ضربت مصر خلال اليومين الماضيين موجات جديدة من الأزمات والإضرابات الفئوية. وبينما ما زالت أزمة الطيارين الذين تقدموا باستقالات جماعية من شركة مصر للطيران بسبب أوضاعهم المادية تتصدر المشهد في البلاد، أعلن مئات السائقين الإضراب عن العمل بوسط القاهرة عقب نقلهم من مكان تمركزهم إلى مقرهم الجديد، بالإضافة إلى إضرابات أخرى فئوية في عدة قطاعات شهدتها الأيام الماضية، مما يضع عبئا على حكومة إبراهيم محلب، التي تواجه صعوبات اقتصادية وأمنية.
وبدا أن أكثر الإضرابات إثارة للقلق تلك التي يشهدها قطاع الطيران المدني في البلاد، وقال عضو برابطة الطيارين المصريين فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستقالات الجماعية بسبب اللائحة المالية الجديدة التي وصفها بـ«غير العادلة».. ولا توجد علاقة بين الاستقالات والسياسة. فيما قال مسؤول في مصر للطيران: «لن نتفاوض مع الطيارين وتحسين الأجور لن يتم إلا بعد تحقيق أرباح للشركة، وزيادة الرواتب غير واردة على الإطلاق الآن».
وكان 250 طيارا قد تقدموا أول من أمس الأربعاء، باستقالاتهم اعتراضا على لائحة مالية جديدة أقرتها الشركة وطالبوا بزيادة راتبهم بنسبة 50 في المائة. ويبلغ إجمالي عدد الطيارين بشركة مصر للطيران، ما يقرب من 900 طيار.
ويتهم الطيارون، الشركة بالمسؤولية عن تفاقم أزمة استقالاتهم بإصرارها على اعتماد أجور جديدة، والمعروفة إعلاميا بـ«اللائحة المالية الجديدة»، مؤكدين سوء بيئة العمل والأحوال المحيطة بالطيارين وتدني دخلهم بعد أن أصبحوا الأقل دخلا بين طياري العالم.
من جانبه، قال الطيار سامح الحفني، رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران، إنه «منذ أزمة الطيارين لم تتأخر عن الإقلاع سوى رحلة واحدة فقط وكانت متجهة لإسطنبول في تركيا»، مضيفا في تصريحات صحافية له أمس، أن «عددا من الطيارين تقدموا بطلب إجازة من دون مرتب لتحسين الأجور وجزء منهم اشتكى من بيئة العمل وهناك من لديه رغبة أن يترك الشركة وسنسمح لهم بذلك دون التأثير على تشغيل رحلات الطيران»، وأضاف: «سنقبل استقالات من لهم بديل كاف والباقي سيتم توفيق الأوضاع معهم، مراعاة لمصالح الشركة لحين تجهيز بدلاء لهم».
وأشار الحفني إلى أن التصعيد من قبل الطيارين يترجمه البعض على أنه ضغط على الإدارة، أن وراءه أهدافا أخرى وهذا أمر غير مقبول، ولا يمكن لأحد أن يشكك في وطنية طياري مصر.
وانتظمت حركة تشغيل رحلات مصر للطيران أمس، بمطار القاهرة الدولي رغم أزمة الاستقالات. وأوضح المسؤول بمصر للطيران، أن 24 رحلة دولية وداخلية أقلعت أمس، ولم تشهد أي تأخيرات لالتزام الطيارين بالعمل، لافتا إلى أن الشؤون القانونية بالشركة قامت بإرسال استدعاءات للطيارين المستقيلين، وفقا للقانون لمناقشتهم في الاستقالات المسببة التي تقدموا بها.
ودخلت الأزمة أمس على خط السياسة، والتقى رئيس حزب «السادات الديمقراطي»، عفت السادات، برئيس رابطة الطيارين المصريين، شريف المناوي، وممثلين عن النقابة، وطالبهم بالعدول عن الاستقالة التي تقدموا بها خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. وأكد السادات أن الطيارين تفهموا وضع الدولة الحالي والخطير، وانتهى اللقاء بهم إلى إعلاء المصالح العليا للبلاد. لكن عضو رابطة الطيارين أكد أن «من تقدموا باستقالاتهم لن يعدلوا عنها حتى تستجيب الشركة لمطالبهم».
