وزراء الخارجية المغاربيون يدعون إلى وضع استراتيجية أمنية لمواجهة الإرهاب

وزير تونسي يطالب بتأسيس مجلس حكماء ووكالة استخبارات تابعين للاتحاد

وزراء الخارجية المغاربيون يدعون إلى وضع استراتيجية أمنية لمواجهة الإرهاب
TT

وزراء الخارجية المغاربيون يدعون إلى وضع استراتيجية أمنية لمواجهة الإرهاب

وزراء الخارجية المغاربيون يدعون إلى وضع استراتيجية أمنية لمواجهة الإرهاب

دعا ممثلو وزارات خارجية دول اتحاد المغرب العربي، أمس بالرباط، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، إلى وضع استراتيجية أمنية مغاربية لمواجهة التهديدات المحدقة بالمنطقة، وعلى رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة، وفق مقاربة شاملة ومندمجة.
وقال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، في كلمة تلاها نيابة عنه وكيل الوزارة ناصر بوريطة، إن تصاعد الهجمات الإرهابية في منطقة المغرب الكبير يستوجب تعزيز التعاون الأمني المغاربي لمواجهة هذه التهديدات، من خلال «استكمال بلورة الاستراتيجية الأمنية المغاربية، وفق مقاربة شاملة ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية والتنموية والدينية والتربوية».
وجدد مزوار الدعوة إلى الإسراع بعقد دورة خاصة بقضايا الأمن لمجلس وزراء العدل والشؤون القانونية، بهدف إخراج هذه الاستراتيجية إلى حيز الوجود، درءا للأخطار التي تهدد الأمن والاستقرار داخل فضاء اتحاد المغرب العربي. كما دعا إلى مزيد من التنسيق المغاربي لصد المخاطر الأمنية التي تهدد دول الاتحاد المغاربي نتيجة تصاعد نشاط الحركات الإرهابية، وشبكات الجريمة المنظمة التي تعمل في مجالات تهريب الأسلحة والمخدرات، والمؤثرات العقلية والهجرة السرية، مستغلة في ذلك حالة عدم الاستقرار لفضاء الساحل والصحراء.
واعتبر مزوار أن هذه التحديات تفرض أيضا التنسيق الأمني مع الدول الأفريقية المتاخمة لفضاء الساحل والصحراء، وذلك في إطار الاستراتيجيات الدولية والإقليمية في مجالي الأمن والتنمية، بما يمكن الاتحاد من المساهمة في الجهود الرامية إلى المحافظة على السلم والأمن بالمنطقة، وذكر بإيمان المغرب العميق بحتمية المصير المشترك للدول المغاربية، وتشبثه ببناء الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا، وهو الإيمان الذي عبر عنه الملك محمد السادس في مناسبات عدة.
وفي سياق متصل، دعا وزير الخارجية المغربي إلى توفير الدعم المناسب لإنجاز المشاريع الواردة في الاستراتيجية المغاربية للتنمية المشتركة الشاملة، ولا سيما منها اتفاقية التبادل الحر المغاربية، التي جرى التأشير عليها بالأحرف الأولى سنة 2010.
كما دعا إلى إخراج المصرف المغاربي للتجارة والاستثمار إلى حيز الوجود، ورفع العوائق التي تحول دون حرية تنقل الأشخاص والأموال، بما يفتح آفاقا واعدة للتنمية في المنطقة المغاربية.
من جانبه، أكد عبد القادر مساهل، الوزير المنتدب المكلف الشؤون المغاربية والأفريقية بالجزائر، أن التحديات المتعددة المطروحة على منطقة المغرب العربي اليوم «تقتضي حسا كبيرا من المسؤولية ووعيا كاملا بضرورة التضامن والتكاثف» من أجل استشراف دقيق للعمل المغاربي المشترك، بما يمكن من المضي على درب التطور والتقدم. وأوضح مساهل أن تنامي النشاط الإرهابي والجريمة العابرة للحدود، والهجرة غير الشرعية والاتجار الدولي في المخدرات والأسلحة، كلها تحديات تزيد من حجم التهديدات المحدقة بشعوب المنطقة وتهدر فرص نموها.
وقال الوزير الجزائري إن مختلف هذه التحديات تستدعي تضافر الجهود والتنسيق المشترك بما يعزز أمن دول الاتحاد ويحفظ استقرارها، ويضمن تنمية الفضاء المغاربي، مضيفا أن هذه التحديات «تحثنا على الإسراع بوضع استراتيجية أمنية مغاربية وفق مقاربة شاملة ومندمجة».
