تجارب محدودة النجاح على برنامج كومبيوتري للحد من الجرائم في سويسرا

«نظام مراقبة ما قبل وقوع الجريمة» يوظف قاعدة بيانات موسعة

تجارب محدودة النجاح على برنامج كومبيوتري للحد من الجرائم في سويسرا
TT

تجارب محدودة النجاح على برنامج كومبيوتري للحد من الجرائم في سويسرا

تجارب محدودة النجاح على برنامج كومبيوتري للحد من الجرائم في سويسرا

توظف سلطات الأمن السوبسرية برنامج «بريكوبس» الذي يضم قاعدة بيانات ضخمة من الجرائم السابقة، ويعمل على التنبؤ بوقت ومكان وقوع جريمة محتملة. وتقول شرطة زيوريخ التي استخدمت البرنامج، إن نسبة الجريمة انخفضت بمقدار 30 في المائة.
إن التنبؤ بوقوع جريمة في مكان معين يتطلب قدرات خاصة تحلم أجهزة الشرطة بامتلاكها، وقد استخدم ضباط الشرطة في زيوريخ من بين عدة مدن وقع عليها الاختيار، طوال العام الماضي، برنامجًا كومبيوتريًا يحمل اسم «بريكوبس»، وهو اختصار لـ«نظام مراقبة ما قبل وقوع الجريمة». لكن الكثير من الخبراء في علم الجريمة يحذرون من أن مثل تلك الأدوات لا تزال بعيدة عن كونها حلاً سحريًا للقضاء على الجريمة نتيجة عدم خضوعها لاختبارات جادة تتحقق من فاعليتها.

* تنبؤ بالجرائم

* ويبدو اسم البرنامج «بريكوبس» مشابهًا لـ«بريكوجز»، وهو الاسم الذي أطلق على الكائنات الغريبة القادرة على التنبؤ بالجرائم المتوقع حدوثها، والتي ظهرت في فيلم للمخرج ستيفن سبيلبرغ في عام 2002 باسم «ماينوريتي ريبورت» المستوحى من قصة قصيرة للكاتب فيليب كيه ديك، والتي تحمل نفس العنوان.
وفي حقيقة الأمر فإن مصممي برنامج «بريكوبس» في «المعهد الفني الألماني للابتكار بالنمذجة» في مدينة أوبرهاوزن، أكدوا أن الفيلم كان مصدر إلهام بالنسبة لهم، ولكن برنامجهم أبعد ما يكون عن الخيال العلمي. ويستفيد البرنامج من مجموعة متنوعة من المعلومات مدخلة إلى نظم الكومبيوتر، مثل نوع الجريمة ومكانها وتاريخها والغرض منها والوسائل المستخدمة في ارتكابها. وجمعت تلك المعلومات على مدار 5 سنوات، وهو ما يتطلب قاعدة بيانات منظمة تنظيمًا جيدًا.
ثم تُطبق الخزارزميات (الرموز الكومبيوترية للحوسبة) الإحصائية لتظهر احتمالات وقوع جرائم في دائرة قطرها 250 مترًا حول مكان معين وفي فترة زمنية قدرها أسبوع.
ويقول مارتين كيلياس، المتخصص في علم الجريمة بجامعة زيوريخ، إن أحد المبادئ الأساسية التي استخدمت في هذه الرموز هو مبدأ «التكرار التقاربي». ونقلت عنه «نيويورك تايمز»: «بدءًا من الثمانينات، أظهرت البحوث الإحصائية من الناحية الجغرافية، أن الاحتمالات تكون عالية في وقوع جريمة، بالقرب من المكان الذي ارتكبت فيه جريمة سابقة».
وتقول شرطة زيوريخ، إن البرنامج شبيه بجامع الفطر الذي يعثر على مكان جيد يجمع منه الفطر ويعود إليه بانتظام، فتلك هي حال المجرمين في المناطق الحضرية التي يمتلكون فيها القدرة على التحرك بصورة جيدة لمعرفتهم بالأزقة الخلفية التي تساعدهم على الهرب وبأماكن مراكز الشرطة فيتجنبونها، وما شابه. ويجري هذا لأن تغيير طبيعة هذه الأماكن يجبرهم على ضرورة إعادة التعرف على الأماكن الجديدة، وله تكلفة بالنسبة للساعين وراء ارتكاب جريمة.

