حرص عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، على وضع مسافة بين حزبه وحركة الإخوان المسلمين، وقال في مداخلة ألقاها أمس أمام نخبة من صناع القرار والأكاديميين، والسياسيين والكتاب والإعلاميين من عدة بلدان، مشاركين في أشغال النسخة التاسعة لـ«منتدى الجزيرة» في الدوحة تحت عنوان: «الصراع والتغيير في العالم العربي»: «لست إخوانيا، ولا يوجد إخوان في المغرب»، مضيفا أن «هذا قد يبدو عجبا، لكن الحقيقة هي أننا تربينا في إطار ثقافة إخوانية، لكن لنا تجربتنا الخاصة، هم إخواننا ونحن إخوتهم، لكننا لم ننتم إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين».
وبشأن موقفه وموقف حزبه إزاء الوضع السياسي الراهن في مصر، قال ابن كيران: «المغرب يعتبر مصر هي مصر. قد تكون هناك أشياء لا تسرنا، لكنها تبقى مصر، وإذا كان هناك تدخل من جانبنا فسيكون تدخلا إيجابيا، ولا يمكن أن نعادي مصر».
من جهة أخرى، قال ابن كيران إن المؤسسة الملكية في المغرب شكلت على الدوام عنصرا أساسيا في تثبيت وحدة الوطن واستقراره، موضحا أنه في خضم الربيع العربي الذي عصف بكثير من الأنظمة في المنطقة العربية، تمكن المغرب من أن يبرز كبلد دبر، تحت قيادة الملك محمد السادس، هذه المرحلة باقتدار كبير، ما مكن من ضمان الاستقرار، مع تفعيل سلسلة من الإصلاحات المهمة.
وعن أسباب نجاح التجربة المغربية في مواجهة رياح «الربيع العربي»، ذكر رئيس الحكومة أن الفاعلين السياسيين في المغرب اختاروا نهج التعاون والتوافق، بدل مفهوم الصراع والاحتقان.
وبعد أن استعرض مختلف المحطات الديمقراطية التي أعقبت الخطاب الملكي ليوم 9 مارس (آذار) 2011، أكد ابن كيران أن المملكة «تنعم باستقرار سياسي، وتواصل ارتفاع مؤشرات النمو في مختلف المجالات»، معبرا في هذا السياق عن ارتياحه للأرقام المتوقع تسجيلها خلال السنة الحالية في المحاصيل الزراعية بفضل السنة الفلاحية الجيدة التي شهدها المغرب، علاوة على الأثر الإيجابي لانخفاض أسعار المحروقات في السوق الدولية على الفاتورة الخارجية للبلاد. كما استعرض ابن كيران مختلف الورشات التي فتحتها الحكومة مند تنصيبها، خصوصا في ما يتعلق بإصلاح نظام المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية)، ورفع الدعم عن بعض أنواع المحروقات، والتدبير المعقلن لقطاع الماء والكهرباء، واعتماد منهاجي الكفاءة والتكافؤ في توظيف الأطر العليا المعطلة.
في غضون ذلك، كشف مصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، عن معطيات جديدة بشأن اللقاء الذي خص به الديوان الملكي قادة أحزاب المعارضة، ومنها قوله إن الملك محمد السادس «غير راض عن طريقة رئيس الحكومة في استعمال رمزية الملك في خطاباته».
وأشار الباكوري، الذي كان يتحدث أمس في لقاء للكتل النيابية لأحزاب المعارضة بالرباط، الذي حضره أمناؤها العامون، إلى أن رسالة أحزاب المعارضة إلى الديوان الملكي «لم تكن شكوى، ولم نطلب فيها تحكيما ملكيا بيننا وبين رئيس الحكومة، بل كانت رسالة لطرح مشكلة تتعلق باستعمال اسم الملك في خطابات رئيس الحكومة»، مشيرا إلى أن أحزاب المعارضة تلقت توضيحات مفادها أن العاهل المغربي غير راض عن طريقة رئيس الحكومة في إقحام اسمه في الصراع السياسي.
في سياق ذلك، ارتفعت حدة التراشق السياسي والإعلامي في المغرب بين الحكومة والمعارضة إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك بعد تخيير قادة حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، رئيس الحكومة، بين تقديم استقالته طواعية والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، أو اللجوء إلى تحريك ملتمس الرقابة (سحب الثقة) والإطاحة بالحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ذو التوجه الإسلامي قبل استكمال ولايتها الحكومية المحددة دستوريا في خمس سنوات.
ورد عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) صباح أمس، خلال اجتماع الفريق النيابي، بتحذير قادة أحزاب المعارضة، المشكلة من الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري، من اللعب بالنار، وأخذ المغرب رهينة نحو المجهول، متهما قادة المعارضة بالحنين إلى زمن الانقلابات، في إشارة ضمنية للمحاولات التي شهدها المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني خلال عقد السبعينات من القرن الماضي.
وأعلن بوانو أن حزب العدالة والتنمية، بتنسيق مع حلفائه في الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية، لن يسمحوا للمعارضة بالقيام بالانقلاب السياسي على الشرعية الدستورية للحكومة، مضيفا أن المعارضة تستعمل لغة الغابة، ضدا للدستور والقانون والأعراف الديمقراطية، مشيرا إلى أن «المعارضة داست على الدستور بطريقة فرعونية وهمجية وبلطجية»، مستبعدا أن يحصل خصوم الحكومة على أي شيء «بالعويل والتهديد والبلطجة في البرلمان»، وذلك في إشارة إلى حادث تعليق الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة الأسبوع الماضي بعد تبادل الاتهامات بين ابن كيران ومعارضيه.
وعد رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية أن قادة أحزاب معارضة لا يفهمون سوى لغة وقاموس الانقلابات، مضيفا أن الأغلبية الحكومية لا تنتظر شيئا من معارضة انقلبت على مواقفها السابقة، ومنهجها في التغيير السياسي وأفكار مؤسسيها.
وأطلق النائب بوانو تحديا في وجه المعارضة بإمكانية اللجوء إلى إسقاط الحكومة عبر سحب الثقة، ورغم توفر الشروط الشكلية والنصاب القانوني للمعارضة بسلوك طريق الإطاحة البرلمانية بالحكومة، بيد أن بوانو أبدى اقتناعه بعدم توفر المعارضة على الشجاعة لتحريك ملتمس الرقابة، الذي من شأنه أن يمهد في حالة تحققه الطريق أمام انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
وكان إدريس لشكر، أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي، قد هدد الأحد الماضي، حينما كان يتحدث خلال اجتماع اللجنة الإدارية لحزبه بالرباط، باحتمال لجوء المعارضة، في حال لم يستقل رئيس الحكومة، إلى تبني القواعد القانونية لإسقاطها، وهو ملتمس الرقابة الذي ينص عليه الفصل 105 من الدستور، والذي يحتاج إلى توقيع خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب على الأقل.
ابن كيران: لست إخوانيًا ولا يوجد إخوان في المغرب
قيادي معارض يكشف أن الملك غير راضٍ عن طريقة رئيس الحكومة في استعمال رمزيته في خطاباته
ابن كيران: لست إخوانيًا ولا يوجد إخوان في المغرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة