السلطات تشدد قبضتها على الصعيد وتقلل من مزاعم «داعش» تدشين فرع له جنوب مصر

مسؤول أمني حذر من تجهيزات مسلحة بالجبال واستهداف السد العالي والسياح

السلطات تشدد قبضتها على الصعيد وتقلل من مزاعم «داعش» تدشين فرع له جنوب مصر
TT

السلطات تشدد قبضتها على الصعيد وتقلل من مزاعم «داعش» تدشين فرع له جنوب مصر

السلطات تشدد قبضتها على الصعيد وتقلل من مزاعم «داعش» تدشين فرع له جنوب مصر

ارتفعت حدة الجدل في مصر حول حقيقة البيان المنسوب إلى تنظيم داعش الإرهابي، الذي يزعم فيه أبو سيفان المصري، مسؤول تنظيم «أنصار بيت المقدس»، عن تأسيس فرع لـ«داعش» في الصعيد جنوب البلاد، بينما قللت مصادر مصرية من هذه المزاعم، مؤكدة أن «السلطات تشدد قبضتها في مدن الصعيد بعدما رصدت تحركات تخريبية لجماعة إرهابية قد تتخذ من جنوب البلاد مكانا للقيام بعمليات جديدة تستهدف الأمن القومي». وقالت المصادر المصرية: «نعمل على اجتثاث عناصر الإرهاب من على أرض مصر جميعها».
ونقلت تقارير إخبارية مؤخرا بيانا منسوبا إلى تنظيم أنصار بيت المقدس الذي ينشط في شبه جزيرة سيناء، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عن اقتراب تأسيس فرع جديد لتنظيم داعش في صعيد مصر. وتوعد التنظيم بمزيد من «العمليات الانتقامية التي ستنتقل إلى الصعيد»، في حين قلل مراقبون من قيمة هذه التهديدات.
في غضون ذلك، حذر مسؤول أمني في أسوان (جنوب مصر)، من عمليات مسلحة قد تجهز بالجبال لاستهداف السد العالي والسياح زوار المحافظة. وأضاف المسؤول، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» مفضلا عدم ذكر اسمه لحساسية موقعه، أن هناك مخاوف من استخدام الجبال في عمليات إرهابية خاصة مع مزاعم «داعش».
وتأتي هذه الأحداث في وقت تنفي فيه السلطات الرسمية المصرية أي وجود حقيقي لتنظيم داعش على أراضيها، وكان أحدث تلك التأكيدات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي قال في تصريحات صحافية مؤخرا لا وجود لـ«داعش» على أرض مصر، وأن مجموعات إرهابية فقط تتسرب من جانب فلسطين، لتنفيذ عمليات في قرية لا تتعدى مساحتها 40 كلم من إجمالي 60 ألف كم مساحة سيناء.
ويؤكد عدد من الخبراء الاستراتيجيين لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار «داعش» للإعلان عن فرعه الجديد بالصعيد لا يخلو من دلالة، إذ إن الصعيد من الأطراف المهمشة والمحرومة من الخدمات، فهي مناطق شديدة الفقر، والطبيعة الجغرافية الصعبة للصعيد وامتداده يسمحان بحرية تحرك العناصر المتشددة وتجارة السلاح دون رقابة في أماكن مختلفة منه، مما يجعل السيطرة عليهم أمرا بالغ الصعوبة.
وكشفت تقارير أمنية ومحلية عن وجود مخطط تخريبي من قبل التنظيمات الإرهابية لاستهداف أبراج الكهرباء ومحطات توليد الطاقة في جنوب البلاد بمحيط السد العالي وخزان أسوان، وقالت المصادر المصرية، وهي مصادر محلية بمحافظة أسوان: «تم تشديد الرقابة الأمنية على جسم السد العالي وخزان أسوان». ويشار إلى أن «السلطات الأمنية أحبطت قبل يومين 12 عبوة ناسفة استهدفت أبراج الكهرباء بالقرب من السد العالي».
وأضافت المصادر المحلية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنه «جرى وضع خطة لتأمين ميناءي السد العالي (مصر) وحلفا (السودان) من عمليات تهريب السلاح وضبط الخارجين عن القانون».
