وقف برنامج «ديني» هاجم علماء التراث استباقًا لدعوى قضائية من شيخ الأزهر

فضائية «القاهرة والناس» أصدرت قرارها {إعلاء للمصلحة الوطنية واحترامًا للمصريين}

وقف برنامج «ديني» هاجم علماء التراث استباقًا لدعوى قضائية من شيخ الأزهر
TT

وقف برنامج «ديني» هاجم علماء التراث استباقًا لدعوى قضائية من شيخ الأزهر

وقف برنامج «ديني» هاجم علماء التراث استباقًا لدعوى قضائية من شيخ الأزهر

قررت قناة «القاهرة والناس» الفضائية المصرية الخاصة أمس، وقف برنامج لباحث مصري أثار جدلا في البلاد، وقالت القناة في بيان لها إن «قرارها جاء إعلاء للمصلحة الوطنية واحتراما للمصريين واستجابة لدعوة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بتحكيم العقل خلال التناول الإعلامي لمسائل الدين».
وبينما ذكرت تقارير إخبارية أمس أن «القناة استبقت دعوى قضائية أقامها الطيب ضد البرنامج وقررت وقف البرنامج، متحدثة عن ضغوط مارسها شيخ الأزهر على القناة لوقف البرنامج»، لكن مسؤولا رفيع المستوى في مشيخة الأزهر قال أمس لـ«الشرق الأوسط» إن «الطيب ليس له علاقة بوقف البرنامج، وقامة الإمام الأكبر أكثر بكثير من ذلك الأمر، وإن الشؤون القانونية في الأزهر هي صاحبة الدعوى كحق دستوري لها.. وليس الدكتور الطيب».
يأتي ذلك بعد أسبوع من جدل أثير حول مناظرة تلفزيونية بين مقدم البرنامج إسلام بحيري، وأسامة الأزهري أستاذ علم الحديث في جامعة الأزهر، والداعية الحبيب علي الجفري، للرد على أطروحاته، التي اتهمته بسببها مؤسسة الأزهر أمام السلطات القضائية في البلاد بإنكار ثوابت الدين الإسلامي. وعكس هذا الجدل وقتها، بحسب مراقبين، التحديات التي تواجه الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني. وقدم بحيري برنامجه «مع إسلام» على القناة وهاجم فيه الكثير من كتب التراث التي تتضمن، وفقا له، تفسيرات للقرآن والسنة تستند إليها التنظيمات المتطرفة مثل «داعش»، و«القاعدة» في عنفها. وأثار البرنامج غضبا شديدا في الشارع المصري، واحتج الأزهر على ما يقدمه معتبرا أنه «ليس تجديدا» وإنما إساءة للتراث الإسلامي.
من جانبها، بثت قناة «القاهرة والناس» بيانا الليلة قبل الماضية، قالت فيه إنها «لا تشجع المناظرات أو حتى البرامج التي تفرق بين المسلم وأخيه المسلم، بعدما أثبتته من نتائج سلبية على المجتمع، والتي ستؤدي حتما إلى مزيد من الاحتقان والاختلاف في وقت ينبغي فيه أن تتجه إرادة الأمة إلى التوحد والبناء». وأكدت القناة أنها تتخذ هذا الموقف «إعلاء للمصلحة الوطنية واحتراما لفصيل كبير من الشعب المصري واستجابة للإمام الأكبر في دعوته لتحكيم العقل عندما يتناول الإعلام مسائل الدين»، مضيفة أنها ترى أنه يجب ترك «قضية تجديد الخطاب الديني لعلماء الدين وعقول الأمة المستنيرة، بعيدا عن الإعلام المرئي الذي يسعى بطبيعته إلى الإثارة والجدل».
وسبق أن أعلن بحيري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أول من أمس، أن «وقف برنامجه بسبب خلافات بينه وبين القناة»، مضيفا: «أريد أن أقول لكم رجعنا إلى الخلف جدا جدا جدا.. والمقبل أسود من أي تصور».
وقال السيسي في كلمة له أمام طلبة الكلية الحربية، قبل أسبوع، إنه حين دعا لتجديد الخطاب الديني فإنه «تحدث بشكل عام». وأضاف أنه «تفاجأ بتناول الموضوع في وسائل الإعلام»، مشيرا إلى أن أسلوب هذا التناول في الإعلام ليس في صالح قضية تجديد الخطاب الديني، مشددا على وجوب أن يتصدى لهذه المهمة «أساتذة مستنيرون».
وأقام الإمام الأكبر دعوى قضائية أول من أمس أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة لوقف البرنامج، واختصمت الدعوى رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون والشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات»، وأكدت الدعوى أن البرنامج تعرض لثوابت الدين الإسلامي وتحدث بشكل غير علمي ولا يليق، كما تعرض للأزهر وعلمائه، واستندت الدعوى للمادة 2 من الدستور المصري بأن «الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع والإسلام دين الدولة»، وأن البرنامج يهدد السلم والأمن والاستقرار العام بالبلاد.
من جانبه، قال المسؤول في مشيخة الأزهر إن «القناة أوقفت البرنامج تقديرا لدعوة الإمام الأكبر في التعقل والحكمة في تناول المسائل التي تتعلق بالدين». ونفى أن يكون «الطيب وراء وقف البرنامج»، مؤكدا أن «ذلك قرار القناة بسبب غضب الشارع المصري من البرنامج، وأن الأزهر فقط قد طالب بعدم بث المحتوى الذي يبثه البرنامج ويضلل الشباب، ولم يطالب بوقف البرنامج».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.