العبادي يرمي الكرة في ملعب البرلمان بشأن استمرار الثقة في حكومته أو سحبها

رئيس الوزراء أكد في جلسة مغلقة أنه سيحترم أي قرار تتخذه السلطة التشريعية

العبادي يرمي الكرة في ملعب البرلمان  بشأن استمرار الثقة في حكومته أو سحبها
TT

العبادي يرمي الكرة في ملعب البرلمان بشأن استمرار الثقة في حكومته أو سحبها

العبادي يرمي الكرة في ملعب البرلمان  بشأن استمرار الثقة في حكومته أو سحبها

في سابقة منذ التغيير في العراق عام 2003، وطوال عمر خمس حكومات حتى الآن بدءا بحكومة إياد علاوي وانتهاء بحكومة حيدر العبادي الحالية، أعلن رئيس الوزراء العراقي أمس احترامه لأي قرار يمكن أن يتخذه البرلمان بشأن استمرار الثقة بحكومته أم سحبها. وفيما رمى العبادي الكرة في ملعب البرلمان على صعيد استمرار دعمه في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها العراق، فإنه ولليوم الثاني على التوالي وجه رسائل ضمنية إلى سلفه نوري المالكي الذي اشتهر بعبارته الشهيرة «ما ننطيها» (لن نعطيها)، كناية عن تمسكه بالسلطة.
وقال العبادي، خلال استضافته في جلسة البرلمان أمس مع وزيري الدفاع والداخلية وعدد من القادة الأمنيين والتي تحولت إلى مغلقة، إن «القرارات التي يتم اتخاذها في مجلس الوزراء تتم بالتوافق، وليس هناك تهميش لأي مكون من مكونات الشعب العراقي»، مؤكدا أن «الجميع يتحمل المسؤولية». وأضاف العبادي أن «قرار الخروج من الحكومة أسهل بكثير من قرار دخولها»، مشيرا إلى أن «أي قرار من البرلمان لتغيير الحكومة سيكون أمرًا محترمًا من قبل الحكومة». وتعهد رئيس مجلس الوزراء بـ«التخلي عن المنصب في حال عدم قدرته على حماية المواطنين ومصالحهم».
وعلى صعيد ما بات يقال عن تهديدات جديدة لكل من العاصمة بغداد ومحافظة كربلاء التي تضم مرقدي الإمامين الحسين والعباس من قبل تنظيم داعش، قال العبادي إن محافظتي بغداد وكربلاء غير «مهددتين» من تنظيم داعش عسكريا. ولفت إلى أن جميع المدن غير «آمنة» من التفجيرات والخروق الأمنية، فيما شدد على أن الحشد الشعبي مؤسسة رسمية «خاضعة» لقرارات القيادة العامة للقوات المسلحة. وحذر العبادي من أن محاولات «إضعاف» المؤسسة العسكرية ستؤدي إلى «مخاطر كبيرة»، مشددا على ضرورة وضع حد «للمروجين»، فيما وصف ما حصل في الأنبار بـ«الحرب النفسية».
في سياق ذلك، عبرت كتل سياسية عن دعمها للعبادي عقب إعلانه استعداده التخلي عن منصبه. وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، سليم شوقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كتلة المواطن والمجلس الأعلى داعم مستمر لرئيس الوزراء حيدر العبادي كونه جاء بناء على فتوى المرجعية في التغيير وضرورة الانسجام وتشكيل الفريق القوي المنسجم». وأضاف شوقي «إننا داعمون بشكل مستمر لما حدث من تغيير، لكن شريطة أن يكون العبادي مرشح التحالف الوطني ويكون مرجعيته في اتخاذ القرار إضافة للاسترشاد برأي المرجعية الدينية في النجف»، مؤكدا أن «البرنامج الحكومي الذي اتفقنا عليه وكذلك الوثيقة السياسية وما تتضمنه من بنود هما الفيصل في موقفنا منه، وفي حال خروج رئيس الوزراء عن أي بند من هذا الاتفاق فإننا سنقف بالضد من التصرف الذي يصدر عنه، وعندما خرج السيد العبادي عن أحد البنود وهو التعيين بالوكالة للهيئات المستقلة والذي كان من المفترض أن يكون بالأصالة وقفنا ونددنا بذلك ورفعنا الكارت الأصفر». وأوضح شوقي «نحن نحذر من الشخصنة وعدم سماع رأي الشركاء لأن ذلك يعود بنا إلى الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة السابقة والتي أدت إلى تدهور كبير في الملفين الأمني والإداري».
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون محمد الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبادي يحظى بدعم كبير من التحالف الوطني لا سيما أنه حقق نجاحات كبيرة على الرغم من التحديات التي يواجهها البلد وتواجهها العملية السياسية على كل الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية». وأضاف الشمري الذي ينتمي إلى كتلة «مستقلون» التي يتزعمها حسين الشهرستاني أن «العبادي تمكن من إعادة الثقة إلى البرلمان والحكومة وكذلك التواصل مع الرئاسات الثلاث، بجانب جولاته الميدانية التي دعمت المؤسسة العسكرية بقوة ووقوفه الحازم ضد (داعش) الذي كان على الأبواب، بالإضافة إلى خطواته الجيدة في إعادة الوصل مع عدد من دول الجوار بعد أن كانت العلاقة معها سيئة، والأهم أن العبادي الذي أكد عدم تمسكه بالكرسي قدم نموذجا لرجل الدولة الذي لا تشكل السلطة همًا له».
وردا على سؤال بشأن وجود جهات داخل التحالف الوطني، وبالذات ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، تقف ضد توجهات العبادي، قال الشمري إن «من لا يريد دعم العبادي جهات معروفة ضربت مصالحها بوجود هذا المنهج الذي بات يحظى بالمقبولية من قبل الجميع».
في السياق نفسه، تعهدت كتلة التحالف الكردستاني باستمرار دعم العبادي على الرغم من ملاحظاتها على أداء الحكومة. وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني فرهاد قادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «كتلة التحالف الكردستاني ما زالت داعمة للحكومة على الرغم من أن لدينا ملاحظات بشأن العديد من القضايا، ومنها عدم تطبيق بعض بنود وثيقة الاتفاق السياسي حتى الآن». وأضاف قادر أن «شعورنا بمواجهة خطر واحد هو (داعش) وأهمية الوقوف ضده أمر يجعلنا نقف إلى جانب الحكومة، يضاف إلى ذلك أن العبادي حين جعل الأمور تعود إلى البرلمان إنما قام بخطوة ممتازة جدا تعزز من مبدأ الثقة والشراكة معا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.