* برنامج علمي

* ويقول مايكل شفير، مبتكر «بريكوبس»، إن «الفكرة هي تمكين النظام من التدقيق في البيانات بحثًا عن نماذج معينة من الأحداث المتسلسلة التي وقعت في الماضي لكي يتنبأ، وفقًا لأحدث الجرائم المرتكبة، بما سيحدث». ويضيف شفير قائلاً إن اللوغاريتمات تم تعزيز دقتها بمدخلات من مختلف العلوم بما فيها تضاريس المناطق الحضرية وعلم النفس الجنائي. وكانت قوات شرطة جنيف تحاول التنبؤ بوقوع الجرائم عن طريق مقارنة وإعادة مقارنة عوامل متغيرة متعددة من قاعدة بيانات منذ سنوات.
ويقول شفير، إن النظام الذي ابتكره بإمكانه إجراء تحليلات للبيانات بسرعة و«بطريقة لا يمكن للبشر أن يقوموا بها في وقت معقول». لكنه يعرف أن نظامه يواجه قلقًا متزايدًا حول مسألة المراقبة بما فيها مصادر المعلومات خارج سجلات الشرطة مثل شبكات التواصل الاجتماعي.
وقد طورت أنظمة أخرى مشابهة من بينها أنظمة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ولاقى مستوى أدائها الاستحسان. كما أن هناك مدنا ألمانية كثيرة، أبدت اهتمامها بنظام «بريكوبس»، إضافة إلى بلدات سويسرية مثل كانتونات أراغاو وبازل لاند شافت، حيث يستخدم النظام على سبيل الاختبار.
لكن مارتين كيلياس، المتخصص في علم الجريمة، ما زال تنتابه الشكوك، حيث يشير إلى البعد التجاري لمثل هذه المنتجات التي تباع مقابل عدة آلاف من اليورو، فيقول: «المشكلة هي أنه لم تجرِ عملية تحليل إحصائي متتالٍ حقيقية للتأكد من دقة هذه الأنظمة، وذلك لأن إدارات الشرطة لا تشعر كثيرًا بالارتياح إزاء مسألة تقييم عملها».
ويقول الخبراء، إن من الصعب في نهاية المطاف إرجاع انخفاض عدد الجرائم إلى عامل واحد فقط. وبالنسبة لأوليفيه ريبوو، أستاذ علم الجريمة في جامعة لوزان، فإن هذه الأدوات تستند على عناصر من الحقيقة في ما يتعلق بالمنهجية، لكنها بمفردها غير كافية؛ لأنها جزء من وحدة متكاملة تتسم بالكفاءة وتنبع من سياسات مختلفة لمكافحة الجريمة.
ويضيف ريبوو قائلاً: «من الخطأ الظن أن لدينا تقنية أشبه بالضغط على زر لإيقاف الجريمة، هذه هي الرسالة المبالغ فيها التي نراها في بعض الأحيان». لكن شفير، على الرغم من ذلك، يشعر بالتفاؤل حول مستقبل برنامج مكافحة الجريمة الذي ابتكره فيقول: «في غضون 10 أعوام، سوف تصبح هذه التقنيات التنبؤية، جزءًا أساسيًا بالنسبة لإدارات الشرطة في كل أنحاء أوروبا».
ولا يتفق الجميع مع شفير في تفاؤله؛ فبعد تجربة برنامج «بريكوبس»، قررت شرطة كانتون زيوريخ عدم شرائه، حيث قال المتحدث باسمها، بيت جوست، إنه «لم يتلاءم مع احتياجاتنا والمنطقة الواسعة التي نغطيها، ونوعية الجرائم المتعددة التي نتعامل معها». ولذا بمكن القول، إن نتيجة اختبار البرنامج، حتى في زيوريخ بمفردها، ليست إيجابية.



حشرات روبوتية لتلقيح المحاصيل الزراعية

الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
TT

حشرات روبوتية لتلقيح المحاصيل الزراعية

الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

طوّر باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة روبوتات صغيرة بحجم الحشرات، قادرة على الطيران لفترات طويلة، مما يمهد الطريق لاستخدامها في التلقيح الميكانيكي للمحاصيل.

وأوضح الباحثون أن هذه الابتكارات تهدف إلى مساعدة المزارعين في مزارع متعددة المستويات، مما يعزز الإنتاجية ويقلل من الأثر البيئي للزراعة التقليدية، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Science Robotics).

ويُعد تلقيح المحاصيل عملية أساسية لضمان إنتاج الفواكه والخضراوات، ويعتمد عادةً على الحشرات الطبيعية مثل النحل. إلا أن التغيرات البيئية واستخدام المبيدات أدّيا إلى تراجع أعداد النحل بشكل ملحوظ؛ مما يبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة.

في هذا السياق، يشير الفريق إلى أن الروبوتات الطائرة يمكن أن تأتي بديلاً واعداً، حيث يمكنها محاكاة وظائف النحل بدقة وسرعة في تلقيح النباتات بفضل تقنيات متقدمة تشمل الأجنحة المرنة والمحركات الاصطناعية، تمكّن هذه الروبوتات من أداء مناورات معقدة والطيران لفترات طويلة.

وأوضح الفريق أن الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق، ويتميز بقدرته على الطيران لمدة 17 دقيقة، وهو رقم قياسي يزيد بمائة مرة عن التصاميم السابقة. كما يمكنه الطيران بسرعة تصل إلى 35 سم/ثانية، وأداء مناورات هوائية مثل الدوران المزدوج في الهواء.

ويتكون الروبوت من أربع وحدات بأجنحة مستقلة، مما يحسن من قوة الرفع ويقلل الإجهاد الميكانيكي. ويتيح التصميم مساحة لإضافة بطاريات وأجهزة استشعار صغيرة مستقبلاً، ما يعزز إمكانيات الروبوت للاستخدام خارج المختبر.

وأشار الباحثون إلى أن العضلات الاصطناعية التي تحرك أجنحة الروبوت صُنعت باستخدام مواد مرنة مدعومة بالكربون النانوي، الأمر الذي يمنحها كفاءة أكبر. كما تم تطوير مفصل جناح طويل يقلل الإجهاد في أثناء الحركة، باستخدام تقنية تصنيع دقيقة تعتمد على القطع بالليزر.

ونوّه الفريق بأن هذه الروبوتات تُعَد خطوة كبيرة نحو تعويض نقص الملقحات الطبيعية مثل النحل، خصوصاً في ظل التراجع العالمي في أعدادها.

ويأمل الباحثون في تحسين دقة الروبوتات لتتمكن من الهبوط على الأزهار والتقاط الرحيق، إلى جانب تطوير بطاريات وأجهزة استشعار تجعلها قادرة على الطيران في البيئة الخارجية.

كما يعمل الباحثون على إطالة مدة طيران الروبوتات لتتجاوز ساعتين ونصف ساعة؛ لتعزيز استخدامها في التطبيقات الزراعية وتحقيق الزراعة المستدامة.