وتقع مدينة أسوان على الشاطئ الشرقي للنيل، حيث يقع جزء منها على السهل الذي يحف بالنيل ويقع الجزء الآخر على التلال التي تمثل حافة الهضبة الصحراوية الشرقية، ويحد محافظة أسوان من الشمال محافظة قنا وشرقا محافظة البحر الأحمر وغربا محافظة الوادي الجديد وجنوبا دولة السودان.
وفي يوليو (تموز) الماضي، استهدف مسلحون متشددون في محافظة الوادي الجديد نقطة حرس الحدود بمنطقة الكيلو 100 طريق الفرافرة - الواحات البحرية، وأسفر الهجوم عن مقتل ضابط و21 مجندا.
وعثرت السلطات الأمنية في أغسطس (آب) الماضي على 25 صاروخا مضادا للطائرات و500 قذيفة في إحدى المناطق الجبلية بمنطقة وادي النقرة (جنوب أسوان التي تبعد عن القاهرة 879 كلم)، ومع إعلان «داعش» تأسيس فرع جديد له، زادت المخاوف من قيام المتشددين بالإعداد لعمليات إرهابية في جبال أسوان واستهداف الأكمنة والنقاط الحدودية خاصة القريبة من المناطق الجبلية، بعيدا عن العمليات التي يقوم بها المتشددون في شبه جزيرة سيناء وتواجه بشكل حازم من قبل عناصر القوات المسلحة والشرطة.
وقال المسؤول الأمني إن «هناك مساحات كبيرة في أسوان عبارة عن صحراء خالية، ومعظمها جبال وكثبان رملية، وخصوصا المناطق الحدودية التي تربط المحافظة مع السودان، لا يمكن مراقبتها ولا أحد يعرف ما يتم فيها».
وتشن القوات المسلحة، بالتعاون مع قوات الشرطة، حملة أمنية موسعة في سيناء منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو من العام قبل الماضي للقضاء على المتشددين، وقال شهود عيان أمس إن «ثلاثة إرهابيين من مسلحي أنصار بيت المقدس قتلوا»، فيما أصيب 7 آخرون خلال محاولتهم مهاجمة نقاط أمنية للجيش المصري بشمال سيناء. كما تم إحباط استهداف القوات بعبوة ناسفة على طريق العريش - رفح، وتم تفجيرها دون وقوع خسائر، وتم توقيف 9 من العناصر المتشددة الخطرة.
وتتهم السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة رسميا وقضائيا جماعة إرهابية، بالوقوف وراء كل أحداث الشغب والعنف التي تشهدها البلاد. وقررت محكمة مصرية أمس تأجيل محاكمة ‏مرسي و10 من الإخوان، في اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات لقطر، إلى جلسة 5 مايو (أيار) الحالي، لاستكمال مشاهدة الأحراز.
ومن جانبه، كشف المسؤول الأمني نفسه في أسوان عن أن «هناك منافذ في جنوب مصر يمكن أن يهرب منها الجماعات المتشددة الأسلحة القادمة من ليبيا والسودان، مثل منافذ (أرقين) الممتدة غرب بحيرة السد العالي التي يقع جزء منها داخل الأراضي المصرية وجزء آخر داخل السودان، ومنافذ (وادي حلفا) أقصى جنوب البلاد، ومنفذ (توشكى)، وهناك مثلث خطر يجري منه إدخال ما لا يقل عن 35 في المائة من إجمالي الأسلحة المهربة إلى داخل البلاد، وهو مثلث (حلايب وشلاتين وأبو رماد) المتمثلة بمدينة إدفو وقرية العلاقي من ناحية الشرق بمحافظة أسوان، ومنطقة (كسلا) شرق السودان (700 كلم من الحدود المصرية) إلى أسوان».
ويشار إلى أن صعيد مصر كان مرتعا لعصابات الإجرام وقطاع الطرق وشكل بؤرة توتر حادة للسلطات الأمنية خاصة خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي، ومن أشهر القضايا التي شهدها قضية «خط الصعيد». وتقول تقارير حقوقية إن «محافظات صعيد مصر كانت الأكثر تضررا من فض اعتصامي الإخوان في (رابعة العدوية) و(النهضة) بالقاهرة والجيزة، أغسطس عام 2013، حيث جرى الاعتداء على عشرات الكنائس والمقار الحكومية والخدمية والشرطية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.