تونس تدين تعامل حكومة الثني مع مقتل صحافييها على يد «داعش»

مبعوث الأمم المتحدة يؤكد سعيه لاتفاق قبل رمضان.. و«فجر ليبيا» تدعو إلى مظاهرات

معلمة ليبية تلقي أول دروسها أمام تلاميذها بعد إغلاق مدرستها في بنغازي لنحو عام بسبب الاشتباكات بين الميليشيات (رويترز)
معلمة ليبية تلقي أول دروسها أمام تلاميذها بعد إغلاق مدرستها في بنغازي لنحو عام بسبب الاشتباكات بين الميليشيات (رويترز)
TT

تونس تدين تعامل حكومة الثني مع مقتل صحافييها على يد «داعش»

معلمة ليبية تلقي أول دروسها أمام تلاميذها بعد إغلاق مدرستها في بنغازي لنحو عام بسبب الاشتباكات بين الميليشيات (رويترز)
معلمة ليبية تلقي أول دروسها أمام تلاميذها بعد إغلاق مدرستها في بنغازي لنحو عام بسبب الاشتباكات بين الميليشيات (رويترز)

دعت ميليشيات فجر ليبيا التي تسيطر على طرابلس منذ صيف العام الماضي، أمس، إلى تنظيم مظاهرات حاشدة اليوم (الجمعة) في البلاد، للمطالبة برحيل مبعوث الأمم المتحدة ورئيس بعثتها لدى ليبيا برناردينو ليون، الذي اعترف في المقابل بـ«صعوبة التفاؤل» بإمكانية التوصل لاتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية، قبل شهر رمضان منتصف يونيو (حزيران) المقبل.
وحث المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا المواطنين على تنظيم مظاهرات بعد عصر اليوم تحت شعار «حوارنا في حسم معركتنا بدعم ثوارنا.. وليون! اغرب عن ليبيا واترك الليبيين لحالهم».
وقال المكتب في بيان له أمس: «يجب أن ترفع شعارات باللغات الإنجليزية والفرنسية تطالب الأمم المتحدة بسحب مبعوثها»، الذي وصفه بـ«المتآمر الماكر».
وكان ليون الذي أطلع مجلس الأمن الدولي على تطورات الوضع في ليبيا حيث تتنافس حكومتان وبرلمانان للسيطرة على البلاد بعد 4 سنوات من الإطاحة بمعمر القذافي، قد أعلن أنه سلم الأطراف هذا الأسبوع مسودة ثالثة لاتفاق محتمل، ومن المقرر أن يردوا بحلول بعد غد (الأحد).
وأضاف للصحافيين: «يود المجتمع الدولي أن يرى اتفاقا في ليبيا قبل رمضان». وتابع بقوله: «لكن حذرا جدا إزاء احتمالات التوصل لاتفاق»، لافتا إلى أنه بمجرد تسلمه رد الأطراف على أحدث مسودة، سيتم تحديد موعد لجولة جديدة من المحادثات في الأسبوعين المقبلين.
ويرى الغرب أن المفاوضات هي السبيل الوحيدة لإنهاء الفوضى في ليبيا، حيث يكسب متشددون مؤيدون لتنظيم داعش أرضا ويستغلون الفراغ الأمني مثلما فعلوا في سوريا والعراق.
إلى ذلك، أعلنت وزارة العدل في الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، اعتقال الأشخاص المتهمين باختطاف وتصفية الإعلاميين التابعين لقناة «برقة» والصحافيين التونسيين، اللذين اختطفا بالقرب من مدينة درنة معقل الجماعات الإرهابية في شرق البلاد.
وحددت الوزارة في بيان لها هؤلاء الأشخاص بأنهم 5 بينهم ليبيان و3 يحملون الجنسية المصرية، مشيرة إلى أنهم اعترفوا جميعا خلال التحقيقات معهم بمسؤوليتهم عن قيامهم باختطاف وتصفية الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي، ونذير القطاري اللذين اختفيا منذ 8 سبتمبر (أيلول) الماضي بالقرب من درنة.
واعترفت الوزارة بأنه لا يتسنى للحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، توفير الحماية والأمن للصحافيين دون تنسيق مسبق مع الجهات المختصة بالدولة الليبية، وخصوصا المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية المتطرفة كـ«القاعدة» وما يعرف بتنظيم داعش الإرهابي. وتعهدت وزارة العدل بملاحقة المجرمين أينما كانوا وتقديمهم للعدالة في أقرب وقت ممكن لينالوا جزاءهم العادل على ما اقترفوه من جرائم بشعة.
وطلبت تونس، رسميا، من حكومة طبرق تقديم مزيد من التوضيحات بشأن الأنباء المتعلقة بمقتل الإعلاميين التونسيين سفيان الشورابي، ونذير القطاري، المختطفين منذ نحو 290 يوما من قبل مجموعات ليبية متشددة.
وكلفت تونس إبراهيم الرزقي، القنصل العام التونسي لدى ليبيا، بالتوجه على رأس وفد تونسي إلى مدينة البيضاء للتدقيق مع الجهات الرسمية الليبية هناك، ومعرفة الأطراف المتورطة في الجريمة، وطالبت بالمشاركة في التحقيقات المؤدية إلى كشف الحقيقة.
ومباشرة بعد تواتر أخبار غير مؤكدة بشأن مقتل الصحافيين التونسيين، انعقدت خلية الأزمة المتابعة للوضع في ليبيا مساء أول من أمس في قصر الحكومة بالقصبة، وذلك بإشراف الحبيب الصيد رئيس الحكومة، وبحضور وزيري الداخلية والخارجية لمتابعة الموضوع. كما التقى رئيس الحكومة والدي الإعلاميين المختطفين وعبر لهما عن تعاطفه وتضامنه، وتضامن الحكومة معهما، وأكد لهما أنه يتابع شخصيا المستجدات بخصوص وضعية ابنيهما، وفق بلاغ لرئاسة الحكومة.
وفي المقابل، حمل معاوية الشورابي، والد الإعلامي سفيان الشورابي، مسؤولية التحري حول مصير ابنه وجلبه من ليبيا، إن كان حيا أو ميتا، للحكومة التونسية، واستغرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عجز الحكومة طوال ثمانية أشهر عن معرفة مصير ابنه المختطف مع الصحافي نذير القطاري. وقال إنه ما زال يأمل في أن تكون مساعي سلطات بلاده جادة في معرفة مصير ابنه المحتجز في ليبيا، مؤكدا أنه ينتظر أن تفي السلطات التونسية بوعودها بالكشف عن مصير ابنه والقطاري. أما بخصوص تأثير خبر الاغتيال على أفراد العائلة، فقد أوضح الشورابي أنهم يموتون كل دقيقة ستين مرة، وعبر عن أمله في أن يكون الخبر مجرد إشاعة.
واجتمع التوهامي العبدولي، وزير الدولة المكلف الشؤون العربية والأفريقية، أمس، مع محمد المعلول، القائم بأعمال الحكومة الليبية المؤقتة لدى تونس، داخل مقر وزارة الخارجية التونسية، وطلب منه التنسيق مع السلطات الليبية حول هذه القضية، وتيسير مهمة الوفد التونسي المتجه إلى مدينة البيضاء.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.