العبادي يتحرش بالمطرقة الإيرانية ويغازل السندان الأميركي

سياسي عراقي: إنه يمشي على حبل تشد طهران وواشنطن طرفيه

العبادي يتحرش بالمطرقة الإيرانية ويغازل السندان الأميركي
TT

العبادي يتحرش بالمطرقة الإيرانية ويغازل السندان الأميركي

العبادي يتحرش بالمطرقة الإيرانية ويغازل السندان الأميركي

بينما اختزل مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نتائج زيارته الأسبوع الماضي إلى واشنطن بما سماه ضمان عدم انحياز الموقف الأميركي ضد العراق لحساب بعض الدول، يرى سياسي عراقي بارز أن العبادي يمشي على حبل مشدود «مرة يكون أميركيا ومرة إيرانيا».
المصدر المقرب من العبادي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه، مضى في التعبير عن نتائج الزيارة بمزيد من الالتباس بالقول إن الإدارة الأميركية أكدت على دعمها «القوي للعراق والتزامها مع الحكومة العراقية لمحاربة (داعش) على الرغم من علاقتها مع بعض الدول المجاورة، أي أن الزيارة استطاعت ضمان عدم انحياز الموقف الأميركي ضدنا لصالح بعض الدول».
وفي سياق المقارنة بين الموقفين الأميركي والإيراني وطريقة تعبير العبادي عن كلا الموقفين فإن المصدر المقرب مضى بالقول: «أما بخصوص ما تناقله البعض عن موقف متناقض من الجنرال الإيراني (قاسم سليماني) فإن رئيس الوزراء لم يمتدح سليماني في العراق مطلقا، وإنما امتدح مواقفه في لندن ودافوس بحضور قادة العالم، وامتدح الموقف الإيراني في زيارته إلى نيويورك». كما انتقد رئيس الوزراء بحسب المصدر «تصريحات بعض الإيرانيين علنا في العراق في ما يتعلق بالكتابات باللغة الفارسية وتعليق الصور في تكريت ومحاولة سرقة الانتصارات العراقية، وبنفس الوقت انتقد تأخر الدعم الأميركي وقلته في حرب العراق مع الإرهاب والذي أدى إلى تحسن الدعم الأميركي لاحقا».
علي العلاق، عضو البرلمان العراقي عن حزب الدعوة، وهو الحزب الذي ينتمي إليه العبادي نفسه، يقول من جهته إن «زيارة العبادي لواشنطن كانت بهدف إزالة الالتباس على صعيد صورة بدت مشوهة على صعيد الحشد الشعبي (الفصائل الشيعية التي يحظى غالبيتها بدعم إيراني)، وكذلك العلاقة بين الشيعة والسنّة وما حصل على صعيد معارك تكريت».
لكن النائب السابق في البرلمان العراقي والمفكر العراقي المعروف حسن العلوي يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس وزراء العراق اليوم، أيّ رئيس وزراء، بصرف النظر إن كان العبادي أو غيره، يمشي على حبل مشدود، وهذا الحبل المشدود مرة يكون أميركيا ومرة إيرانيا، ويتوجب عليه حتى لا يسقط ضبط التوازن فوق هذا الحبل». ويضيف العلوي أن «المشي على هذا الحبل المشدود يتطلب أن يكون هناك تصريح يرضي هذا الطرف ضد ذاك أو بالعكس، لأن هذا هو وحده ما يجعله قادرا على عدم السقوط، وذلك بإغضاب هذا الطرف في العلن وإرضائه في السر».
ويرى العلوي أن «ما صدر من تصريحات للعبادي بالضد من إيران في واشنطن لا بد أن يكون تزامنت معه رسالة سرية ذهبت إلى طهران مفادها أنني مضطر إلى مثل هذا التصريح، علما بأن الإيرانيين يعرفون هذه اللعبة جيدا وهم مستمتعون بها». وكشف العلوي أن مسؤولين إيرانيين زاروه في الآونة الأخيرة بعد قطيعة له مع إيران أكدوا له أن «السياسيين العراقيين وهم يمارسون هذه الازدواجية إنما هم منافقون من وجهة نظرنا بحكم أن هذا السلوك السياسي يسعى إلى أرضاء طرفين متنازعين».
وردا على سؤال بشأن الرؤية الأميركية لمثل هذه التصريحات التي لا ترضي الإيرانيين في قرارة أنفسهم، يقول العلوي إن «الأميركيين بحكم كونهم براغماتيين فهم ينظرون إلى مصالحهم بالدرجة الأساس، وما دامت مثل هذه التصريحات تنسجم مع مصلحتهم فإنهم يتقبلونها لجهة أنها رد فعل مناسب ضد خصومهم من الجمهوريين أو حتى الرأي العام الأميركي، وبالتالي فإن مثل هذه التصريحات مطلوبة أميركيا لكنها ليست كذلك إيرانيا، إذ تسجل مثل هذه التصريحات في ملفات الإيرانيين على أنها نقطة ضعف بحق العبادي»، مؤكدا أن «إيران في النهاية لا تريد أن تكون السياسة الأميركية - الإيرانية في العراق متصالحة». وبشأن ردود الفعل الداخلية تجاه تصريحات العبادي التي بدت مناوئة لإيران، لا سيما تركيزه على أهمية احترام إيران السيادة العراقية، يقول العلوي إن «هذه التصريحات أرضت طرفا من السنّة وهم سنّة السلطة لأن هؤلاء سيسوقون مثل هذه التصريحات إلى مناوئيهم وخصومهم من الاتجاهات السنّية الأخرى، ممن يطالبونهم بالانسحاب من الحكومة أو حتى العملية السياسية برمتها، رسالة مفادها أنهم يعملون الآن مع رئيس وزراء غير متصالح مع إيران».
بدوره، يرى الخبير الأمني هشام الهاشمي أن «خيارات العبادي الأميركية تبدو معقدة ومحرجة، لا سيما على صعيد التوازن بين القوى الدولية والإقليمية والقوى الداخلية، خصوصا إذا عرفنا أن وضع العراق يزداد حرجا، فضلا عن تداعيات الأزمة الاقتصادية وتكاليف الحرب المتزايدة على حساب حاجات المواطن». وحسب الهاشمي فإن الزيارة بدت كمسعى من العبادي «لحل الخطوط الحمراء بين الحشد الشعبي والولايات المتحدة الأميركية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».