مواجهات عنيفة في القدس بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي بعد مقتل فتى

الرئاسة تدين الجريمة.. وتطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني

شبان فلسطينيون يرمون أفراد الشرطة الإسرائيلية بالحجارة خلال المواجهات التي وقعت في منطقة الطور بالقدس أمس (أ.ف.ب)
شبان فلسطينيون يرمون أفراد الشرطة الإسرائيلية بالحجارة خلال المواجهات التي وقعت في منطقة الطور بالقدس أمس (أ.ف.ب)
TT

مواجهات عنيفة في القدس بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي بعد مقتل فتى

شبان فلسطينيون يرمون أفراد الشرطة الإسرائيلية بالحجارة خلال المواجهات التي وقعت في منطقة الطور بالقدس أمس (أ.ف.ب)
شبان فلسطينيون يرمون أفراد الشرطة الإسرائيلية بالحجارة خلال المواجهات التي وقعت في منطقة الطور بالقدس أمس (أ.ف.ب)

قتل الجيش الإسرائيلي، أمس، فتى فلسطينيا على حاجز عسكري شمال شرق القدس، بحجة أنه كان يحاول طعن أحد الجنود، لكن عائلته نفت هذه الرواية، واتهمت أفراد حرس الحدود الإسرائيلي باستفزازه، قبل أن يدب عراك ويتم إطلاق النار عليه، فيما دعت الرئاسة الفلسطينية إلى تدخل دولي لحماية الشعب الفلسطيني.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن أفرادها قتلوا بالرصاص شابا فلسطينيا كان يشهر سكينا أثناء مطاردته، وذلك بعد أن حاول مهاجمة جنود قرب نقطة تفتيش في منطقة القدس.
وقد وقع الحادث عند منتصف الليل تقريبا، قرب نقطة تفتيش عند أطراف القدس الشرقية في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت لوبا سامري، المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية: «إن الشاب قدم من حي الطور نحو الحاجز، محاولا الاعتداء على الجنود بسكين جزار وفأس.. لكنه هرب من قبضة المجندين الذين لاحقوه، وعندما لم ينصع لتعليماتهم بالتوقف أطلقوا نحوه عيارات نارية لشل حركته». وأعلن طاقم الإسعافات الأولية الذي حضر إلى المكان وفاة الفتى متأثرا بجراحه.
وشككت العائلة في رواية الشرطة الإسرائيلية حول ظروف مقتل ابنها علي أبو غنام (17 عاما) من بلدة الطور، شرق البلدة القديمة في القدس، وقالت إنه كان عائدا من حفلة قبل أن يستفزه الجنود ويطلقوا عليه النار.
ورفض محمد أبو غنام، والد علي، تسلم جثمانه بشروط الاحتلال المتمثلة في تشييع جثمانه، لكن بمشاركة 20 شخصًا فقط من أفراد عائلته. كما نفى أبو غنام رواية الشرطة الإسرائيلية التي تقول إن نجله حاول طعن جنود على حاجز الزعيم العسكري شرق المدينة، وقال إن مبرراتهم دائما جاهزة للقتل.
من جانبها، دانت الرئاسة الفلسطينية «الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بقتل الفتى علي محمد أبو غنام بذريعة كاذبة، وهي محاول طعن جندي إسرائيلي على حاجز الزعيم الاحتلالي». وقالت في بيان إن «هذه الجريمة تؤكد بشاعة الاحتلال، وإجرامه ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، واختلاق المبررات التي لا صحة لها لتنفيذ جرائمه»، مضيفة أن «مثل هذه الأعمال البشعة تكررت أكثر من مرة تحت حجج مختلفة، لكنها أصبحت الآن تستدعي تدخل المجتمع الدولي للعمل على توفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا، والعمل على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967».
وبعد انتشار خبر مقتل الفتى تفجرت أمس مواجهات في منطقة الطور في القدس، حيث رجم شبان غاضبون الجيش الإسرائيلي بالحجارة والزجاجات الفارغة، ورد الجيش بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع.
من جهتها، نعت حركة فتح أبو غنام الذي يعد أحد عناصرها، كما دان رأفت عليان، المتحدث باسم الحركة في القدس، الجريمة، محملا حكومة الاحتلال المسؤولية عنها. وقال في بيان إن هذه الجريمة النكراء «مثال للعربدة الإسرائيلية، وما يجري في مدينة القدس المحتلة يعبر عن العقلية الإجرامية التي لم تكف يوما عن استباحة دماء شعبنا».
وأعلنت حركة فتح في القدس الإضراب الشامل أمس، والحداد لثلاثة أيام على روح أبو غنام، وقالت في بيان: «إن جريمة قتل الفتى أبو غنام من قرية الطور، ارتكبت بدوافع عنصرية، وإننا على يقين أن العالم سيدرك مدى تمرد جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي على القانون الدولي، واستهتار دولة الاحتلال بقيم احترام الروح الإنسانية». وأضافت الحركة أن «جرائم قتل أطفال شعبنا وفتيانه تثبت حجم الهبوط والسقوط المريع لمنظومة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وانفلات سلاحها بيد جنودها، الذين تحركهم غرائزهم المشبعة بالرغبة في القتل، والمدفوعة بنظرة التفوق العنصري».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.