي هذا الجانب، قال علي الأحمدي المتحدث الرسمي لمجلس المقاومة في عدن: إن «البنك المركزي يقع في مديرية كريتر التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، وبحسب المعلومات التي يجري التأكد منها فإن الحوثيين سيطروا على البنك»، موضحا أن ميليشيات الحوثي قامت بما هو أسوأ من سرقة الأموال، حيث دمرت البنية التحتية في عدن.
وفي سياق متصل، تعرضت قوافل النازحين من المواطنين العزل من مناطق التماس إلى المناطق الآمنة للاستهداف المباشر، حيث قتل الكثير من الأبرياء أثناء نزوحهم، في حين حصرت أعداد كبيرة من المواطنين في مناطق مختلفة في عدن تحت خط النار، خاصة في مناطق كريتر، المعلا، والقلوعة، التواهي وخور مكسر، الأمر الذي منع طواقم الإغاثة من الوصول إلى المحاصرين وتعرض بعضهم للاعتقال، في حين أعدمت ميليشيات الحوثيين بعض مقدمي الإغاثة أثناء محاولتهم إخلاء القتلى. وتعرضت المستشفيات بحسب رئيس ائتلاف الإغاثة في عدن والطواقم الطبية وعربات الإسعاف للاستهداف المباشر ونقص المخزون الدوائي والإسعافي، كما ظهرت أعراض بعض الأمراض الوبائية في بعض مناطق عدن مثل حمى الضنك، التي يخشى من تفشيها بين المواطنين في حال عجزت المنظمات الدولية عن تقديم الدعم في المرحلة المقبلة. وقال الحبش إن «المدينة تحتاج إلى توفير المواد الغذائية الأساسية، توقفت الواردات إلى ميناء عدن منذ أكثر من 60 يوما، مع ضرورة توفير ممرات آمنة وسط جبهات التماس لإخلاء الجرحى والمحاصرين وتمرير الأغذية والأدوية للسكان المحاصرين، كما أن هناك حاجة ماسة للأدوية والمستلزمات الطبية»، موضحا أن ذلك لا يجري إلا بتأمين وحماية ميناء عدن ومطار عدن الدولي، كي يتمكن من استقبال الأساطيل البحرية والجوية المحملة بالشحنات الإغاثية والواردات الغذائية.
وميدانيا، نجحت المقاومة في الاستيلاء على ثلاث دبابات عسكرية، بعد أن وضعت كمائن في مواقع مختلفة، وعربات محملة برشاش آلي، فيما اشتدت المعارك في منطقة عمران بين المقاومة الشعبية التي تصدت لمحاولة الحوثيين الدخول للبريقة عبر المنطقة والسيطرة على المصفاة وميناء الزيت.
وقال المتحدث باسم مجلس المقاومة: إن «جميع الجبهات تشهد هدوءا نسبيا يترقبه حذر شديد، قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث تستميت ميليشيات الحوثيين بالتعاون مع عبد الله صالح للدخول إلى البريقة للسيطرة على المصفاة وميناء الزيت الذي يعد المنفذ البحري الوحيد لمدينة عدن الذي ينقل منه المصابون إلى جيبوتي ونستقبل الإغاثة»، موضحا أن «ميليشيات الحوثي تقوم بقصف عشوائي على سكان تلك المواقع بقذائف الهاون، التي نتج عنها سقوط أعداد كبيرة من المدنيين».
وحول تسرب تقارير صحافية عن تحريك الجيش السعودي في نجران وتأثيره على المقاومة، قال الأحمدي «نتابع ما تتناقله وسائل الإعلام في هذا الشأن، الذي ينعكس إيجابا على أفراد المقاومة التي تعيش أفضل حالاتها من ناحية الأداء الميداني ورفع المعنويات بعد الضربات العسكرية لقوات التحالف»، لافتا إلى أن القوات السعودية تعمل للحفاظ على أمن وسلامة اليمن من أي انتهاك للشرعية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».