عشيرة في نينوى تقاتل أبناءها بعد انقلابها ضد «داعش»

رئيس «اللهيب»: إنني حزين لكنهم اختاروا الطريق الخاطئ

رئيس عشيرة اللهيب نزهان صخر (يسار) مع عدد من رجاله في غرفة على خط المواجهة مع {داعش} قرب بلدة مخمور  (أ.ب)
رئيس عشيرة اللهيب نزهان صخر (يسار) مع عدد من رجاله في غرفة على خط المواجهة مع {داعش} قرب بلدة مخمور (أ.ب)
TT

عشيرة في نينوى تقاتل أبناءها بعد انقلابها ضد «داعش»

رئيس عشيرة اللهيب نزهان صخر (يسار) مع عدد من رجاله في غرفة على خط المواجهة مع {داعش} قرب بلدة مخمور  (أ.ب)
رئيس عشيرة اللهيب نزهان صخر (يسار) مع عدد من رجاله في غرفة على خط المواجهة مع {داعش} قرب بلدة مخمور (أ.ب)

رحبت عشيرة اللهيب العراقية بمسلحي تنظيم داعش عندما اجتاحوا مناطق في شمال العراق الصيف الماضي، واعتبرتهم ثوارا، لكن بعد أقل من عام على ذلك، شهدت العشيرة انقساما مريرا بين أولئك الذين انضموا إلى التنظيم الإرهابي وأولئك الذين يقاومون بطشه.
تقطن العشيرة قرى إلى الجنوب من مدينة الموصل، ثانية كبرى المدن العراقية التي احتلها تنظيم داعش العام الماضي. وعلى شاكلة كثيرين من العرب السنّة في شمال العراق، رحبت العشيرة بمقاتلي تنظيم داعش كمحررين، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
ويقول زعيم العشيرة نزهان صخر: «كنا سعداء بقدوم تنظيم داعش، ظننا أنهم في طريقهم إلى بغداد لإقامة حكومة هناك، لكنهم شرعوا في قتل أهالينا. وبدا أنهم لا يختلفون عن تنظيم القاعدة».
ويقود صخر الآن مجموعة من 300 مقاتل تحالفوا على مضض مع القوات الحكومية العراقية والقوات الكردية لمحاربة تنظيم داعش وأقرانهم من أهل العشيرة الذين يؤيدون المتطرفين.
وشكا العرب السنّة في العراق من التمييز وسوء المعاملة منذ أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بنظام الرئيس الأسبق صدام حسين لتحل محله حكومة منتخبة تهيمن عليها أغلبية شيعية. وساعد ذلك السخط في صعود «داعش» ومهّد الطريق لاستيلاء التنظيم على أجزاء كبيرة من شمال وغرب العراق العام الماضي.
والآن تحاول الحكومة استقطاب الدعم السني الذي تعتبره مفتاحا لهزيمة تنظيم داعش، غير أن ذلك يعد معضلة كبيرة في نظر كثير من العرب السنّة، من حيث إجبارهم على الاختيار بين المتطرفين الذين يتعاملون بمنتهى الوحشية مع المشتبه بهم من الخونة، وما يعرفه كثيرون عن الحكومة التي يعتبرونها طائفية وذات تاريخ من الوعود الواهية.
قاتل الشيخ صخر من قبل مع مجالس الصحوة التي كانت تتألف من العشائر السنية والمتمردين السابقين الذين تحالفوا مع الجيش الأميركي في 2006 للمساعدة في دحر تنظيم القاعدة في العراق، وهو التنظيم الذي مهد الطريق لظهور «داعش» هناك، غير أن الحكومة لم ترحب قط بمجالس الصحوة، وتضاءل الدعم الموجه إلى تلك المجالس مع الانسحاب الأميركي من العراق.
ويقول صخر إنه هذه المرة يحصل على بعض المساعدات، إذ بدأ كل مقاتل في تلقي راتب شهري من الحكومة في بغداد مبلغه 600 دولار، لكنهم كافحوا كثيرا لتسليح أنفسهم، ويقول صخر: «تسلمنا أسلحة من قوات البيشمركة الكردية، لكنها لم تكن كافية. ثم اضطررنا إلى شراء بقية الأسلحة من أموالنا الخاصة». وأضاف أنه أنفق 150 ألف دولار على مشتريات الأسلحة، بما فيها مدفع رشاش ثقيل، و5 مدافع رشاشة خفيفة، وسيارة نقل، وراجمتان للصواريخ. ويتابع صخر فيقول إن رجاله في حاجة إلى مزيد من الأسلحة لطرد تنظيم داعش خارج الموصل والمناطق المحيطة بها. وأكد أنه مع مزيد من السلاح يمكنه مضاعفة تعداد رجاله إلى 1000 مقاتل، غير أن كثيرا من رجال العشائر يحجمون الآن عن المشاركة خوفا من عدم استطاعتهم الدفاع عن أنفسهم.
ويجلب قرار صخر بالتحالف مع القوات الحكومية مزيدا من المخاطر، فقد ذبح تنظيم داعش كثيرا من الرجال، والنساء والأطفال من أهل العشائر السنية من الذين عارضوا التنظيم الإرهابي. ويقول صخر إن اسمه هو التالي على قائمة الاغتيال لدى «داعش»، وإنه نجا من محاولات عدة لقتله، وكانت آخرها في الأسبوع الماضي، إذ أشار إلى ثقب للرصاص في سيارته. وأعرب عن أسفه لاضطراره إلى القتال ضد جيرانه السابقين وأبناء العشائر الأخرى، وقال: «إننا على يقين أن كثيرا ممن يقاتلون في صفوف (داعش) الآن هم من أبناء عشيرتنا، إنني حزين بشدة لذلك الموقف، لكنهم اختاروا الطريق الخاطئ».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.