صدام حسين يطيح بعد نحو 9 سنوات على إعدامه بالمتحدث الإعلامي للعبادي

أغنية يتيمة قبل عقدين تدفع بمكتب رئيس الوزراء للتبرؤ من إعلامي متميز

الصحافي رافد جبوري
الصحافي رافد جبوري
TT

صدام حسين يطيح بعد نحو 9 سنوات على إعدامه بالمتحدث الإعلامي للعبادي

الصحافي رافد جبوري
الصحافي رافد جبوري

لم يكن يدور بخلد رافد جبوري الصحافي السابق في محطة «بي بي سي» العالمية أن يرفق ضمن السيرة الذاتية التي طلبت منه لغرض إكمال مهمات تعيينه ناطقا إعلاميا باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي شريط فيديو لأغنية «يتيمة» له كان قد غناها قبل نحو عقدين من الزمن بعنوان «ارفع رأسك أنت عراقي» فيه مقطع يمجد رئيس النظام السابق صدام حسين. فجبوري خريج كلية الهندسة جامعة بغداد والحائز على شهادة باللغة الإنجليزية فضلا عن عمله في «بي بي سي» وجدها كافية للترشح لهذا الموقع الرفيع.
الأغنية التي لحنها وأداها جبوري كجزء من مواهبه المتعددة في مرحلة صباه لم تكن جزءا من تاريخه المهني. يضاف إلى ذلك وكما قال مسؤول قديم في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العراقية على عهد صدام حسين لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمها: «تلك الأغنية كأنها لم تكن حيث لم تبث سوى مرة أو مرتين ومن ثم جرى إيقاف بثها لأنها لم تكن بمواصفات ما كان يؤدي آنذاك من أغان وأناشيد سواء كانت تعبوية أو تمجد صدام حيث اشتهر مطربون وشعراء وملحنون كبار في ذلك النوع من الأغاني وهم كلهم تقريبا موجودن الآن ولهم حضور في المشهد الإعلامي العراقي».
وأضاف المسؤول القديم «صحيح أن بعضهم لم يتسلم مهام أو مسؤوليات لكن الكثير منهم قدم أغاني وكتب شعر يمجد الوضع الجديد مثلما مجد صدام ومنحوا مكافآت مثلما كان صدام يمنح»، معتبرا أن «البحث عن شريط فيديو بسيط لأغنية يتيمة لشاب آنذاك لم يتابع فيما بعد أي نشاط فني إنما تهدف إلى نوع من عملية تسقيط ربما من أناس لهم أهداف معينة ولكنها في كل الأحوال ليست وطنية مثلما يجري تسويق الأمر الآن».
وفي وقت انتشر فيه الفيديو الخاص بأغنية رافد فاضل مثلما ظهرت على الشريط دون اللقب جبوري على مواقع التواصل الاجتماعي مثل انتشار النار في الهشيم إلى الحد الذي غطت فيه على معارك الأنبار فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي كان يؤدي زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية.
رافد جبوري استبق الجميع وأعلن اعترافه بالأغنية على صفحته بـ«فيسبوك». وفي حديث مقتضب له لـ«الشرق الأوسط» بشأن ملابسات ما حصل قال جبوري: «إنني لا أريد أن أقول أكثر مما قلته في صفحتي بـ(فيسبوك) حيث اعترفت بالفيديو وبررت ذلك بصرف النظر عن قناعة هذا الطرف أو ذاك ثم إنني اعتذرت للناس عن ذلك».
لكن اعتذار جبوري لم يجب ما قبله مما فسرته بعض الأطراف السياسية وبعض المواقع الإعلامية والإلكترونية بوصفه مثلبة لا يمكن التغاضي عنها. بعض المواقع الإعلامية استخدمت لغة التسقيط السياسي من منطلق أن رئيس الوزراء حيدر العبادي هو من قيادات حزب الدعوة الذي هو أحد ضحايا صدام حسين. جبوري من جهته أضاف إلى أنه «أدرك أن الهدف من إثارة هذا الفيديو في هذا الوقت بالذات هو ليس أنا بل مهاجمة الحكومة الأمر الذي جعلني أقدم استقالتي وهذا ما تم». مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي انشغل منذ يومين بالتعبير عن القضية التي هزت القصر الرئاسي بلغة المصدر الذي لم يكشف عن اسمه بمن في ذلك قرار إعفاء جبوري من منصبه. وفي هذا الصدد فقد جاء الخبر كالتالي وكأنه يحمل نوعا من التبرئة من قبل العبادي بالمتحدث باسم مكتبه الإعلامي إن رافد جبوري هو متحدث باسم المكتب الإعلامي وارتباطه بهذا المكتب وليس برئيس الوزراء ولا هو ضمن المكتب الخاص لرئيس الوزراء. وتابع أنه تم أمس (الأول) الجمعة إصدار أمر بإلغاء عقده وإنهاء قيامه بمهمة المتحدث باسم المكتب الإعلامي، مشيرا إلى أن السيرة الذاتية التي قدمها قبل التعاقد لم تتضمن ذكر ما يتم تداوله حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي ولم يكن ضمن سيرته الإعلامية. وأوضح المصدر أن «مكتب العبادي حريص على أن تنطبق على أفراد مكتبه الخاص أو العاملين في المكاتب المرتبطة بها الشروط والمواصفات الصحيحة وأن من يخالفها فإن مكانه سيكون خارج المكتب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».