المقاومة الشعبية في عدن تسعى لتشكيل مجلس عسكري للمرحلة المقبلة

الحوثيون يستخدمون سياسة اليأس ويهاجمون المدنيين بشكل عشوائي

بعض شباب المقاومة الشعبية في كريتر في أحد الجبال المحررة قرب المعاشيق («الشرق الأوسط»)
بعض شباب المقاومة الشعبية في كريتر في أحد الجبال المحررة قرب المعاشيق («الشرق الأوسط»)
TT

المقاومة الشعبية في عدن تسعى لتشكيل مجلس عسكري للمرحلة المقبلة

بعض شباب المقاومة الشعبية في كريتر في أحد الجبال المحررة قرب المعاشيق («الشرق الأوسط»)
بعض شباب المقاومة الشعبية في كريتر في أحد الجبال المحررة قرب المعاشيق («الشرق الأوسط»)

تتجه المقاومة الشعبية في عدن إلى تأسيس مجلس عسكري منظم يضم الجبهات والقيادات المشاركة كافة في محاربة الحوثيين، وذلك بهدف الحفاظ على المكاسب الحربية التي تنجزها المقاومة في الميدان، كذلك قيادة العمليات العسكرية بالمرحلة المقبلة وفق استراتيجية عسكرية متطورة تمكنهم من القضاء على الحوثيين ومنع دخول ميليشياتهم إلى محيط عدن. وحددت المقاومة الشعبية في عدن احتياجاتها لمواجهة الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح في المرحلة المقبلة، وتطهير بعض المواقع التي تسيطر عليها الميليشيات، بضرورة توفير سلاح نوعي للمقاومة وطيران مروحي قادر على مواجهة المدرعات والدبابات العسكرية التي تمتلكها الميليشيات، مع توفير الإمدادات العسكرية اللازمة للسيطرة على مداخل المدينة.
وجاءت مطالب المقاومة الشعبية في أعقاب الاجتماع الذي عقد أول من أمس لسبعة من قيادات الجبهة في مواقع مختلفة من عدن، لبحث المستجدات على الأرض، وآلية التحرك مع المعطيات الجديدة، بعد إعلان قوات التحالف وقف «عاصفة الحزم»، فيما دعت المقاومة الشعبية إلى ضرورة تفعيل دور الصليب الأحمر والمنظمات الإغاثية الدولية لضمان استمرار الحد الأدنى من الخدمات وتقديم إغاثة عاجلة لصمود المدنيين، خصوصا أن هذه الإجراءات لا تحتاج إلى وقت طويل لتتبلور على الأرض.
وحول المعارك الدائرة في عدن، قال أفراد في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إنهم قصفوا أمس موقعا لتجمع الحوثيين في منطقة العريش بخور مكسر في عدن، كما تراجعت ميليشيات الحوثيين من المطار باتجاه الخط البحري متوجهين نحو فندق عدن، فيما أسهمت ضربات التحالف الجوية فجر الخميس في تدمير عدد كبير من مدرعات ودبابات الحوثيين التي كانت تقصف منازل المدنيين في منطقة مفتاح، فيما عمدت ميليشيات الحوثيين إلى توجيه ضربات عشوائية على الأحياء السكنية في محاولة منها للاستفادة من الوقت المتاح لمهلة مجلس الأمن، في تدمير ما يمكن تدميره ورفع حصيلة القتلى بين المدنيين.
وقال منذر السقاف أحد الناطقين باسم الجبهات الشعبية للمقاومة في عدن: «إن فجر الخميس سجل عددًا من الغارات الجوية لقوات التحالف في عدد من المدن القريبة من عدن، ومنها قصف تجمع للحوثيين ومواليهم متجهين نحو دار سعد، وتمكنت الضربة من دحر الميليشيات وتعطيل تحركها، في حين استهدف طيران التحالف تزامنا مع القصف العشوائي للحوثيين في مواقع مختلفة، منطقة مفتاح عدن بالعقبة ودمرت الكثير من الدبابات والآليات التي كانت تقصف بعض المنازل بشكل هستيري».
