تغطية الصحافة البريطانية للانتخابات تظهر أن نتائجها جاءت مفاجئة للجميع

أسبوع الترشيحات للانتخابات الأميركية وما بعد اضطرابات بالتيمور

تغطية الصحافة البريطانية للانتخابات تظهر أن نتائجها جاءت مفاجئة للجميع
TT

تغطية الصحافة البريطانية للانتخابات تظهر أن نتائجها جاءت مفاجئة للجميع

تغطية الصحافة البريطانية للانتخابات تظهر أن نتائجها جاءت مفاجئة للجميع

أكدت عناوين الصحف البريطانية، طيلة الأسبوع الماضي، على أن نتائج الانتخابات مفتوحة على كل الاحتمالات، وحذرت من خطورة التحديات المقبلة.
صحيفة «تايمز» نشرت تحت عنوان «يوم القيامة» صورة لبرلمان وستمنستر وسط أجواء تنذر بنهاية العالم. وحذرت صحيفة «ديلي تلغراف» المقربة أيضا من المحافظين من «القيام بأي شيء قد يندمون عليه». هذا النوع من التغطية استمر حتى يوم الخميس الماضي، أي يوم الانتخابات العامة.
وكتبت صحيفة «غارديان» أن هذه الانتخابات «لا يمكن أن تكون أكثر تنافسية». ونشرت نتائج آخر استطلاع للرأي أجراه معهد «إي سي إم» ويظهر تعادل المحافظين والعماليين بنسبة 35 في المائة، والديمقراطيين الأحرار بـ9 في المائة.
لكن مع إعلان النتائج المفاجئة للمراقبين ووسائل الإعلام، قالت الصحف في نهاية الأسبوع الماضي وبعد حملة إعلامية مكثفة من التغطية للانتخابات البرلمانية، التي جاءت نتائجها مخالفة لكل التوقعات، إن فوز رئيس الوزراء الحالي وزعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون كان ساحقا، لكنه سيواجه معركة لتبقى اسكوتلندا جزءا من بريطانيا، وبريطانيا جزءا من الاتحاد الأوروبي.
وحذرت الصحف من أن ولاية رئيس الوزراء المحافظ الثانية ستكون أصعب من الأولى، رغم حصوله على الغالبية في البرلمان. كما ركزت الصحف على كيفية إعادة بناء حزب العمال وحزب الديمقراطيين الأحرار بعد هزيمتهما في الاقتراع واستقالة زعيميهما، بعد ساعات على إعلان النتائج.
وقالت صحيفة «تايمز» إن كاميرون «سيحتاج إلى كل مزايا القيادة» ليواجه التحديات خلال ما سيكون ولايته الأخيرة. وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها: «الناخبون في بريطانيا أصدروا حكما كاسحا على أداء حزبين رئيسيين في البلاد، ومنحوا السلطة لحزب ثالث، وقاموا بثورة في اسكوتلندا».
وفاز الحزب الوطني الاسكوتلندي الذي يطالب باستقلال اسكوتلندا بـ56 من المقاعد الـ59 المخصصة لاسكوتلندا. وذكرت الصحيفة أن «القوتين وراء هذا الزلزال حزب المحافظين وحزب الوطنيين الاسكوتلنديين». أما صحيفة «غارديان» التي دعمت حزب العمال، فقالت إنه على كاميرون الآن أن يضع البلاد قبل الحزب. وكتبت أن «قيادة المحافظين وإنجازاتهم الاقتصادية أتاحت لهم جذب عدد كبير من الناخبين المعتدلين للحصول على غالبية لافتة، وإن كانت بسيطة». وأضافت: «سيحتاج إلى حكمة أكبر ورؤية أهم من ولايته الأولى، إذا شاء أن ينجح في ولايته الثانية والأخيرة في توحيد البلاد».
أما صحيفة «ذي إندبندنت»، فقالت إن على كاميرون أن يتحرك بسرعة لوقف تفتت الدولة.
واهتم الإعلام الأميركي في الأسبوع الماضي بمزيد من الترشيحات لرئاسة الجمهورية، مما زاد نار الحملة الانتخابية، رغم أن الانتخابات ستجري بعد عام ونصف العام. واهتم بتطورات ما بعد الاضطرابات العنصرية في بالتيمور (ولاية ميريلاند).
في بداية الأسبوع، اهتمت صحيفة «بالتيمور صن» بخبر أن وزارة العدل أعلنت فتح تحقيق مع قسم شرطة بالتيمور في أعقاب وفاة الأسود فريدي رمادي، وهي الوفاة التي تسببت في اضطرابات، ومظاهرات، وحرائق. وكانت عمدة المدينة، السوداء، اتهمت الشرطة بسوء معاملة الذين تعتقلهم، خاصة السود. ونقل تلفزيون «سي إن إن» تفاصيل قرار البنتاغون برفع درجة اليقظة الأمنية في القواعد العسكرية الداخلية بسبب «زيادة تهديدات المتطرفين في الولايات المتحدة، وبعد إطلاق النار أمام معرض عن رسومات كاريكاتيرية للنبي محمد قرب دالاس (ولاية تكساس)». ونقلت صحيفة «هيل» (التي تهتم بأخبار الكونغرس) خبر موافقة مجلس الشيوخ على مشروع قانون يعطي الكونغرس صوتا في أي صفقة نووية نتيجة التفاوض بين إيران والقوى العالمية. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» في صدر صفحتها الأولى خبر قرار المحكمة الأميركية الاستئنافية بأن التجسس الجماعي الذي تقوم به وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه) لتليفونات الأميركيين «غير قانوني»، حسب قانون الكونغرس عن مكافحة الإرهاب.
في منتصف الأسبوع، اهتم الإعلام الأميركي بتطورات غير سياسية. نشرت شركة «بلومبرغ» الإعلامية أن أكبر شركة في العالم لصناعة المواد الكيماوية الزراعية، «سنغيتنا» السويسرية، رفضت عرضا لشرائها قدمته شركة «مونسانتو» الأميركية، بأربعين مليار فرنك سويسري.
ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» خبر أن اقتصاد الولايات المتحدة أضاف 223.000 وظيفة في الشهر الماضي، مع انخفاض معدل البطالة إلى 5.4 في المائة.
واهتم تلفزيون «إي إس بي إن»، وتلفزيونات أخرى بإعلان اتحاد كرة القدم الأميركية بأن اثنين من فريق نيو إنغلاند تعمدا إفراغ كرات قدم من قليل من الهواء. وأن «كورترباك» (كبير اللاعبين) توم برادي، الذي قاد فريقه نحو النصر، كان يعرف ذلك. ويتوقع أن تكون للقرار أبعاد ربما ستحرم الفريق من منافسات في المستقبل. مع نهاية الأسبوع، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» إعلان منظمة الصحة العالمية أن ليبيريا صارت خالية رسميا من فيروس «إيبولا»، بعد مضى أربعة أسابيع دون أي حالة جديدة. واهتمت صحيفة «واشنطن بوست» بإعلان السعودية وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام في اليمن ابتداء من يوم الثلاثاء القادم، وذلك على ضوء زيارات جون كيري، وزير الخارجية الأميركية، لعدد من الدول الخليج.



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.