تشكيل «جيش الفتح» في القلمون ومواجهات مع حزب الله توحي بانطلاق المعركة

فيديو للعسكريين اللبنانيين المختطفين نبهوا فيه إلى أنهم سيدفعون الثمن

أعضاء من حزب الله اللبناني في مدينة بعلبك يحملون جثمان المقاتل حمزة زعيتر الذي قتل أول من أمس في مناوشات على الحدود اللبنانية - السورية (رويترز)
أعضاء من حزب الله اللبناني في مدينة بعلبك يحملون جثمان المقاتل حمزة زعيتر الذي قتل أول من أمس في مناوشات على الحدود اللبنانية - السورية (رويترز)
TT

تشكيل «جيش الفتح» في القلمون ومواجهات مع حزب الله توحي بانطلاق المعركة

أعضاء من حزب الله اللبناني في مدينة بعلبك يحملون جثمان المقاتل حمزة زعيتر الذي قتل أول من أمس في مناوشات على الحدود اللبنانية - السورية (رويترز)
أعضاء من حزب الله اللبناني في مدينة بعلبك يحملون جثمان المقاتل حمزة زعيتر الذي قتل أول من أمس في مناوشات على الحدود اللبنانية - السورية (رويترز)

أعلنت الفصائل السورية المقاتلة في منطقة القلمون الحدودية مع لبنان وعلى رأسها «جبهة النصرة»، أمس، عن تشكيل «جيش الفتح» الذي يضم من تمت تسميتهم بـ«المخلصين الصادقين من معظم الفصائل الموجودة في القلمون»، وذلك إثر اندلاع مواجهات عنيفة بينهم وبين عناصر حزب الله توحي بانطلاق المعركة.
وفي حين أشارت معلومات صحافية بعد ظهر أمس إلى «مقتل قائد العمليات العسكرية في حزب الله بالقلمون علي عليان في المواجهات»، وتحدثت معلومات أخرى عن سيطرة حزب الله على قرنة النحلة الاستراتيجية التي تقع بشرق جرود بريتال، أعلن نائب أمين عام الحزب نعيم قاسم أن معركة القلمون «قادمة، وهي تطل برأسها وتُثبت مرة جديدة أن التكفيريين غير قادرين على التوسع كما يريدون»، مشددا على أنّها «معركة حماية القرى اللبنانية ومنع التمدد التكفيري لمنعه من تحقيق أهدافه».
وأفاد إسماعيل داراني عضو مجلس الثورة بريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» بـ«انطلاق معركة القلمون منذ مطلع الأسبوع بعيد تنفيذ ضربة استباقية من قبل الجيش الحر على مواقع تابعة لحزب الله واستهداف مدرعاته»، لافتا إلى «اشتباكات عنيفة تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية – السورية، وإلى قصف يستهدف الكتائب المقاتلة المتمركزة في منطقة جرود عرسال في لبنان».
وفي حين يمتنع حزب الله عن إصدار بيانات تفصيلية عن المعارك التي يخوضها، أفادت قناة «المنار» الناطقة باسمه أن مواجهات عنيفة دارت بين عناصر حزب الله والمجموعات المسلحة في جرود الطفيل وبريتال شرق لبنان. وأشارت القناة إلى «تدمير 5 آليات ومقتل 12 مسلحًا بالمواجهات».
ونقلت القناة عن مصادر ميدانية، أن «العشرات من مسلحي (جبهة النصرة) قتلوا في كمائن زرعها (المجاهدون) في جرود الطفيل وبريتال».
وكانت الفصائل المقاتلة أعلنت يوم الاثنين الماضي عن بدء معركة «الفتح المبين» في جبال القلمون الغربي، بـ«هجوم مباغت نفذه الثوار على عدة نقاط وحواجز عسكرية في محيط بلدات جبال القلمون الغربي تابعة لحزب الله وقوات النظام، مما أدّى إلى تحقيق إصابات مباشرة نتيجة الهجوم».
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، مقتل «6 من الفصائل المقاتلة وجبهة النصرة خلال قصف واشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في جرود القلمون، وسط معلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها». وتزامنت المواجهات مع حزب الله وقوات النظام مع اشتباك فصائل المعارضة مع مقاتلي تنظيم «داعش» عند أطراف القلمون الشرقي، بحسب المرصد.
وحذّر عضو الهيئة السياسية والأمين العام الأسبق للائتلاف الوطني السوري بدر جاموس من «وقوع مجازر قد ترتكبها ميليشيا نصر الله في القلمون بريف دمشق، حيث يحشد ميليشياته الإرهابية لخوض معركة قريبة ضد الثوار والمدنيين العزل».
ودعا جاموس في بيان، الحكومة اللبنانية والجيش لضبط الحدود، وإلى «تحمل مسؤولياتها حيال تنظيم حزب الله». واستخدمت «جبهة النصرة» ورقة القوة التي بين يديها مع انطلاق المواجهات الميدانية مع حزب الله، فبثت على حساب «مراسل القلمون» على موقع «تويتر» التابع لها، فيديو للعسكريين المختطفين لديها تحت عنوان: «رسالة من الأسرى الشيعة إلى بني قومهم»، حذروا فيه من أنّهم سيدفعون ثمن معركة القلمون إذا دخل الجيش وحزب الله إليها.
وقد ظهر في الفيديو الذي بلغت مدته نحو 14 دقيقة، 7 عسكريين من أصل 16 محتجزين لدى «النصرة»، وجه كل منهم رسالة إلى أهله وإلى «الشيعة» في لبنان. وطالب العسكريون أهاليهم بـ«انتخاب مفاوض صادق لمتابعة قضيتهم كرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أو وزير الصحة وائل أبو فاعور أو وزير العدل أشرف ريفي وغيرهم»، متهمين المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بأنّه «يعطي وعودًا كاذبة للأهالي ويقبض أموالا من الدول التي تفاوض بالملف».
وبعيد انتشار الفيديو، عقد أهالي العسكريين مؤتمر صحافيا في مركز تجمعهم في وسط بيروت مقابل السراي الحكومي، طالبوا فيه وزير العدل واللواء عباس إبراهيم والوسيط القطري بأن يأتوا بأولادهم. وهدد الأهالي بالقيام بـ«تصعيد موجع» إن لم يفرج عن أولادهم، مؤكدين أنهم لا يتحملون مسؤولية ما يقوم به حزب الله في سوريا.
وقال حسن يوسف، والد الجندي المخطوف محمد يوسف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفيديو الأخير الذي بثته (النصرة) ينسف كل الإيجابيات التي كانت قد نقلت إلينا في الأيام الماضية، ويؤكد وبلسان أبنائنا أن كل ما قيل لنا كان كذبا وأن الدولة ومنذ 10 أشهر لم تتعاط بجدية مع الملف».
واعتبر يوسف أن «النصرة» وجّهت من خلال الفيديو «رسائل متعددة لحزب الله والجيش والحكومة لتنبيههم من المشاركة بالمعركة»، معربا عن مخاوف الأهالي ككل على حياة أبنائهم بعد انطلاق المواجهات فعليا. وقال: «نحن نتجه إلى التصعيد وسنحدد خطواتنا بعد لقاء مرتقب مع رئيس الحكومة تمام سلام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».