واشنطن تضع «فيتو» على الحشد الشعبي خارج سيطرة بغداد وتستعد لوجيستيًا لمعركة الموصل

قال إن السنوات الثلاث التي تحدث عنها أوباما للقضاء على «داعش» قد تكون سنة أو اثنتين

دورية لقوة أمنية عراقية في الجزء الشمالي من مدينة الرمادي الذي تم تحريره أمس (أ.ب)
دورية لقوة أمنية عراقية في الجزء الشمالي من مدينة الرمادي الذي تم تحريره أمس (أ.ب)
TT

واشنطن تضع «فيتو» على الحشد الشعبي خارج سيطرة بغداد وتستعد لوجيستيًا لمعركة الموصل

دورية لقوة أمنية عراقية في الجزء الشمالي من مدينة الرمادي الذي تم تحريره أمس (أ.ب)
دورية لقوة أمنية عراقية في الجزء الشمالي من مدينة الرمادي الذي تم تحريره أمس (أ.ب)

في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة الأميركية قد نأت سابقا عن التدخل بصورة مباشرة بخصوص معركتي صلاح الدين والأنبار، أعلنت وبكل وضوح أنها سوف تساند عملية تحرير الموصل عند بدء انطلاقها. وفي أول وضوح في الموقف الأميركي حيال الحشد الشعبي (متطوعو الفصائل والميليشيات الشيعية)، أعلن السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء، أمس، أن «الولايات المتحدة الأميركية تريد أن يكون الحشد الشعبي بإمرة القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، حتى لا تكون هناك خسائر في القوات المسلحة الصديقة».
وأضاف جونز: «إذا أردنا ضرب العدو نعرف أين يوجد أصدقاؤنا، ولا نريد أن نشترك مع قوة خارج إمرة القيادة العامة في السيطرة والانضباط».
وكشف جونز أن «الولايات المتحدة سلمت منذ أسبوعين إلى أربيل 1000 من أسلحة محمولة على الكتف، للمساعدة في ضرب العجلات المفخخة بموافقة بغداد»، وأكد أن «الثلاث سنوات التي تحدث بها أوباما للقضاء على (داعش) ليست شرطًا، وربما قد يستغرق الأمر سنة أو سنتين»، مشددًا على أن «التقارير التي تحدث عن قيام الولايات المتحدة بدعم تنظيم (داعش) مزيفة».
وبشأن ما إذا كان هناك تواصل مع الإيرانيين في العراق قال السفير الأميركي إن «واشنطن لا يوجد لها أي تواصل مع الكادر الإيراني الدبلوماسي في العراق، ولكنها تتواصل مع العراقيين من خلال الدبلوماسية العراقية».
وأكد أن: «النجاح في تدمير نصف قيادات التنظيم العليا تم بمساعدة القوات الأمنية». وحول معركة الموصل المرتقبة قال جونز إنه «عند بدء عملية تحرير الموصل ستكون القوات الأمنية جاهزة، والتوقيتات بيد القائد العام للقوات المسلحة، وسيكون دعمنا عن طريق توجيه ضربات جوية والنصح والمعلومات الاستخباراتية»، مشيرا إلى أن «العملية ستنطلق من خمس محاور».
وبشأن طائرات «إف 16»، قال جونز إن هذه الطائرات «ستصل إلى العراق في الصيف المقبل، وإن الكونغرس الأميركي خصص 1.6 مليار دولار لتجهيز 9 ألوية عراقية بالأسلحة والعتاد».
وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي كريم النوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الحشد الشعبي، ومثلما بات يعرف الجميع بمن فيهم الأميركيون، مؤسسة رسمية ووطنية عراقية تعمل بإمرة القائد العام للقوات المسلحة، مثلها مثل أي وحدة عسكرية أخرى». وأضاف أن «السيد هادي العامري أعلن، أثناء وجود رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي في الولايات المتحدة الأميركية، أن مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الأنبار تتوقف على قرار من القائد العام للقوات المسلحة».
وأوضح النوري أن «الحشد الشعبي لا يضع (فيتو) على مشاركة التحالف الدولي في الحرب ضد (داعش) لكننا في معركة تكريت كنا قد خشينا بسبب ضيق المساحة أن تحصل خسائر من قبل الطيران الأميركي». وكان مجلس الوزراء العراقي وجه، في السابع من أبريل (نيسان) 2015، الوزارات والمؤسسات الحكومية بالتعامل مع هيئة الحشد الشعبي كهيئة رسمية ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.
من جهته، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كاظم الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الجميع يعرف أن المشاركة الأميركية في التحالف الدولي هي الأساس والضربات الأميركية هي التي قصمت ظهر (داعش)، يضاف إلى ذلك أن الأميركيين لا يريدون الزج بأنفسهم في سجالات إعلامية لا تليق بمستوى ومكانة أميركا كدولة عظمى». وأضاف الشمري أن «قواعد اللعبة قد تغيرت إلى حد كبير؛ ففي الوقت الذي كانت الجهات الصديقة أو المرتبطة بإيران في العراق تشن حملات هجومية على الولايات المتحدة الأميركية، سواء لجهة عدم فاعلية ما تقوم به، أو أن أميركا ترسل مساعدات لـ«داعش»، فإنه بعد التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي لم تعد هناك نبرة عدائية بين الطرفين، وهو ما بتنا نلاحظه بشأن عدم وجود خلافات حول ضربات طيران التحالف الدولي، أو غيرها من الأمور». وبشأن ما بدا تركيزا أميركيا حول معركة الموصل ودور الولايات المتحدة في تلك المعركة، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد مدلول الجربا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأميركان يعرفون أن معركة الموصل لن تكون سهلة لأسباب كثيرة، من أبرزها أن مدينة الموصل لا تزال تحتوي على أكثر من مليوني إنسان، وبالتالي فإن القضية ليست مجرد تسليح وضربات جوية، بل يحتاج الأمر إلى دقة وتنسيق عاليين».
وأضاف أن «كل ما يجري الحديث عنه بشأن معركة الموصل لا يتعدى الحديث الإعلامي، لأنه لا توجد حتى الآن استعدادات كافية، كما لم يحصل تدريب حقيقي، فضلا عن النقص الفادح في التسليح، وبالتالي لا يمكننا الحديث عن زمن معلوم لمعركة الموصل، ومن أي المحاور، ومتى تنتهي، لكن كل ما نأمله أن تكون كل الأطراف سواء كانت الحكومة العراقية أو الأميركيين جادين في هذا الأمر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.