جولة في أهم المعالم الألمانية بالولايات المتحدة

حائط برلين في بنسلفانيا وأول متحف في واشنطن و«شقراء نورمبيرغ» في بولتيمور ومطعم «هايدلبيرغ» في نيويورك

متحف واشنطن الذي يعرض قطعا من حائط برلين  -  مطعم هايدلبورغ الألماني في نيويورك
متحف واشنطن الذي يعرض قطعا من حائط برلين - مطعم هايدلبورغ الألماني في نيويورك
TT

جولة في أهم المعالم الألمانية بالولايات المتحدة

متحف واشنطن الذي يعرض قطعا من حائط برلين  -  مطعم هايدلبورغ الألماني في نيويورك
متحف واشنطن الذي يعرض قطعا من حائط برلين - مطعم هايدلبورغ الألماني في نيويورك

شهدت منذ فترة قصيرة مدن أميركية مناسبات ألمانية، ليست فقط سياحية، شاهدتها أعداد كبيرة من الناس، وكتبت عنها الصحف، ونقلتها التلفزيونات ووسائل الاتصالات الاجتماعية في الإنترنت، ولكن، أيضا، ذات مغازي تاريخية:

* «شقراء نورمبيرغ»
في ميناء بولتيمور (ولاية ماريلاند)، وبمناسبة أعياد الكريسماس وبداية العام الجديد، وكعادتهم كل عام، نصب الألمان خيمة عملاقة. وملأوها بأكلهم، وشرابهم، ومصنوعاتهم، وحضارتهم. وبدلا عن رائحة سمك «فيلبس» في مطاعم الميناء، شم الناس رائحة كعك «برتسلز» (مثل السميط المصري). وشاهدوا «كريس كيد» (المسيح الصغير) وهو يجلب الهدايا.
هذا تقليد ألماني منذ أيام القس الإصلاحي مارتن لوثر (توفي عام 1546). وقصد به أن يحل محل «سانتا كلوز» (بابا نويل) الذي يجلب الهدايا عند كثير من المسيحيين. ورغم أن «سانتا» غمر العالم بسبب الدعايات التجارية، يظل بعض الألمان يركزون على «كريس كيد» لأن له معنى ديني.
لكن، بدلا عن ولد، صار «كريس كيد» فتاة شقراء جميلة، ولها شعر ذهبي كثيف يتدلى على كتفيها وظهرها: «شقراء نورمبيرغ» التي تأتي إلى هناك كل عام (شقراء كل عام، لكنها ربما ليست من نورمبيرغ)

* حائط برلين
وفي فيلادلفيا (ولاية بنسلفانيا)، دخلت بيث كبهارت، أميركية ألمانية، ومدرسة في مدرسة أولية، الفصل وهي تحمل كتابا كتبته هي للأطفال: «غوينغ أوفر» (التسلق)، عن حائط برلين. وذلك بمناسبة مرور 25 عاما على سقوط الحائط.
وقالت لصحيفة «واشنطن بوست»، التي صورتها وتلاميذها، إنه، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، عام 1945، وصلت القوات الروسية، التي كانت تحارب ألمانيا النازية الهتلرية، إلى العاصمة برلين، واحتلتها، قبل وصول القوات الأميركية والبريطانية. وهكذا، صارت برلين مقسمة: شرقية شيوعية، وغربية حرة.
وقالت إنه، في عام 1961، بسبب هروب ألمان من الشرقية إلى الغربية، بنى النظام الشيوعي حائطا عملاقا، امتد على طول المدينة. وفي عام 1989، عندما سقطت النظام الشيوعي في روسيا، ثم في دول شرق أوروبا، بما فيها ألمانيا الشرقية، هد الألمان، من الجانبين، جزءا كبيرا من الحائط، ووحدوا برلين، ووحدوا ألمانيا.

* متحف واشنطن
وفي واشنطن، احتفل المتحف الأميركي الألماني بمرور أربعة أعوام على تأسيسه. واحتفل، أيضا، بمرور 25 عاما على سقوط حائط برلين. وعرض قطعة من الحائط، وصورا قبل سقوط الحائط، وبعد سقوطه.
توجد في الولايات المتحدة متاحف ألمانية صغيرة (بعضها في منازل، وبعضها في غرف). لكن، صار هذا أكبر المتاحف.
ولأنه في واشنطن، وبسبب العداء التاريخي بين الألمان واليهود، عارض كثير من قادة اللوبي اليهودي في واشنطن تأسيس المتحف، خصوصا أنه قريب من مبنى الكونغرس. لكن، ربما عمدا، تحاشى المتحف أي إشارات سياسية. بالعكس، أشار إلى هجرة اليهود الألمان إلى الولايات المتحدة مع صعود هتلر في ألمانيا على اعتبار أنها، في النهاية، زيادة في عدد الألمان، وإسهامات الألمان، في الولايات المتحدة.
طبعا، لا توجد صورة لهتلر في المتحف الكبير. لكن توجد صور ألمان مشاهير مثل (في ألمانيا): مارتن لوثر، وبسمارك، وبتهوفن، وارنر، أديناور. (في أميركا): إينشتاين، فرويد، لاعب كرة بيسبول بيبي روث.

* مطعم «هايلدبيرغ»
وفي نيويورك، احتفل بتوحيد ألمانيا مطعم «هايلدبيرغ» (تقاطع الشارعين 3 و85) الذي تأسس عام 1936، إشارة إلى المدينة بنفس الاسم في ألمانيا. (في ذلك العام، كان أدولف هتلر سيطر على ألمانيا).
وقدم المطعم المأكولات التي اشتهر بها: «سواربراتين» (لحم بقر مع بطاطس). «وينار شناتسل» (لحم عجل مع خضراوات).
وطبعا، مختلف أنواع السجق الألماني: «براتفيرست» و«بورنفيرست» و«ناكفيرست» و«فايسفيرست»، إلخ...

* أهمية تاريخية
نجحت هذه الاحتفالات بتوحيد ألمانيا، وسقوط حائط برلين، في جذب أعداد كبيرة من الناس، واهتمت بها التلفزيونات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي في الإنترنت. لكن، للاحتفالات مغزى تاريخيا، وهو أنها رفعت سمعة ألمانيا في الولايات المتحدة.
رغم أن الأميركيين الألمان هم أكبر مجموعة إثنية (أكبر من السود، ومن اللاتينيين)، تأثرت سمعتهم، وسمعة ألمانيا بالحروب التاريخية بين ألمانيا في جانب، وبريطانيا وفرنسا وأميركا، في الجانب الآخر. في الحرب العالمية الأولى، استنجد الأروبيون بالأميركيين، فأسرع هؤلاء، وساعدوهم في هزيمة الألمان (وحلفائهم النمساويين والأتراك). وفي الحرب العالمية الثانية، بسبب غزوات هتلر، استنجدوا مرة أخرى، فأسرع هؤلاء، وساعدوهم في هزيمة الألمان (وحلفائهم الإيطاليين واليابانيين).
لهذا، كان لا بد أن تمر فترة طويلة قبل أن تتحسن سمعة الألمان وسط الأميركيين. وساعد على ذلك سقوط حائط برلين وتوحيد ألمانيا.

* أول ألمان
في فلادلفيا، يوجد متحف ألماني صغير (في منزل قديم)، وفيه تاريخ هجرة الألمان إلى الدنيا الجديدة.
وفيه أنه، رغم أن في الولايات المتحدة خمسين مليون شخص تقريبا عندهم جذور ألمانية، وهم أكثر عددا وثراء وأهمية من أصحاب الجذور الأفريقية، والجذور اللاتينية، جاء الألمان متأخرين إلى الدنيا الجديدة.
جاءت أول سفينة ألمانية عام 1670، بعد قرنين تقريبا من سفر كريستوفر كولمبس (أول المهاجرين الإيطاليين والإسبان). وبعد قرن تقريبا من تأسيس مستعمرة جيمستاون، في ولاية فرجينيا (أول المهاجرين البريطانيين).
في المتحف، صورة السفينة الألمانية «هامبيرغ» التي، في القرن التاسع عشر، حملت عشرات الآلاف من الألمان. وفضل هؤلاء بنسلفانيا لأنها ذات مرتفعات، وخضراء، ويكسوها الجليد في الشتاء، ويطيب صيفها. تماما مثل المناطق التي جاء منها هؤلاء المهاجرون الأوائل.
وفي نفس المتحف ملصقات وشعارات قديمة، بعضها عن معاداة الأميركيين الألمان خلال الحرب العالمية الأولى:
أولا: «حاربوا نان»، إشارة إلى اشتراك الولايات المتحدة مع بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا. أصل كلمة «نان» هم الرعاة الآسيويين الذين وصلوا إلى أوروبا، ودمروا الإمبراطورية الرومانية.
ثانيا: خطاب الرئيس ثيودر روزفلت الذي انتقد فيه الألمان، وهاجم «الذين يضيفون صفة إثنية إلى صفتهم الأميركية (أميركي ألماني)».

* هنري مينكين
وفي بولتيمور، في مكان ليس بعيدا من مهرجان «شقراء نورمبيرغ»، يوجد منزل الألماني الأميركي هنري ميكنين. كان واحدا من أشهر الصحافيين الأميركيين خلال النصف الأول من القرن الماضي. صار منزله متحفا، ويزوره الناس، ويشاهدون كيف كان يعيش، مع معلومات عن آرائه.
تثير بعض آرائه نقاشا لأنه قال إنه تلميذ الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه (توفي عام 1900)، الذي تحول من المسيحية إلى العلمانية، ثم إلى الإلحاد، وهو صاحب كتب منها: «موت الله» و«إرادة القوة» و«أوبرمنغش» (سوبرمان) عن أن الإنسان يمكن أن تكون له قوة خارقة.
لم يتبنَ الصحافي مينكين أفكار نيشته الإلحادية فقط، بل، عندما وصل أدولف هتلر إلى حكم ألمانيا، دافع عنه. وانتقد تدخل الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية لإسقاطه. وانتقد الرئيس فرانكلين روزفلت لأنه قرر ذلك. وفي المنزل المتحف، صورة زوجته سارة هاردت. كانت عكسه تماما، من دون جذور ألمانية، وقوية الإيمان بالله. وهناك عبارة زوجها: «مثل بقية الكفار، أنا مصاب بمرض الإيمان بالخرافات. وفي لحظة خرافية، قررت أن أتزوج سارة».

* مارلين ديترتش
في فندق «صحاري» (الآن، يسمي فندق «إس إل إس)، في لاس فيغاس (ولاية نيفادا)، عاصمة اللهو والقمار في الولايات المتحدة، يوجد متحف صغير، ليس منزلا، ولكن غرفة، كانت تنزل فيها الممثلة الألمانية الأميركية مارلين ديترتش. كانت «مارلين مونرو» النصف الأول من القرن العشرين: جميلة، وشقراء، وصديقة المشاهير. وقضت سنوات في لاس فيغاس تقدم أغاني وتمثيليات.
وفي الغرفة المتحف، تركيز أكثر على تاريخها السينمائي، لأنها اشتهرت بالتمثيل في أفلام قديمة، مثل: «الرغبة» و«إكسبرس شنغهاي». ومثل الصحافي الألماني الأميركي مينيكين، أثارت ضجة خلال الحرب العالمية الثانية، ليس في أميركا، ولكن في ألمانيا. عكس الصحافي، هاجمت هتلر والنظام النازي، وتطوعت للترفية عن القوات الأميركية التي كانت تغزو ألمانيا، حتى وصلت إلى برلين. رغم أنها كانت تحمل الجنسية الأميركية، لم تتخلَ عن الجنسية الألمانية. وكتبت في وصيتها إنها تريد أن تدفن في برلين، بالقرب من قبر والدتها. وإذا لا يوجد لها متحف كبير في الولايات المتحدة، أسس الألمان متحفا عملاقا لها في برلين.