وأضاف السقاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف خلال ساعات تمكن من تدمير تجمعات عسكرية للحوثيين في منطقة «بير أحمد» بعدن التي نتج عنها تعطل كبير في الآلة العسكرية، كذلك شهد «مفرق الفيوش» ضربة جوية موجعة للحوثيين إذ يعد من أهم المواقع التي تسيطر عليها الميليشيا، لافتا إلى أن طيران التحالف تمكن من ردع الحوثيين وتوجيه ضربة جوية نجحت في تدمير الكثير من المدرعات التي استخدمت أول من أمس في ضرب المدنيين في منطقة «الوهط» بلحج بشكل عشوائي نتج عنه نزوح أعداد كبيرة من السكان.
وشهدت المواجهات العسكرية على الأرض تقدما نوعيا للمقاومة في مواجهة الميليشيات المسلحة التابعة لصالح والحوثيين، في جبهات متفرقة، ونجت المقاومة في الاستيلاء على عدد من الدبابات في خط الكورنيش الأحمدي، فيما أسفرت المواجهات المباشرة عن مقتل قرابة 20 من ميليشيات الحوثيين برصاص المقاومة الشعبية خلال الاشتباكات العنيفة في لحج، وارتفاع عدد القتلى في صفوف الميليشيات جراء الضربات الجوية فجر أمس الخميس.
ونجحت المقاومة الشعبية في بسط نفوذها على المواقع الرئيسية في عدن، بعد مواجهات عنيفة مع الحوثيين، الأمر الذي دفعها لتسريع آلية تشكيل مجلس عسكري موحد، لضمان السيطرة على العاصمة المؤقتة «عدن» ومنع تسلل الحوثيين الذين يقومون بعمليات قصف عشوائي على مواقع حيوية في لحج وعدن، خاصة مع الانتصارات التي تحققها المقاومة في دحر الحوثيين وإجبارهم على الانسحاب إلى أطراف المعلا، التي شهدت قصفا مكثفا من قبل دبابات الحوثيين.
وهنا عاد السقاف ليؤكد أن هناك اشتباكات عنيفة تخوضها المقاومة الشعبية ضد ميليشيا الحوثيين على مداخل مديرية «المسيمير» بلحج، إضافة إلى معارك شرسة وطاحنة على حد وصفه، تجري الآن ضد ميليشيا الحوثيين خلف ستاد (ملعب) 22 مايو، الذي يتوقع أن يسهم طيران التحالف في تدمير الآلة العسكرية التي تستخدمها الميليشيا، فيما دمرت المقاومة عددا من الدبابات العائدة للحوثيين في خور مكسر.
ولفت السقاف إلى أن أفراد المقاومة تمكنوا خلال مواجهات مباشرة من قتل 20 حوثيًا في الضالع، وتدمير أربعة أطقم عسكرية في كمائن محكمة للمقاومة الشعبية، وتتقدم المقاومة من الجهة الخلفية للمطار مع انسحاب الحوثيين لتطهير آخر موقع لتجمعهم، في محاولة للسيطرة على المطار وتطهيره، موضحا أن المواجهات في خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية تعد الأعنف.
وعن عودة بعض الخدمات لسكان عدن، قال السقاف: «إن هناك أجزاء في عدن أعيد لها التيار الكهربائي، فيما تضررت مولدات (التواهي) بشكل كامل وتحتاج لخمسة أيام لإصلاحها تحت وضع آمن، بعد أن فقدت المؤسسة العامة للكهرباء أمس بعض عامليها برصاص قناصة الحوثيين، أثناء محاولة إصلاح المولدات الرئيسية»، موضحا أن مستشفيات عدن تجاوزت طاقتها الاستيعابية بكثير، وتحتاج إلى تدخل سريع من المنظمات الإنسانية، لمساعدة الكوادر الطبية في إسعاف المصابين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».