دعوات لتقليص حجم الأضرار الناجمة عن حظر الملاحة في المياه اليمنية

القطاع التجاري: السماح ولو جزئيًا للسفن التجارية والغذائية بالدخول إلى اليمن بعد تفتيشها من قوات التحالف

مقاتلون من أبناء القبائل اليمنية الموالية للرئيس هادي أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من أبناء القبائل اليمنية الموالية للرئيس هادي أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

دعوات لتقليص حجم الأضرار الناجمة عن حظر الملاحة في المياه اليمنية

مقاتلون من أبناء القبائل اليمنية الموالية للرئيس هادي أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من أبناء القبائل اليمنية الموالية للرئيس هادي أثناء اشتباكات مع المتمردين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)

تظهر المحاولة الفاشلة لطائرة إيرانية كسر الحظر الجوي المفروض على اليمن من خلال محاولتها الهبوط في مطار صنعاء، قبل أيام، مدى فاعلية استراتيجية تحالف عاصفة الحزم، ونجاحها في قطع الإمدادات العسكرية الإيرانية عن جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق. ويأتي الحظر الجوي بالتزامن مع توقف حركة السفن وخطوط الملاحة الدولية وإعلان حظر المياه الإقليمية اليمنية من قبل وزير الخارجية المكلف في الحكومة الشرعية د. رياض ياسين وتفويضه لقوات التحالف العربي بـ«مراقبة وحماية المياه الإقليمية اليمنية لمنع وصول إمدادات الأسلحة لميليشيات الحوثي».
وقال مراقبون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات تحالف إعادة الأمل نجحت تمامًا في منع وصول الإمدادات اللوجستية لجماعة الحوثيين من خلال الحظر الجوي، خاصة بعد الإعلان عن تسيير الكثير من الرحلات بين صنعاء وطهران أسبوعيًا، إلا أنه ينبغي إعادة النظر فيما يتعلق بالحظر البحري تحديدًا، على اعتبار أن 90 في المائة من المواد الخام التي يستوردها اليمن تأتي عن طريق النقل البحري، ومنع وصول الإمدادات العسكرية لجماعة الحوثي لا ينبغي أن يتسبب، بشكل مباشر أو غير مباشر، في منع وصول احتياجات الشعب اليمني الأساسية في الجانب الغذائي والتمويني».
ويستورد اليمن، بقطاعيه الحكومي والخاص، أكثر من 60 في المائة من احتياجاته من المشتقات النفطية (ديزل ومازوت) من خارج اليمن في الأوضاع الاعتيادية، تستخدم 39 في المائة منها في محطات الكهرباء حسب آخر تقرير برلماني. وإلى جانب توقف حركة الملاحة وعمليات الاستيراد، فقد تفاقمت الأزمة في المدن اليمنية أكثر نتيجة توقف مصافي عدن عن تكرير 150 ألف برميل نفط خام يوميًا من النفط المحلي، جراء المواجهات المسلحة العنيفة التي تشهدها مدينة عدن بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق. ويقتصر حاليًا اعتماد السوق المحلية على ما تكرره مصافي مأرب وحسب، بكمية 10 آلاف برميل يوميًا، والتي بالكاد تغطي 10 في المائة من احتياجات السوق المحلية.
ومؤخرًا، تزايدت دعوات القطاع التجاري في اليمن إلى «ضرورة إنشاء نقاط مراقبة أمنية في المياه الإقليمية اليمنية تدار ويُشرف عليها من قبل قوات التحالف العربي، لمنع الإمدادات عن الحوثيين»، وفي الوقت نفسه يتم «السماح الجزئي للسفن التجارية والغذائية بالدخول إلى اليمن بعد تفتيشها من قوات تحالف (إعادة الأمل) للحيلولة دون انهيار القطاع التجاري وتفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن»، محذرين من مخاطر «تضرر القطاع التجاري وانعدام الفرص وعجز اليمنيين عن تأمين قوتهم وأساسيات حياتهم»، فضلاً عن أن «جماعة الحوثيين تستغل الأزمات، وتعمل على تعبئة الناس واستمالتهم من خلال ترويج الأكاذيب والقول: إن تردي الوضع المعيشي، وانقطاع الكهرباء، وانعدام الوقود والمواد الغذائية والتموينية وارتفاع أسعارها سببه الحظر البحري والجوي وليس فشلها وسلوكها التخريبي الذي أوصل اليمن إلى حافة الانهيار» منذ وثبت على الحكم في 21 سبتمبر (أيلول) المنصرم.