* سلكون فالي
في بداية العام الدراسي الحالي، في سلكون فالي (ولاية كاليفورنيا)، حضر سفير ألمانيا في الولايات المتحدة أول حصص مدرسة ألمانية (كل مقرراتها باللغة الألمانية). وهي واحدة من مدارس ألمانية صافية في ولاية كاليفورنيا. وخصوصا في هذا الوادي الذي تنتشر فيه شركات الكومبيوتر والإنترنت. وبالإضافة إلى زيادة مساهمة الألمان في هذا الوادي، تعتبر المدارس الألمانية رمزا لماضٍ قديم للأميركيين الألمان، وللغتهم، وثقافتهم.
وحسب تقرير في «سيلكون فالي نيوز»، كادت اللغة الألمانية أن تكون لغة الولايات المتحدة الرسمية، وذلك خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. كان عدد المهاجرين الألمان تضاعف مرات ومرات. وزادت إسهاماتهم الحضارية، وكانت اللغة الألمانية تدرس في كثير من المدارس إلى جانب اللغة الإنجليزية.
لكن، بسبب الحرب العالمية الأولى، ودخول الأميركيين الحرب ضد ألمانيا وحلفائها، صدرت قرارات حكومية، ليس فقط بإبعاد الألمان عن المناصب الحكومية الكبيرة، ولكن، أيضا، بوقف دعم الحكومة للغة الألمانية. والتركيز على اللغة الإنجليزية (لغة البريطانيين الحلفاء في الحرب ضد الألمان).

* مشاهير ألمان
في متحف التراث الألماني الأميركي في واشنطن، قائمة بأسماء أشهر الأميركيين الألمان. ومنهم: إينشتاين، وفرويد، لاعب كرة بيسبول بيبي روث. وأيضا، في المجال العسكري: جون بيرشنغ (قاد القوات الأميركية في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا)، دوايت آيزنهاور (قاد القوات الأميركية في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا)، ونورمان شوارتزكوف (قاد القوات الأميركية التي حررت الكويت من احتلال العراق، عام 1991). ومن السياسيين: آيزنهاور الذي، بعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية، صار رئيسا للولايات المتحدة. الرئيس هربرت هوفر. وهنري كيسنغر، وزير الخارجية في عهدي الرئيسين نيكسون وفورد.
ومن الصناعيين والاستثماريين: هاينز («كاتشاب» الهامبيرغر)، ووالت ديزني (الملاهي والأفلام سينمائية)، ويليام بوينغ (الطائرات المدنية والعسكرية)، جون روكفلر (النفط)، وليفي شتراوس (بنطلونات الجينز)، وشارلز غوث (بيبسي كولا)، وولتر كرايسلر (سيارات)، وبيل غيتز (كومبيوتر)، وجيمس كرافت (جبنة)، ودونالد ترامب (عقارات)، وكونراد هيلتون (فنادق)، وماركوس غولدمان (وول ستريت)، وستيف جاكوب (آبل للكومبيوتر)، وإريك شمدت (غوغل)، وأوش سلزبيرغر (نيويورك تايمز)، وأيوجين مايار (واشنطن بوست)
وفي مجال الفنون: الممثلات: ساندرا بلوك، ودوريس داي، وغريس كيلي، وميريل ستريب، والممثلون: بروس يوليز، جاك نيكلسون، وجوني وايزمولار (طرزان)، وليوناردو دي كابريو (تاينانيك)، والمغني جون دنفر، والمخرج ستيفن سبيلبيرغ.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.