القلمون.. قاعدة عسكرية نظامية محصنة

تتضمن مخازن الأسلحة ومنصات الصواريخ الاستراتيجية

القلمون.. قاعدة عسكرية نظامية محصنة
TT

القلمون.. قاعدة عسكرية نظامية محصنة

القلمون.. قاعدة عسكرية نظامية محصنة

تتمتع منطقة القلمون بأهمية استراتيجية بالغة بالنسبة للقوات الحكومية السورية، كون النظام عدّها خلال السنوات الماضية ما قبل اندلاع الأزمة السورية، خط الدفاع الأخير عن العاصمة السورية في وجه أي حرب محتملة مع إسرائيل، فأنشأ فيها مقرات عسكرية وقواعد الصواريخ الاستراتيجية ومنظومات الدفاع الجوي، فكانت تلك المقرات عرضة لضربات جوية إسرائيلية ناهزت الثماني منذ عام 2011.
وتقول مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المنطقة تتضمن «اللواء 20» في محيط بلدة جيرود، و«اللواء 81» من جهة الرحيبة، فضلاً عن مقرات الفرقة الثالثة من جهة معضمية القلمون. أما القطيفة التي تعرضت فيها مقرات عسكرية خلال اليومين الماضيين لضربات يُعتقد أنها إسرائيلية، فتتضمن مقرات الألوية 155، و116، و21، و65، والفوج 14.. وغيرها.
وتصف مصادر المعارضة المنطقة بأنها «قلعة عسكرية محصنة ليس سهلاً الوصول إليها»، وهي «تجمّع ضخم يتضمن ترسانة الأسلحة الاستراتيجية ومنصات الصواريخ ومستودعات الذخيرة ومقرات فرق النخبة العسكرية في النظام، بينها مقرات الفرقة الرابعة التي يترأسها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد».
وكان النظام السوري أنشأ قبل الأزمة أكبر مقرات الفرق العسكرية حول العاصمة، في جنوب سوريا، وتحديدًا في القنيطرة ودرعا، إضافة إلى أرياف دمشق الشمالي والغربي والشرقي، بما فيها المطارات العسكرية، وصولاً إلى حدود محافظة حمص في وسط البلاد. وتتضمن محافظتا القنيطرة ودرعا في الجنوب الآن، اللواءين 82 و90 والفوج 167 إضافة إلى مقرات صغيرة أخرى تتوزع بين شرق درعا وازرع والصنمين، أما الترسانة من الأسلحة الاستراتيجية في مقرات أخرى سيطرت عليها المعارضة، فقد «نُقِلت إلى منطقة القلمون الجرداء والجبلية بعد اندلاع الثورة السورية»، كما يقول المصدر.
وتركزت الضربات الإسرائيلية منذ بدء النزاع السوري، في منطقة القلمون، لأنها ممر لترسانة الصواريخ التي تُهرب إلى حزب الله اللبناني، نظرًا لقربها من الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا، إضافة إلى أنها تتضمن تلك المنظومات العسكرية الاستراتيجية، فضلاً عن سبب لوجستي متعلق بالطائرات الإسرائيلية، كما قال خبراء استراتيجيون لبنانيون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، موضحين أن معظم الضربات الجوية الإسرائيلية لأهداف سوريا «توجد في المنطقة الحدودية مع لبنان، حيث تحلق الطائرات الإسرائيلية على علو منخفض داخل الأراضي اللبناني خلف سلسلة الجبال الحدودية مع سوريا، بهدف التواري عن الرادارات السورية، وتنفذ الضربات إما بسرعة قياسية داخل الأراضي السورية وتعود أدراجها فوق الأراضي اللبنانية وتنخفض خلف الجبال اللبنانية باتجاه البحر، وإما أنها تنفذ الضربات من داخل الأراضي اللبنانية مستخدمة صواريخ متطورة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.