وقال الخبير الاقتصادي بلال محمد أحمد في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتوجب على قيادة التحالف العربي العمل على تقليل الأضرار الناجمة عن حظر الموانئ البحرية اليمنية أكبر قدر ممكن، للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية والاقتصادية، خاصة أن ذلك يأتي انسجامًا مع الأهداف ذات الأبعاد الإنسانية والإغاثية التي أعلنتها قيادة التحالف العربي، عند بدء مرحلة إعادة الأمل».
وأشار بلال، وهو مستشار الرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال بشركة كاك للتأمين، إلى أن «توقف حركة الملاحة من وإلى اليمن يؤثر، بشكل سلبي مباشر، على الكثير من القطاعات الاقتصادية وأنشطتها المختلفة مثل تجارة السلع والخدمات وكذا القطاعات الأخرى مثل قطاعي الصناعة والزراعة والطاقة، إضافة إلى تأثيره الحاد والمباشر على الشركات الملاحية والأشخاص والمكاتب التي يعتمد نشاطها ودخلها على الشحن والتفريغ والتخليص الجمركي في الموانئ، وتأثيره أيضًا على القطاعات الحكومية من ناحية اقتصادية مثل الجمارك والضرائب وسلطات الموانئ التي توقفت إيراداتها المرتبطة بحركة الملاحة مع توقف دخول السلع والبضائع وغيرها من المواد، فضلاً عن الآثار الأخرى غير المباشرة» حسب قوله.
وأضاف أحمد إلى «يؤسفنا قول ذلك ولكن الحقيقة أن مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد تضررت بشكل كبير نتيجة توقف حركة الملاحة بسبب تناقص قدراتها الإنتاجية، وشح مواردها وانعدام المواد الخام الأولية، إضافة إلى عدم حصولها على حاجتها من المشتقات النفطية اللازمة لاستمرار أنشطتها، وتأثر مبيعاتها أيضًا بسبب تأثير الوضع العام على قدرات الأفراد الشرائية».
ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن «تأثر القطاعات الاقتصادية التجارية للسلع والخدمات سينعكس بدوره سلبًا على الحياة العامة، وقد يتسبب أيضًا في تفاقم الأزمة الغذائية والإنسانية لعدة نواح» وفق تقديره. فـ«البطالة سترتفع، والتضخم في الأسعار مستمر، وقلة وارتفاع أسعار المواد الخام المتوفرة في السوق المحلية، على اعتبار أن تكلفة إيجادها أو استيرادها من مصدرها باتت مرتفعة للغاية، وتشوبها الكثير من العراقيل، لعدة عوامل تقنية تتعلق بارتفاع المخاطر وأجور الشحن والتأمين».
وفي السياق ذاته، قال مدير التأمين البحري الدكتور علي الشميري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «من الضروري أن يتم الإسراع بوضع آلية معينة وواضحة من قبل دول التحالف العربي تسمح بدخول السفن التجارية والغذائية إلى اليمن، لاحتواء الوضع الإنساني والأزمة الغذائية والحيلولة دون تفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن». وأضاف الشميري: «من المهم إعادة فتح خطوط الملاحة للسفن التجارية على أقل تقدير، وذلك لإعادة الثقة للخطوط الملاحية التي أصبحت تتخوف من دخول المياه الإقليمية اليمنية، بل وصل الخوف إلى حد أن هذه الخطوط تمتنع من شحن أي بضائع إلى اليمن».
وأشار الشميري إلى «ارتفاع كلفة أجور الشحن للموانئ اليمنية، الأمر الذي سينعكس سلبًا على المواطن اليمني من خلال ارتفاع أسعار السلع». فضلاً عن أن بعض السفن التجارية الموجودة في المياه الإقليمية اليمنية اضطرت إلى إفراغ حمولتها في موانئ أخرى بديلة مما ينعكس في المقام الأول على المواطن اليمني الأول، وقبله على رجل الأعمال أو التاجر صاحب الشحنة الذي يتحمل تكاليف إضافية، ومصاريف إعادة شحن البضائع من هذه الموانئ في وقت لاحق، ناهيك عن الخسائر المالية التبعية التي يتعرض لها التاجر جراء تأخير تسلم البضائع عن موعدها».
وحذرت منظمات دولية من تردي الأوضاع العامة وتفاقم المعاناة الإنسانية. وتشهد معظم المدن اليمنية أزمة حادة تتمثل في نقص وانعدام السلع الأساسية والمشتقات النفطية والغاز المنزلي واحتكارها والتلاعب بها في السوق السوداء، وارتفاع أسعارها في الكثير من المدن.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.