انتكاسة الرمادي تعيد ملف خطط تحرير المناطق المحتلة من «داعش» في العراق

رئيس البرلمان يحمل القيادة العامة مسؤولية ما يجري في محافظة الأنبار

انتكاسة الرمادي تعيد ملف خطط تحرير المناطق المحتلة من «داعش» في العراق
TT

انتكاسة الرمادي تعيد ملف خطط تحرير المناطق المحتلة من «داعش» في العراق

انتكاسة الرمادي تعيد ملف خطط تحرير المناطق المحتلة من «داعش» في العراق

في وقت يتواصل فيه نزوح الآلاف من سكان مدينة الرمادي (110 كلم غرب بغداد)، مركز محافظة الأنبار، نحو العاصمة العراقية، فإنه وطبقا لما أعلنه قيادي في مجلس العشائر المنتفضة ضد «داعش» في المحافظة والتي أطلقت على نفسها تسمية «حلف الفضول» بأن «ساعة الصفر التي كان قد أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن إطلاق عمليات تحرير الأنبار الكبرى مثلما سميت إنما هي في الواقع كانت بمثابة ساعة صفر الدواعش علينا»، فقد بدت خطة تحرير المناطق المحتلة من تنظيم داعش في العراق مستعجلة حتى بالنسبة لرئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري والمرجعية الدينية العليا في النجف.
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري دعا القيادة العامة للقوات المسلحة لتحمل مسؤولياتها بصدد ما تشهده الأنبار من انتكاسة أمنية خطيرة أدت إلى نزوح الآلاف من سكانها هربا من بطش «داعش».
وقال الجبوري في بيان له أمس الجمعة إنه «ترأس اجتماعا موسعا حول محافظة الأنبار ضم عددا من القيادات السياسية والعشائرية في المحافظة، فضلاً عن ممثلين عن السفارة الأميركية، وجرى خلال الاجتماع بحث مفصل لآخر التطورات الأمنية والميدانية في مدينة الرمادي». وأكد وفقًا للبيان أن «الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة أوصلت رسالة مفادها أن التحرير الذي تحقق سابقا كان هشًا وأن العمليات العسكرية بحاجة إلى إعادة ترتيب بما لا يسمح بتكرار ما جرى».
وطالب الجبوري بـ«تكثيف الدعم الجوي للقوات العسكرية من قبل قوات التحاف الدولي، فضلاً عن دعم القوات الموجودة هناك بالعدة والعدد»، مؤكدًا أن «القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارتي الدفاع والداخلية مطالبة بتحمل مسؤولياتها بهذا الصدد».
وفي هذا السياق، أكد عضو مجلس عشائر الأنبار المنتفضة فارس إبراهيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المسؤولية الكاملة عن الانهيار الذي حصل في الرمادي لا يتحملها رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي لم يعلن ساعة الصفر إلا بعد أن أعلنها، رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت، دون دراية، والذي وضع الجميع أمام ورطة سرعان ما استغلها (داعش) في هجوم معاكس حتى بدت ساعة صفر كرحوت وكأنها للدواعش للهجوم على الرمادي وليس العكس».
وأضاف إبراهيم أن «عشائر الأنبار تحمل محافظ الأنبار صهيب الراوي ورئيس مجلس المحافظة كرحوت وقيادات الحزب الإسلامي كامل المسؤولية فيما حصل لأهداف لم تعد خافية على أحد، حيث إنهم وضعوا الجميع أمام أزمة خطيرة بسبب عدم اكتمال الاستعدادات الخاصة بعملية التحرير». وأوضح أن «الهدف الذي يرمي إليه هؤلاء هو فصل الأنبار عن العراق في إطار المخطط الخاص بإنشاء إقليم سني كانوا وما زالوا هم من يروجون له بعيدا عن إرادة أهالي الأنبار».
على الصعيد نفسه فقد طالبت المرجعية الشيعية العليا في النجف الجهات الرسمية بأن «تكون خططها شاملة محكمة لا تدع مجالا لأي ثغرة يمكن أن يستغلها العدو فيتقدم من خلالها لتسجيل انتصارات وإن كانت محدودة ومؤقتة فإن التركيز على مناطق والاسترخاء في مناطق أخرى يستتبع نتائج غير محمودة كما لوحظ ذلك في مصفى بيجي». وقال مهدي الكربلائي ممثل المرجعية العليا خلال خطبة صلاة الجمعة بكربلاء أمس إن «من الضروري مشاركة أبناء المناطق التي سيطر عليها (داعش) في تحريرها وتخليصها من شرور الإرهابيين وأن يكون لهم الدور الأساس في ذلك لأنهم أولى به من غيرهم إلا أنه لا مانع من حيث المبدأ أن يشاركهم في هذه المهمة غيرهم من العراقيين ممن لهم القدرة على ذلك وإن اختلفت عناوينهم وانتماءاتهم فإنهم يجمعهم العراق والمصير الواحد».
وأشار ممثل المرجعية إلى أن «بقاء تلك المناطق تحت سيطرة الإرهابيين يعرض المناطق المجاورة لخطر دائم، متسائلا: «كيف يمكن توفير الأمن والاستقرار للعاصمة بغداد مثلا، إذا بقيت أجزاء مهمة من محافظة الأنبار المجاورة تحت سيطرة الدواعش؟ مع إن بعض المواقع تحت سيطرة (داعش) أو تسعى للسيطرة عليها هي ذات صفة سيادية وطنية كحقول النفط والمصافي والمنافذ الحدودية والقواعد العسكرية فكيف يمكن إيكال أمر استرجاعها أو حمايتها إلى بعض العراقيين خاصة وهي لا تخص أصحاب دين أو مذهب أو قومية منهم بالخصوص؟».
على صعيد متصل، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية السابقة شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما حصل في الرمادي من انسحابات غير مدروسة من قبل الجيش والشرطة والحشد الشعبي مع إعلان ساعة الصفر لبدء عمليات التحرير أمر يثير المزيد من التساؤلات عن الدوافع والأسباب التي أدت إلى ذلك دون وجود مبرر حقيقي». وأضاف أن «من بين الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي كم من الأسلحة والمعدات تركت للدواعش أثناء عملية الانسحاب وهو ما يكرر نفس ما حصل في الموصل» مضيفًا: «إننا في الوقت الذي نسمع فيه تصريحات بشأن قيام دول أجنبية بمساعدة داعش فإننا نرى بالعين المجردة الأسلحة الثقيلة التي يتركها الجيش لداعش، الأمر الذي يعني لو أخذنا الأمور بغير دوافع إن هناك خللا في منظومة القيادة والسيطرة لدينا الأمر الذي يجعل عملية التواصل بين القيادات صعبة إن لم تكن مستحيلة». ووجه طه انتقادات «للتسرع في إطلاق التصريحات والاحتفالات بالنصر بينما لا تزال مناطق كثيرة حتى في تكريت تحت سيطرة (داعش) وهي من أبرز المناطق مثل الفتحة والرياض وصولا إلى قضاء الشرقاط، والآن مشكلة بيجي بينما نرى هناك من يتحدث عن عودة النازحين إلى مناطقهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.