الحوثيون يدعون للسلم ويواصلون الحرب على المدن.. وقوات التحالف تواصل إسناد المقاومة

صمود في عدن والضالع.. والكارثة الإنسانية تتصاعد > ملايين الأطفال مهددون بالموت

رجال القبائل الموالية للرئيس هادي يحملون أسلحتهم في حالة تأهب لمواجهات مع الحوثيين في تعز أمس (إ.ب.أ)
رجال القبائل الموالية للرئيس هادي يحملون أسلحتهم في حالة تأهب لمواجهات مع الحوثيين في تعز أمس (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يدعون للسلم ويواصلون الحرب على المدن.. وقوات التحالف تواصل إسناد المقاومة

رجال القبائل الموالية للرئيس هادي يحملون أسلحتهم في حالة تأهب لمواجهات مع الحوثيين في تعز أمس (إ.ب.أ)
رجال القبائل الموالية للرئيس هادي يحملون أسلحتهم في حالة تأهب لمواجهات مع الحوثيين في تعز أمس (إ.ب.أ)

تواصلت المواجهات المسلحة في جنوب اليمن بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وتمكنت المقاومة الشعبية الجنوبية من السيطرة على مطار عدن الدولي، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات المهاجمة، وقالت مصادر في المقاومة إنه جرى اكتشاف شبكة أنفاق أسفل المطار، وذكرت مصادر محلية أن 6 من القيادات الحوثية قتلت في معركة مطار عدن الدولي، بينهم القيادي الحوثي الميداني البارز، هاشم القحوم، وتجددت، مساء أمس، المواجهات في حي المعلا بعدن، بعد أن خرج المسلحون الحوثيون والموالون لصالح الذين كانوا يتمترسون في إحدى البنايات منذ أكثر من أسبوع، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر المقاومة الشعبية قامت بملاحقتهم والاشتباك معهم.
وتمكنت المقاومة وبمساعدة جوية من طيران التحالف من فك الحصار عن مدينة خور مكسر ودخول المطار من جهتي الشرق والغرب، وأثناء دخولها خاضت مواجهات شرسة مع ميليشيات وقوات الحوثي وصالح الموجودة في كورنيش ساحل أبين شرق خور مكسر وكذا في مطار المدينة الذي شهد أعنف معركة بين الطرفين وسقط جراءها عشرات القتلى والجرحى، علاوة على أسر المقاومة لقرابة 30 من ميليشيات الحوثي وصالح. وأضاف مصدر ميداني أن المقاومة تخوض الآن معركة ضارية مع هذه الفلول والجيوب المنسحبة من المطار والكورنيش وجبل حديد وغيرها من المواضع إلى جزيرة العمال والدكة المحاصرتين الآن من قوات المقاومة وطيران التحالف اللذين يضيقان الخناق حول هذه الميليشيات والقوات المتمردة والتي لجأت إلى إطلاق نيران أسلحتها عشوائيا وباتجاه الأحياء السكنية في خور مكسر والمعلا والتواهي بقصد إثارة الهلع والخوف بين السكان.
إلى ذلك، أكد مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» أن قوات صالح والحوثي يقودها ومنذ أسبوع القيادي في الجماعة عبد الخالق الحوثي شقيق عبد الملك الحوثي وأحد الثلاثة الذين شملهم قرار مجلس الأمن رقم 2140 بشأن لجنة عقوبات دولية لمعرقلي التسوية السياسية تحت البند السابع إلى جانب الرئيس الأسبق صالح والقيادي الآخر في الجماعة أبو علي الحاكم. وأشار المصدر إلى أن مدير أمن عدن الأسبق العميد غازي أحمد علي والذي تضاربت المعلومات حول مقتله في مواجهات المطار يعد المسؤول عن تسليح هذه الميليشيات المتمردة. وعلى ذات الصعيد قال مصدر طبي في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن مستشفى باصهيب العسكري في مدينة التواهي غربا استقبل أمس الخميس نحو عشرين حالة إصابة بشظايا مدفع الهاون وقتيلين ومعظم هذه الحالات من السكان.
وفي التطورات الميدانية، أيضا، قالت مصادر في المقاومة في محافظة الضالع لـ«الشرق الأوسط» إن قوات التحالف قامت بتقديم دعم لوجستي وعسكري للمقاومة، عبر عملية إنزال مظلية للأسلحة في إحدى المناطق التي تقع تحت سيطرة القوات الموالية للشرعية، وما زالت الضالع تشهد مواجهات واشتباكات متواصلة، رغم الدعم الجوي الذي تقدمه قوات التحالف للمقاومة، وذكر سكان في المنطقة أن ميليشيا الحوثي وقوات صالح قامت، مساء أمس، بعملية قصف واسعة النطاق لبعض الأحياء السكنية التي ما زالت مأهولة بالسكان، رغم أن معظم أحياء المدينة دمرت ونزح سكانها إلى الجبال أو القرى البعيدة عن مناطق الصراع، ويحاول الحوثيون وقوات صالح، بكل الطرق، السيطرة على الضالع التي تعرف تاريخيا بأنها «بوابة النصر» و«بوابة الدخول إلى عدن» من الجهة الشمالية، غير أنهم يلقون مقاومة شرسة من اللجان الشعبية. والمقاومة منعت سيطرتهم على المدينة والمرور منها إلى عدن.