من جهته، دعا التهامي العبدولي، وزير الدولة التونسي للشؤون العربية والأفريقية، إلى تعزيز المناعة الاقتصادية والسياسية والأمنية لدول اتحاد المغرب العربي من خلال إرساء آليات تمكن من الانتقال الفعلي من مستوى التعاون إلى مستوى الشراكة بين دول الاتحاد. وتهم هذه الآليات، يضيف العبدولي، كلا من الجانب السياسي والأمني والاقتصادي والكوارث الطبيعية والنقل الجوي، داعيا في هذا الصدد إلى تأسيس «مجلس حكماء اتحاد المغرب العربي»، يكون بمثابة قوة اقتراحية إيجابية لحل جميع المشكلات الكبرى العالقة، وتأسيس «وكالة استخبارات تابعة للاتحاد» تتكفل برصد الأخطار والتحديات الأمنية المحدقة به ومواجهتها. كما دعا الوزير التونسي إلى إحداث «وكالة استثمارات اتحاد المغرب العربي»، و«صندوق طوارئ لمواجهة الكوارث الطبيعية»، وتأسيس «وكالة طيران الاتحاد» لرفع التحديات المطروحة في مجال النقل الجوي.
بدورها، أكدت السيدة خديجة بنت مبارك فال، الوزيرة المنتدبة المكلفة الشؤون المغاربية والأفريقية والموريتانيين بالخارج، أن الاستحقاقات المطروحة على الاتحاد المغاربي بعد 26 سنة من تأسيسه، تفرض مزيدا من التنسيق والتعاون بين أعضاء الاتحاد بما يمكن من تحقيق التطلعات المشروعة لشعوبه إلى التنمية الاقتصادية والاندماج الاجتماعي. واعتبرت بنت مبارك فال أن الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار الدولي في الأسلحة والمخدرات، تحديات تفرض الإسراع بإعطاء انطلاقة جديدة لاتحاد المغرب العربي، وتطوير عمله في أفق ضمان استقرار مستدام لدوله، وتحقيق الأهداف التي أحدث لأجلها أول مرة.
من جانبه، السيد محمد الهادي الدايري، ركز وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي، الذي تشرف بلاده على رئاسة الاتحاد حاليا، كلمته على الوضع الأمني بليبيا الذي يشهد «ترديا» بسبب ممارسات التنظيمات الإرهابية المسلحة، معربا عن استنكاره «لصمت المجتمع الدولي عن إرهاب هذه التنظيمات، بما فيها تنظيم داعش الذي أعلن مسؤوليته عن الكثير من العمليات». كما نوه الدايري باحتضان المملكة المغربية لجولات الحوار الليبي، مؤكدا تمسك ممثلي الشرعية بالبلاد بالحوار بهدف التوصل إلى حل للأزمة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية.
من جهته، أكد الحبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، أن المنطقة المغاربية تمر اليوم بظروف دقيقة تتسم بتنامي التهديدات الأمنية العابرة للحدود، بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة، معتبرا أنه «لا مناص من إيجاد إجابات جماعية» لهذه التحديات، وتكثيف التعاون والتنسيق بما يحقق تطلعات شعوب الاتحاد إلى فضاء مغاربي ينعم بالاستقرار والتنمية والازدهار. وأعرب بن يحيى، من جهة أخرى، عن ارتياحه لانعقاد عدد من الاجتماعات الوزارية للاتحاد ما بين الدورة السابقة والحالية لمجلس وزراء الخارجية، مشيرا في هذا الصدد إلى انعقاد اجتماع كل من اللجنة الوزارية المكلفة الموارد البشرية، والمجلسين الوزاريين المغاربيين الخاصين بالتجارة والنقل، وكذا مجلس وزراء داخلية الاتحاد.
ويتضمن برنامج الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، ملفات تتعلق أساسا بالتشاور السياسي بشأن عدد من القضايا العربية والجهوية والدولية، وتعزيز التعاون الأمني المغاربي، وبحث الوضع في الساحل والصحراء، والهجرة غير الشرعية، وكذا التعاون بين اتحاد المغرب العربي والتجمعات الإقليمية والمنظمات الدولية. كما يتضمن برنامج الدورة بحث العمل الاندماجي المغاربي، ودراسة مشروع جدولة الاجتماعات المغاربية لسنة 2015، وتفعيل القرارات الاتحادية المتعلقة بكل من المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية، ومجلس الشورى، والهيئة القضائية، والأكاديمية المغاربية للعلوم، والجامعة المغاربية.
وتدارس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي خلال هذه الدورة أيضا، وضعية الاتفاقيات المغاربية، والتعاون مع المنظمات والتجمعات الاقتصادية الجهوية، وتقريرا حول مشروع هبة البنك الأفريقي للتنمية (2015 - 2017).
وكانت لجنة المتابعة لاتحاد المغرب العربي قد عقدت أول من أمس اجتماع دورتها الخمسين، الذي أكد خلاله المسؤولون المغاربيون على الحاجة الملحة لتوحيد الجهود، وحشد الطاقات من أجل تصحيح مسار الاتحاد وتجاوز العوائق التي تعترض عمله وفق مقاربة شاملة وواقعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».