الخارجية السورية تسمح للسفارات بتجديد جوازات السفر دون الرجوع إلى «إدارة الهجرة»

رمضان: حاجة النظام المادية وقلقه من أي خلل قد يعطل عمله بدمشق وراء إجراء هذا التعديل

الخارجية السورية تسمح للسفارات بتجديد جوازات السفر دون الرجوع إلى «إدارة الهجرة»
TT

الخارجية السورية تسمح للسفارات بتجديد جوازات السفر دون الرجوع إلى «إدارة الهجرة»

الخارجية السورية تسمح للسفارات بتجديد جوازات السفر دون الرجوع إلى «إدارة الهجرة»

أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، في خطوة لافتة، قرارًا يقضي بالسماح للقنصليات والسفارات السورية في دول العالم، بمنح وتجديد جوازات ووثائق السفر السورية، دون الرجوع إلى إدارة الهجرة والجوازات في العاصمة دمشق. ورأى البعض أن شأن هذا القرار، أن يسهّل على المواطنين السوريين الموجودين خارج سوريا مهمة تجديد جوازات سفرهم، بعدما كانت تتطلب وقتا طويلا، لضرورة إرسالها إلى دمشق وتجديدها، إضافة إلى ما يتطلب الأمر من دفع مبالغ طائلة، غير أن المعارضة وجدت تفسيرًا آخر لهذه الخطوة.
فقد اعتبر أحمد رمضان، عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن هذا التعديل في قرار النظام الذي يسمح للسفارات بتجديد الجوازات دون الرجوع إلى إدارة الهجرة والجوازات العامة في دمشق، يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسية: الأول أنّ للأمر علاقة بالاقتراح الذي طرح ونوقش في اجتماع القمة العربية الأخير حول الطلب من الدول العربية تسهيل التعامل مع جوازات سفر المواطنين السوريين الموجودين في أراضيها، وإن كانت منتهية الصلاحية.
والثاني أن النظام السوري يعاني من مشكلة مالية كبرى ويريد أن يحصل على إيرادات بالعملة الصعبة، وهو بالتالي من خلال هذه الإجراءات حصر التجديد بسنتين فقط وفرض رسوما مالية بـ400 دولار أميركي، أما السبب الثالث، وفق رمضان، فهو أن النظام لديه قلق جدي من احتمال خروج دمشق عن سيطرته في أي لحظة في المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذي سيؤدي، إذا حصل أي خلل، إلى عجزه عن القيام بدوره السياسي والدبلوماسي.
وأكد رمضان أن هذا القرار سيسهل المهمة أمام السوريين الموجودين خارج بلادهم، موضحا أن الإجراءات السابقة، كانت تحول في أحيان كثيرة دون قدرة المواطنين على تجديد جوازات سفرهم لأسباب أمنية، إضافة إلى وقوعهم في أيدي العصابات والمافيات التي كانت تستغل السوريين وتقبض منهم مبالغ طائلة، قد تتعدى 1500 دولار، وهو المبلغ الذي قد يضطر الأهل الموجودين في الداخل إلى دفعه. ولفت إلى أنه، ووفق القرار القديم، كان تجديد الجواز للمرة الأولى يحصل عبر السفارة السورية، لكن التجديد الثاني كان يفرض على المواطن إرساله إلى دمشق، وهو أمر لم يكن سهلا ومتعذرا في معظم الأحيان. وكان كل من يريد من السوريين حول العالم استصدار جواز سفر أو تجديده، مجبرًا على انتظار الموافقة الأمنية على ذلك الإجراء، التي تصدر من إدارة الهجرة والجوازات العامة في دمشق، بالتنسيق مع الأفرع الأمنية المختلفة في سوريا، وتتوقف عملية إصدار أو تجديد جوازات السفر في حال عدم الموافقة.
ويتضمن نص القرار الذي نشر على موقع وزارة الخارجية والمغتربين نصه مقتضبا، بينما نشر صورة كاملة وموقعة من وزير الخارجية وليد المعلم، «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، نقلا عن وكالة «آرا نيوز»، رفع الأجور القنصلية المتعلقة بمنح الجوازات الجديدة للسوريين المقيمين في الخارج، إلى 400 دولار أميركي أو ما يعادلها باليورو، بالإضافة إلى وضع رسم جديد للجوازات المراد تجديدها في القنصليات والسفارات السورية في دول العالم، وقدره 200 دولار أميركي أو ما يعادله باليورو.
ويؤكد نص القرار على أن «للسفارات والقنصليات السورية خارج البلاد، الصلاحية لتجديد أو منح جوازات السفر بمجرد استيفاء الرسوم المترتبة على ذلك، دون انتظار أو الرجوع إلى إدارة الهجرة والجوازات العامة في العاصمة دمشق».
كذلك أجاز القرار «تسديد الرسوم القنصلية، وأجور تجديد ومنح الجوازات، بالعملات المحلية للدول التي توجد فيها البعثات الدبلوماسية والقنصلية السورية، وفقًا لنشرة سعر الصرف الصادرة عن مصرف سوريا المركزي في الربع الأول من كل عام». وألغى القرار تجديدات السفر الممنوحة للسوريين حول العالم لمدة تتجاوز السنتين، بالإضافة إلى أنه أجاز منح جوازات ووثائق السفر السورية للأشخاص الذين غادروا البلاد بصورة «غير شرعية»، على أن يتم استيفاء الرسوم المترتبة على منحها.
جدير بالذكر أن الرئيس السوري بشار الأسد، كان قد أصدر في 24 يونيو (حزيران) الماضي، توجيها، لمكتب الأمن الوطني، بإلغاء عملية منح وتجديد جوازات سفر السوريين المقيمين خارج سوريا، من دون أخذ موافقة الجهات الأمنية السورية بدمشق، وذلك خلافًا للتعليمات التي كانت قد أقرت بتاريخ 23/ 11/ 2012 تجاوبا من النظام مع مبادرة الشيخ أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف في حينها.
وقام مكتب الأمن الوطني بدوره بأمر وزارة الداخلية بإصدار القرار الإداري وتعميمه على السفارات السورية. كما أوقف التعميم العمل بالقرار الصادر عام 2005 القاضي بمنح جوازات سفر للمقيمين خارج البلاد من السفارات السورية في البلاد التي يقيمون فيها، بغضّ النظر عن الأسباب التي كانت تحول دون ذلك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».