تفاؤل يوناني وتحفظ أوروبي بشأن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأن الديون

تسيبراس يدعو أعضاء حكومته إلى اجتماع طارئ لبحث عملية التفاوض مع الدائنين

مسؤولون أوروبيون يؤكدون أن مجموعة اليورو تتوقع اتفاقا مبدئيا يتيح لأثينا موافقة البنك المركزي الأوروبي على توفير السيولة المالية (أ.ب)
مسؤولون أوروبيون يؤكدون أن مجموعة اليورو تتوقع اتفاقا مبدئيا يتيح لأثينا موافقة البنك المركزي الأوروبي على توفير السيولة المالية (أ.ب)
TT

تفاؤل يوناني وتحفظ أوروبي بشأن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأن الديون

مسؤولون أوروبيون يؤكدون أن مجموعة اليورو تتوقع اتفاقا مبدئيا يتيح لأثينا موافقة البنك المركزي الأوروبي على توفير السيولة المالية (أ.ب)
مسؤولون أوروبيون يؤكدون أن مجموعة اليورو تتوقع اتفاقا مبدئيا يتيح لأثينا موافقة البنك المركزي الأوروبي على توفير السيولة المالية (أ.ب)

دعا رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس أعضاء حكومته إلى اجتماع طارئ أمس الأحد لمناقشة آخر التطورات بشأن المفاوضات التي تجري في بروكسل بين أثينا والدائنين للتوصل إلى اتفاق يسمح بمد اليونان بالسيولة المالية اللازمة، وذلك في ضوء اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو والذي يعقد اليوم الاثنين، ومن المعروف أن قراراته حاسمة لمستقبل اليونان وخصوصا في هذه الفترة التي تعاني منها أثينا أزمة مالية خانقة تكاد تخرجها من منطقة اليورو.
ووفقًا للمصادر فإن هناك تقدم في المفاوضات بين خبراء تقنيين من اليونان مع ما يسمى مجموعة بروكسل حول ديون أثينا، ويؤكد مسؤولون أوروبيون أن مجموعة اليورو تتوقع اتفاقا مبدئيا يتيح لأثينا، موافقة البنك المركزي الأوروبي، على توفير السيولة المالية لها خلال فترة المفاوضات من برنامج التيسير الكمي للاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن الاتصالات المكثفة التي أجراها مؤخرا رئيس وزراء اليونان تسيبراس مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي وخصوصا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وأيضا مع جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، قد تؤثر علي سير المفاوضات والتوصل إلى اتفاق بين الجانب اليوناني والدائنين.
في غضون ذلك، حث مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي اليونان ودائنيها على تحقيق تقدم في محادثاتهم اليوم الاثنين، بشأن إبرام صفقة لتقديم أموال مقابل الإصلاحات، محذرا من عدم وجود «خطة بديلة» في حالة تخلف اليونان عن السداد.
وقال النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانز إن «ما نحتاجه الآن هو تقدم حقيقي». وقال إذا عملت على خطة بديلة فإنك تتخلى بشكل أساسي عن الخطة الأصلية»، وأضاف أن كل الأطراف المعنية لا بد وأن تفعل كل شيء لنجاح المفاوضات مع اليونان.
ووفقا للمراقبين فإن الحكومة اليونانية التي يقودها اليساريون التي انتخبت في يناير (كانون الثاني) الماضي تتلكأ في تنفيذ إصلاحات غير شعبية وقاسية وعدت بها الحكومة السابقة بموجب برنامج إنقاذ قدمه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لليونان.
من جانبه، قال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إنه متفائل بشأن توصل بلاده لاتفاق مع دائنيها، وإنه يتوقع نهاية سعيدة للمفاوضات بين بلاده ودائنيها بشأن التوصل لاتفاق يقضي بتقديم المزيد من المساعدات النقدية لأثينا مقابل إجراء إصلاحات اقتصادية، لكن مصادر مطلعة على المحادثات بين الطرفين، قالت إن بعض النقاط الهامة لم يتم التوصل لاتفاق بشأنها حتى الآن.
وذكر تسيبراس أمام البرلمان اليوناني أنه لم تعد هناك مسائل تقنية تحول دون التوصل لاتفاق، وأن الأمر أصبح يتعلق بالإرادة السياسية، فيما أكد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس ثقة حكومة بلاده في التوصل لاتفاق مع دائنيها خلال المحادثات التي أجراها مع نظرائه من منطقة اليورو خلال الأيام الأخيرة.
في المقابل، قالت مصادر مطلعة على المحادثات بين اليونان وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي إن هناك بعض النقاط الحيوية المتعلقة بالإصلاحات الخاصة بالمعاشات وسوق العمالة وأهداف الميزانية، ما زالت عالقة ولم يتم الاتفاق بين الطرفين بشأنها.
وبالإضافة إلى أن وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله قال إنه لا يتوقع توصل اجتماع مجموعة اليورو اليوم (الاثنين) إلى اتفاق، حذّر من تخلف اليونان عن السداد. من جانبه حذر مفوض الشؤون الاقتصادية والمالية بالاتحاد الأوروبي بيير موسكوفيتشي من استمرار خطورة الوضع الاقتصادي في اليونان، وقال إن إصلاح اقتصاد اليونان لا يسير بسرعة كافية أو إلى مدى كاف، وأنه يجب تحقيق تقدم في اجتماع اليوم المشار إليه، وقال: «حتى الآن الأمور لا تسير بالسرعة الكافية أو إلى المدى الكافي، والجميع بدأوا يدركون هذا الآن، وأننا بحاجة إلى التحرك بسرعة».
من جانبه أوضح وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس في مقال صحافي، بعض الأمور فيما يتعلق بالخلاف بين أثينا والدائنين في موضوع العمالة ومعاشات التقاعد، حيث قال إن المزيد من خفض الأجور لن يساعد الشركات الموجهة للتصدير، والتي أصبحت غارقة في أزمة ائتمانية، والمزيد من خفض معاشات التقاعد لن يعالج الأسباب الحقيقية وراء المشكلات التي يواجهها نظام التقاعد (انخفاض معدل التوظيف والعمالة الهائلة غير المسجلة). والواقع أن مثل هذه التدابير لن تؤدي إلا إلى إلحاق المزيد من الضرر بالنسيج الاجتماعي المنهك بالفعل في اليونان، وهو ما من شأنه أن يجعلها غير قادرة على توفير الدعم الذي تحتاج إليه أجنده الإصلاح بشدة.
وأشار فاروفاكيس إلى أن الحكومة اليونانية حريصة على ترشيد نظام التقاعد (على سبيل المثال من خلال الحد من التقاعد المبكر)، والمضي قدمًا في الخصخصة الجزئية للأصول العامة، ومعالجة القروض المتعثرة التي تعرقل دوائر الائتمان في اقتصاد البلاد، وإنشاء لجنة دائمة ومستقلة تمامًا لإدارة الضرائب، وتعزيز ريادة الأعمال. وتتعلق الخلافات التي تظل قائمة بالكيفية التي نفهم بها العلاقة بين الإصلاحات المتعددة والبيئة الكلية.
يذكر أن التوصل لاتفاق بين اليونان ودائنيها قبل نهاية مايو (أيار) الحالي، يعد شرطا رئيسيا بالنسبة للبرلمانات الأوروبية لتوافق على تقديم 7.2 مليار يورو لأثينا كجزء متبق من حزمة الإنقاذ تنتهي مهلته في يونيو (حزيران) المقبل.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»