وفي صنعاء، جدد طيران التحالف، أمس، قصفه للعاصمة، واستهدف عددا من المواقع التي يتحرك فيها الحوثيون وقوات صالح، وسمع دوي انفجارات عنيفة منذ الصباح الباكر، وردت مضادات الطائرات بوابل من النيران، في الوقت الذي أعلنت وزارة التربية والتعليم وجامعة صنعاء، تمديد تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، حتى إشعار، آخر في المحافظات التي تشهد توترات أمنية، وفي مأرب تستمر المواجهات العنيفة بين رجال القبائل والجيش الموالي للشرعية، من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات صالح، من جهة أخرى، وبالتحديد في مديرية صرواح. وقالت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات التحالف قصفت، أمس، مواقع تجمعات الميليشيات الحوثية في صرواح، فيما يستمر توافد القبائل الأخرى لتعزيز الجبهة والتصدي لهجمات الميليشيات التي لم تستطع تحقيق أي تقدم ميداني منذ أكثر من أسبوعين في تلك المنطقة.
وفي ظل احتدام القتال، تمكنت المقاومة الشعبية في الجنوب من تجنيد العشرات من الشباب الجنوبيين وتدريبهم. وقالت مصادر في المقاومة بعدن لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى يوم أمس، تخرج أكثر من 140 متدربا من عناصر المقاومة، وذلك بعد أسبوع كامل من التدريب المكثف، وفي كلمة له ألقاها في الخريجين، قال الشيخ عيدروس الزبيدي، قائد المقاومة اليمنية الجنوبية إن هذه الدورة وعملية التخرج جاءت «ونحن نخوض حربا شرسة مع الاحتلال وميليشيات الحوثي وأنصار الله الذين اعتدوا على ديننا وأرضنا وجنوبنا وغزوه مجددا». وأضاف مخاطبا المقاومين الجدد أنه «أمامكم مسؤولية كبيرة في الدفاع عن أرضكم ودينكم وصد التمدد الحوثي فأنتم الأبطال ومن سيحرر الجنوب ونحن إلى جانبكم ونسأل الله لكم ولنا التثبيت والصمود والنصر». ووجه قائد المقاومة الجنوبية الشكر لكل «جنوبي حر في الداخل والخارج والمغتربين الذين قدموا الدعم المادي والمعنوي لإنجاح هذه الدورة ودعم جبهات القتال». كما تقدم بالشكر لـ«قيادة التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على دورهم في الضربات الجوية والإسناد للمقاومين الجنوبيين ضد العدوان الميليشياتي للحوثي وصالح».
سياسيا، أعلنت ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» التي شكلها الحوثيون عقب اجتياحهم صنعاء أن حركة «أنصار الله» الحوثية «مع الحل السياسي والحوار وإيقاف الحرب»، دون أن تورد المزيد من المعلومات بحسب ما بثته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» التي تخضع لسيطرة الحوثيين، وفي نفس الوقت، دعت اللجنة المواطنين إلى الخروج في مسيرات كبرى اليوم (الجمعة) رفضا لما سمته الحصار.
إلى ذلك، تزايدت، بصورة كبيرة، الأوضاع الإنسانية تدهورا في اليمن، وبالأخص في المناطق التي تشهد مواجهات، إضافة إلى المعاناة الشاملة لسكان عموم محافظات البلاد، حيث تستمر عملية نزوح المواطنين من صنعاء والمدن التي تشهد مواجهات عسكرية بين القوات الموالية لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، وتتزايد معاناة المواطنين اليمنيين، يوميا، جراء استمرار الحرب، إذ انعدمت الكثير من المواد الغذائية وارتفعت أسعارها، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي والشلل شبه التام الذي أصاب الحياة العامة في صنعاء وعدن وتعز والحديدة والضالع وأبين ولحج وغيرها من المحافظات، وتوقفت الدراسة في المدارس والجامعات، في وقت تؤكد فيه السلطات في صنعاء أن منظومة الكهرباء على وشك الانهيار وأن شبكات الاتصالات الأرضية والجوالة وخدمة الإنترنت، سوف تتوقف خلال أيام، جراء انعدام المشتقات النفطية التي تصادرها ميليشيات الحوثيين لصالح ما تسميه «المجهود الحربي»، وفي هذا السياق، وجهت منظمة «سياج» لحماية الطفولة في اليمن، نداء استغاثة عاجلا لإنقاذ أكثر من 8 ملايين طفل وطفلة، بينهم نحو مليون رضيع، جراء الكارثة الصحية والغذائية التي يعيشونها. وقالت المنظمة، في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، إن «معلومات مركز الرصد والحماية في (سياج) تؤكد أن الأطفال يتهددهم الموت والأمراض الناتجة عن نقص التغذية والمياه الصالحة للشرب وانعدام الخدمات الصحية بشكل شبه كامل». وجددت «سياج» تحذيرها من «تفاقم الوضع الإنساني في اليمن نتيجة عدم وصول مواد غذائية وأدوية ومواد بترولية إلى اليمن منذ نحو شهر تقريبا، حيث نفذ المخزون الغذائي لنحو 60 في المائة من الأسر اليمنية بشكل كلي وأصبح من المتعذر عليهم تأمين احتياجاتهم التموينية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.