رئيس الوزراء اللبناني يدعو لتهدئة الخطاب السياسي بعد كلمة نصر الله والردود عليها

الحكومة تخصص مبلغ مليون دولار لإعادة السائقين العالقين جراء إقفال «معبر نصيب»

تمام سلام أثناء استقباله السفير المصري الدكتور محمد بدر الدين زايد في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
تمام سلام أثناء استقباله السفير المصري الدكتور محمد بدر الدين زايد في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

رئيس الوزراء اللبناني يدعو لتهدئة الخطاب السياسي بعد كلمة نصر الله والردود عليها

تمام سلام أثناء استقباله السفير المصري الدكتور محمد بدر الدين زايد في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
تمام سلام أثناء استقباله السفير المصري الدكتور محمد بدر الدين زايد في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

حثّ رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أمس الزعماء اللبنانيين على النزول عن «منابر الكلام العالي» والعودة إلى الحوار، ومن ناحية أخرى قررت الحكومة في جلسة عقدتها يوم أمس الثلاثاء تخصيص مبلغ مليون دولار أميركي لإعادة السائقين الذين علقوا مع شاحناتهم في دول الخليج بعد سيطرة قوى المعارضة السورية على معبر نصيب الحدودي مع الأردن مطلع الشهر الحالي وتوقف العمل فيه.
سلام، الذي كان خلال افتتاح مؤتمر تربوي، دعا «الجميع إلى الرأفة بلبنان واللبنانيين، وإلى النزول من منابر الكلام العالي المؤدي إلى التنابز والقطيعة والتوجه نحو تعزيز مساحات الحوار والتقارب»، في إشارة إلى التصعيد السياسي والإعلامي الذي شهدته البلاد على خلفية الملف اليمني، ولا سيما بعد خطاب أمين عام حزب الله حسن نصر الله.
وأشار سلام إلى أن حكومته «نجحت وبإرادة الأطراف السياسيين جميعا، في تأمين حد مقبول من الحصانة السياسية والأمنية للبلاد. ونحن نحث الجميع على تعزيز هذا المنحى، لتسيير شؤون اللبنانيين أولا، وللحد من التأثيرات السلبية للتطورات الحالية في محيطنا ثانيا».
وأضاف: «إن لبنان هو كل ما نملك، وتعريضه للمخاطر جريمة لن تغفرها لنا الأجيال مثلما هي جريمة الاستهانة بالمؤسسات والاستحقاقات الدستورية». وناشد «القوى الوطنية المخلصة المسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لكي نعيد التوازن إلى مؤسساتنا الدستورية والانتظام إلى حياتنا الديمقراطية».
وعلى صعيد آخر، صرح وزير الزراعة أكرم شهيب في مؤتمر صحافي بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أن لدى لبنان في الأردن حاليا 60 شاحنة عالقة بالإضافة إلى 169 شاحنة في المملكة العربية السعودية 169 و15 شاحنة، وناشد أصحاب هذه الشاحنات التواصل مع السفارات اللبنانية في هذه الدول لتأمين عودتهم عن طريق النقل البحري، بعدما أقرت الحكومة تحويل المبلغ المطلوب للهيئة العليا للإغاثة.
ويذكر أنه بعد حل مشكلة الشاحنات اللبنانية العالقة في دول الخليج، تواجه الحكومة مشكلة أساسية لجهة كيفية تصدير الإنتاج اللبناني مع استمرار إقفال «معبر نصيب» السوري الحدودي مع الأردن الذي يعتبر البوابة الاقتصادية البرية الأساسية من لبنان باتجاه دول الخليج وبعض الدول العربية. ومن المتوقع أن تتأثر المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية بشكل كبير، وتتراجع نسبة الصادرات التي تبلغ يوميا ألف طن وسنويا مائة ألف طن، نحو 70 في المائة.
وفي هذا السياق، أوضح شهيب أن وزارته تدرس مع الهيئات المعنية خطة لتأمين نقل الإنتاج الزراعي إلى أسواق الخليج، لافتا إلى أن ملف التصدير والاستيراد من وإلى لبنان عبر البحر سيكون على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء في الأسبوع المقبل. ثم قال: «للأسف نحن أصبحنا في جزيرة، وعلينا الوصول إلى أسواق الدول المجاورة رغم مشاكلها، فسوريا مثلا ورغم وضعها المتفجر والحرب التي تشهدها قد بدأت بالتفكير في كيفية نقل ما تبقى من إنتاجها إلى دول الخليج، وتركيا تلعب هذا الدور، لذلك لا نستطيع أن نتأخر عن واجبنا تجاه المزارعين والمصنعين اللبنانيين في عملية نقل الإنتاج من وإلى البلدان العربية وإلى شمال أفريقيا».
ولكن نجاح الحكومة بحل ملف الشاحنات العالقة لم ينسحب على موضوع إقرار الموازنة العامة للبلاد التي قال وزير العمل سجعان قزي إنّها لم تمر بسبب تعذّر الحصول على توافق سياسي حولها خارج مجلس الوزراء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».