وتأتي أزمة مصر للطيران في وقت أضرب عن العمل سائقو السيارات الأجرة (الميكروباص) بوسط العاصمة عقب قيام السلطات بنقلهم من مكان تمركزهم بمحيط شارع الجلاء إلى موقف الترجمان بالقرب من ميدان رمسيس، بينما يواصل التجار رفع الأسعار في الأسواق.
وتقول الحكومة المصرية إنه «لا يوجد مسؤول يمتلك عصا سحرية لحل المشكلات.. وتدعو دائما الشعب المصري للصبر».. وهو ما يعكس مدى قلقها من الإضرابات الفئوية، التي كانت سببا في إقالة حكومات كثيرة من قبل – بحسب مراقبين.
وهو ما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي بمطالبة المصريين أمس، بتجنب المطالب الفئوية ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
وتشكو قطاعات واسعة من المصريين من ارتفاع الأسعار المفاجئ خلال الأيام الماضية وتدني الأجور، وقالت الحكومة في تصريحات لرئيسها من قبل، إنها ستعتمد زيادة في الأجور على مراحل خلال السنوات المقبلة.
وشهدت منطقة وسط القاهرة في محيط دار القضاء العالي شللا مروريا أمس، عقب إعلان سائقي السيارات الأجرة الإضراب عن العمل، وذلك لرفض نقلهم إلى موقف الترجمان، البعيد عن محطة مترو جمال عبد الناصر، في إطار خطة محافظة القاهرة لتنظيم المرور ومنع إشغالات الطرق.
وحدث تكدس بين الركاب الخارجين من المترو، في انتظار سيارات الميكروباص التي تقلهم إلى أماكن عملهم صباح أمس، ووقعت اشتباكات بين قوات الشرطة والسائقين بعدما حاولت القوات إجبار السائقين على إخلاء الشارع، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بالأيدي بين الطرفين اعتراضا على قرار نقلهم. وقال سيد حسين سائق، لـ«الشرق الأوسط»: «نقلنا إلى موقف الترجمان يتسبب لنا في خسائر فادحة، وذلك بسبب بعده عن محطة مترو الأنفاق ووسط القاهرة»، مضيفا: «وقفنا 3 ساعات صباح أمس في الموقف الجديد ولم يأت لنا راكب واحد.. فعدنا إلى مكاننا القديم لكن وجدنا الحكومة تمنعنا»، موضحا أن الركاب لا يعرفون الموقف الجديد ويبعد عن المكان القديم نحو نصف كلم.. ونحن نسدد حقوق الحكومة من تأمينات وضرائب ونحمل رخصا وجميع أوراقنا قانونية؛ إلا أن مسؤولي الحكومة يتعمدون قطع أرزاقنا – على حد قوله.
«الشرق الأوسط» التقت أحد المسؤولين بمحافظة القاهرة خلال الأحداث أمس، فأكد، أننا «مهتمون باحتواء أي مشكلات تنجم عن الإضراب»، لافتا إلى أن «الانتقال للمكان الجديد سيمنح فرصة للقضاء على إشغالات الطريق والعشوائيات المرورية». لكن المسؤول الذي فضل عدم تعريفه، اعترف بأن منطقة وسط القاهرة تأثرت أمس بالإضراب، رغم قيام السائقين بتعليق الإضراب مساء أمس، مضيفا: «سوف يتأثر وسط القاهرة من إضراب السائقين خلال الأيام المقبلة حال عودته مرة أخرى».
«مصر للطيران» ترفض الرضوخ لضغوط طياريها المستقيلين
الشركة تؤكد انتظام حركة الطيران.. والرابطة تنفي علاقتها
«مصر للطيران» ترفض الرضوخ لضغوط طياريها المستقيلين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة