الأمم المتحدة: التعقيدات الإدارية تعرقل مساعدة ضحايا زلزال نيبال

البحرية الأميركية تقدم مساعدة لنقل إمدادات الإغاثة

صورة ملتقطة من طائرة مساعدات تظهر مدى الدمار في محافظة سينبالتشوك في نيبال أمس (رويترز)
صورة ملتقطة من طائرة مساعدات تظهر مدى الدمار في محافظة سينبالتشوك في نيبال أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: التعقيدات الإدارية تعرقل مساعدة ضحايا زلزال نيبال

صورة ملتقطة من طائرة مساعدات تظهر مدى الدمار في محافظة سينبالتشوك في نيبال أمس (رويترز)
صورة ملتقطة من طائرة مساعدات تظهر مدى الدمار في محافظة سينبالتشوك في نيبال أمس (رويترز)

عقب كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب نيبال يوم السبت الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من 7 آلاف مواطن، وتدمير نحو 160 ألف منزل، وتضرر 143 ألفا أخرى، أبدت أمس الأمم المتحدة أسفها لتعطيل التعقيدات الإدارية وصول المساعدة الإنسانية إلى المواطنين في نيبال.
وقتل في نيبال 7040 شخصا، وأصيب 14 ألفا آخرون، في الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة. وقال أمس مسؤول في المركز الوطني للعمليات الطارئة في كاتماندو، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الأرقام مرشحة للتفاقم»، كما لقي مائة شخص مصرعهم في هذه الكارثة في الصين والهند.
وبعد أكثر من أسبوع من الزلزال، فقدت السلطات النيبالية تقريبا الأمل في العثور على ناجين بين الأنقاض في حين لا يزال مئات الأشخاص مفقودين. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، لاكسي براساد داخال، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «عمليات الإنقاذ متواصلة، لكن الأولوية الآن لتقديم المساعدة» للناجين الذين لم يتلقوا حتى الآن الإسعافات الأساسية في المناطق النائية. وأعلنت المتحدثة باسم قوات مشاة البحرية الأميركية، أنه «من المقرر أن تصل طائرات عسكرية وجنود أميركيون إلى نيبال (أمس)، متأخرين عن موعدهم المقرر بيوم للمساعدة في نقل إمدادات الإغاثة إلى المناطق المنكوبة خارج العاصمة كاتماندو». وأعرب مندوب الأمم المتحدة، جايمي مكجولدريك، أن «على الحكومة أن تخفف القيود التي تفرضها على الجمارك للتعامل مع تدفق المساعدات الكبير من الخارج»، وأضاف: «ينبغي ألا يستخدموا أسلوب التعامل في الجمارك وقت السلم»، ولكن ينبغي أن تمنح كل مواد الإغاثة إعفاء استثنائيا من الفحص لدى وصولها.
وتتركز عمليات الإغاثة على الأشخاص الذين باتوا معزولين عن العالم في المناطق الأشد تضررا حول مركز الزلزال على بعد 70 كيلومترا من العاصمة. وأضاف المتحدث أن «كثيرا من القرى النائية تضررت». وينام مئات آلاف الأشخاص في الشوارع بين الركام بسبب نقص الخيام. وفي كاتماندو أبدت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس، قلقها بسبب بطء الإدارة النيبالية في إتمام الإجراءات الجمركية بخصوص المساعدة الإنسانية الأجنبية.
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا قلقة جدا لما بلغني من أن الجمارك تستغرق وقتا طويلا لتخليص الإجراءات»، موضحة أنها طلبت من رئيس الوزراء سوشيل كويرالا تخفيف الإجراءات، وأضافت: «لقد تعهد بالقيام بذلك، وآمل أن نلحظ تحسنا بدءا من الآن في المستوى الإداري». ومنذ حدوث الزلزال، تتدفق من أنحاء العالم طائرات محملة بالأغذية والتجهيزات إلى مطار كاتماندو الصغير، لكن المنظمات غير الحكومية تشتكي من الإجراءات الإدارية المطولة.
وقال مدير المطار براساد شريستا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «تم منع طائرات الشحن الكبيرة من الهبوط خشية تضرر المدرج الوحيد للمطار بسبب وزنها»، وأكد المدير: «كل طائرة يفوق وزنها الإجمالي 196 طنا، لن يسمح لها بالهبوط في مطار كاتماندو». وأضاف: «ليست هناك تصدعات جلية في المدرج، لكن الهزات الارتدادية كانت كثيرة، وعلينا اتخاذ احتياطات».
من جهتها، حضت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) على بذل كل الجهود لتفادي ظهور أوبئة بين الـ1.7 مليون طفل الذين يعيشون في المناطق الأشد تضررا وذلك قبل أسابيع من موسم الرياح.
وقال المسؤول في المنظمة روناد خان، لوكالة الصحافة الفرنسية: «المستشفيات مكتظة، والمياه تندر، وهناك جثث لا تزال تحت الركام، وأناس ينامون في العراء. إنها بيئة ملائمة لتفشي الأمراض».
ولم يتضح بعد الحجم الفعلي للكارثة بسبب الطبيعة الجبلية الوعرة في هذه الدولة الواقعة في الهيمالايا، مما يعقد جهود الإغاثة.
كما لم يعرف عدد الأجانب الذين قتلوا في الزلزال؛ حيث لا يزال نحو ألف مواطن من رعايا الاتحاد الأوروبي في عداد المفقودين بحسب دبلوماسيين. وقال مسؤول في نيبال أمس لوكالة «رويترز» إن «ثلاثة أشخاص انتشلوا أحياء من تحت أنقاض منزلهم بعد ثمانية أيام من زلزال»، لكن أفراد الإنقاذ عثروا على نحو 50 جثة على طريق مخصص للنزهات الجبلية غمره انهيار جليدي، وفي منطقة راسوا الشمالية، أعلن مسؤولون أن «فريقا من شرطة نيبال انتشل جثث نحو 50 شخصا بينهم بعض المتنزهين الأجانب، من المنطقة التي اجتاحها الانهيار الجليدي».



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».