بعد المعلومات المتضاربة حول مصير رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي المملوك وترجيحات بإقدام النظام على تصفيته على غرار عدد من قياداته سابقا، عاد الحديث عن المخاوف حول إمكانية استهداف الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة الموقوف بتهمة نقل متفجرات من سوريا إلى لبنان بالتنسيق مع المملوك بهدف اغتيال شخصيات سياسية لبنانية. وهذا ما أشار إليه صراحة قبل يومين وزير العدل اللبناني أشرف ريفي مبديا قلقه على حياة سماحة، معتبرا أنّ المخاوف تتزايد مع تسارع الأحداث في سوريا. وكتب ريفي في تغريدة له على موقع «تويتر» الإلكتروني، قائلا: «ما زلت أتابع الموضوع للحفاظ على سماحة انطلاقًا من الواجب القانوني والوطني ولتحقيق العدالة». ويبدو واضحا أن مخاوف ريفي التي سبق له أن أعلن عنها، تنطلق من مسار الأحداث الأمنية وتستند على وقائع عدّة، أهمها سياسة النظام السوري في تصفية قياداته الأمنية التي تصبح عبئا عليه، والتي كان لها علاقة بقضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. والحديث أخيرا عن أن قرار التصفية وصل إلى المملوك، رغم ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» التي نقلت عن مصدر إعلامي سوري قوله، إن «اللواء مملوك لم يتعرض لأي عارض صحي وهو بصحة جيدة وعلى رأس عمله ويمارس مهامه بشكل اعتيادي»، واصفا الإشاعات بأنها في إطار الحملة الإعلامية الكاذبة المفبركة ضد سوريا».
وجاء نفي «سانا» بعد ساعات على تأكيد المحلل الإيراني أمير موسوي تعرض مملوك لعارض صحي استدعى نقله إلى المستشفى، موجها انتقادا لوسائل الإعلام السورية الرسمية لعدم ردها على الإشاعات.
وفي هذا الإطار، يرى عقيد منشق في الجيش السوري الحر كان على معرفة بالمملوك أن تصفية الأخير أصبحت شبه حتمية بعدما بات الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة من دائرة ضباط المخابرات الضيقة المحيطة بالأسد. فبعد وفاة وزير الداخلية السوري غازي كنعان ونائب وزير الدفاع السابق آصف شوكت ورئيس الاستخبارات العسكرية جامع جامع ورئيس الأمن السياسي رستم غزالي في ظروف غامضة الأنظار تتجه للمملوك. ووصف العقيد إياه بأنه «أعمق ضابط في المخابرات» وأهميته توازي أهمية شوكت.
وأشار العقيد لـ«الشرق الأوسط» إلى معلومات نقلت إلى المعارضة من مصادر موثوقة أنّ الشخصية الموجودة في المستشفى الشامي بدمشق ليس المملوك كما أشارت بعض المعلومات، إنما اللواء محمد خير بك ناصيف، المعروف بـ«أبو وائل»، وهو الذي تجاوز سنه الثمانين عاما، وقضى أكثر من 20 عاما رئيسا لجهاز الأمن الدولي في عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وكان من الدائرة الضيقة منه، ويسمى «مخترع طقوس إبادة الأسد».
وفي السياق نفسه، يشير مصدر لبناني متابع لقضية سماحة، إلى أنّه «طالما الأسد على رأس السلطة في سوريا فإن تصفية الرموز الشاهدة على حقبة حكمه ستبقى عرضة للتصفية، وخير دليل على ذلك عمليات التصفية المتتالية التي تطيح برجالاته». وأضاف المصدر الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته، أن «من أوكل إليه (مملوك) مهمة تنفيذ عمليات تفجير في لبنان، من المرجح أنه لن يكون بعيدا أو لديه معلومات عن عملية اغتيال الحريري».
وذكّر المصدر بما سبق لريفي أن أعلنه لجهة حصوله على معلومات نقلا عن استخبارات غربية أن هناك مخططا لتصفية سماحة، وهو الأمر الذي أدّى منذ ذلك الحين إلى تكثيف الإجراءات الأمنية من خلال زيادة عناصر الحماية واتباع إجراءات تمويهية خلال نقله من مكان إلى آخر.
ويشير المصدر إلى أن الضغوط التي مورست لتأخير محاكمة سماحة ورفض فصل قضيته عن قضية المملوك، كانت تهدف إلى تفادي مثوله أمام المحكمة العسكرية والخوف من إدلائه بالحقيقة. وهذا ما كان واضحا من خلال ردود فعل الموالين للنظام السوري الذين صدموا من الاعترافات التي أدلى بها، بعدما اتخذ قرار فصل محاكمته عن محاكمة مملوك بعد تعذّر تبليغ المملوك لمرات عدّة بسبب الأوضاع الأمنية وتوقف المراسلات الرسمية بين سوريا ولبنان أدت إلى تأجيل المحاكمة.
وكان قد صدر القرار الاتهامي في فبراير (شباط) 2012 بحق سماحة ومملوك واتهمت النيابة العامة سماحة بإقدامه مع المملوك على تأليف عصابة «ترمي إلى ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، بالإضافة إلى محاولة قتل سياسيين ونواب ورجال دين ومواطنين وإقدام المملوك على حيازة متفجرات بقصد القتل وتسليمها إلى سماحة الذي أقدم بدوره على حيازتها ونقلها بقصد ارتكاب أعمال القتل والإرهاب».
وكانت قد انتشرت أخبار عبر مصادر عدّة تشير إلى إصابة المملوك بمرض السرطان في الدم، وأنه موجود في أحد مستشفيات دمشق للمعالجة من هذا المرض، فيما أشارت معلومات أخرى إلى أنّه قيد الإقامة الجبرية، وهو ما اعتبره البعض أنها تسريبات قد تكون تمهيدا لـ«إنهاء» المملوك سياسيا أو فعليا، على غرار ما حصل مع اللواء رستم غزالي قبل أسابيع قليلة وأعلن عن وفاته قبل نحو 10 أيام.
ويذكر أن المملوك من مواليد دمشق عام 1946 وكان يشغل منصب رئيس فرع أمن الدولة، قبل تبوئه قيادة الأمن القومي خلفًا لهشام بختيار الذي قضى في تفجير دمشق عام 2012، وهو من الطائفة السنية ويتحدر من منطقة ريف دمشق.
مخاوف من وصول قرار «تصفية القيادات» إلى الوزير اللبناني السابق سماحة
ريفي: القلق على حياته يتزايد.. ومصدر في «الحر»: المملوك ليس بالمستشفى بل اللواء ناصيف
مخاوف من وصول قرار «تصفية القيادات» إلى الوزير اللبناني السابق سماحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة