فضائية «الناس» تعود بثوب جديد بعد وقفها بتهمة إثارة الفتنة في البلاد

المفتي السابق علي جمعة مشرفًا عليها.. وتعد خطوة لتجديد الخطاب الديني

علي جمعة
علي جمعة
TT

فضائية «الناس» تعود بثوب جديد بعد وقفها بتهمة إثارة الفتنة في البلاد

علي جمعة
علي جمعة

بدأت السلطات المصرية أمس، إعادة بث قناة «الناس» الفضائية الخاصة المثيرة للجدل، عقب وقفها بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة، بسبب دعاتها المتشددين والتحريض على إثارة الفتنة في البلاد وإهانة الجيش والقضاء والشرطة حينها.
وقالت مصادر في مدينة الإنتاج الإعلامي بالسادس من أكتوبر غرب القاهرة، التي تبث منها القناة، إن «القناة يشرف عليها مفتي مصر السابق علي جمعة، وتبث محتوى دينيا اجتماعيا بواسطة قيادات ومشايخ الأزهر».
وعملت القناة قبل إغلاقها مع عدد من قنوات ما يسمى تيار الإسلام السياسي الموالي لنظام مرسي عقب عزله في يوليو (تموز) من العام قبل الماضي، على التحريض ضد الجيش وثورة 30 يونيو، ودعمها لعنف جماعة الإخوان المسلمين. وبدأت «الناس» بثها في عام 2006، كقناة خفيفة تذيع الأغاني والفقرات الترفيهية وبرامج تفسير الأحلام، وبعد عام من انطلاقها بدأت القناة في التحول تدريجيا إلى قناة ذات صبغة دينية، وظهر على شاشتها دعاة ومقدمو برامج لا يتمتعون بصفة رسمية، من بينهم محمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، وأبو إسحاق الحوينى، وحازم صلاح أبو إسماعيل، وقد وجهت لها انتقادات لإصدار دعاتها فتاوى دون أن يكونوا دارسين في الأزهر، وعدم ظهور النساء بها فضلا عن عدم استخدام الموسيقى بكل أنواعها.
وأثارت عودة قناة «الناس» الكثير من علامات الاستفهام حول أسباب هذه العودة ودلالات التوقيت، وما هو المحتوى الجديد الذي ستقدمه. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «القناة بشكلها الجديد تعتبر خطوة لتجديد الخطاب الديني الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتعود بأهداف واضحة، وبشكل غير الذي عرفها به الجمهور خلال السنوات الأخيرة».
وقال الرئيس المصري مطلع العام الحالي، إننا «في حاجة لثورة وتجديد في الخطاب الديني، وأن يكون هذا الخطاب متناغما مع عصره.. وأن يكون هذا التجديد واعيا ويحفظ قيم الإسلام ويقضي على الاستقطاب الطائفي والمذهبي ويعالج التطرف والتشدد».
ونشرت القناة الجديدة حملة إعلانية في الصحف المصرية أمس، واختارت شعارا آخر هو «معكم عبر كل زمان.. صحيح الدين والإيمان»، بعد أن كان شعارها «قناة تأخذك إلى الجنة»، ويتوسط الإعلانات علماء الأزهر في غياب تام لدعاة الإخوان والدعاة غير الرسميين من حزب النور. كما ضمت الأجندة الجديدة للقناة، البرامج التي ستقدم وإعلانات وتظهر فيها المرأة لأول مرة، وبعض كلمات لقيادات المؤسسة الأزهرية، وأدعية دينية وأغان.
وتتبع شركة بث القنوات الفضائية، هيئة الاستثمار المصرية، وهي مؤسسة حكومية مسؤولة عن منح التراخيص للمشاريع الاستثمارية المصرية والأجنبية. وكشفت المصادر المسؤولة بالهيئة عن أنه سبق وأن تم منع بث قناة «الناس» في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لعدم التزام القناة بالمواثيق الإعلامية وتلفظ مقدمي البرامج بها بألفاظ خارجة.
من جانبه، قال مسؤول في القناة، إن «مفتي مصر السابق علي جمعة مشرف عام على القناة، ومجدي عاشور المستشار الأكاديمي للمفتي الحالي مدير عام للبرامج»، لافتا إلى أن «معظم البرامج يقدمها علماء الأزهر وفي مقدمتهم محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر، وأحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، فضلا عن عدد من الداعيات من بينهن ياسمين الخيام.
وتردد بقوة خلال الفترة الماضية في الأوساط الدينية أن «الناس» اشتراها رجل الأعمال محمد الأمين رئيس مجلس إدارة قنوات «سى بى سى» الخاصة، في نفس استوديو القناة القديم، ولكن بمضمون مختلف، إلا أن المسؤول في القناة الذي فضل عدم تعريفه، نفى شراء الأمين لها. وقال: «لا نعرف من اشتراها بالضبط، وإدارة القناة أعلنت أنها سوف تعتمد في تغطية مصروفاتها على الإعلانات ورعاية البرامج واتصالات المشاهدين خلال البرامج».
وقال المسؤول، وهو من فريق الإعداد بالقناة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القناة تهدف إلى نشر الفكر الوسطي، والتصدي للأفكار المتطرفة والهدامة، والمحافظة على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع»، مضيفا أن انطلاق «الناس» بثوب جديد «خطوة لمحاربة الفكر المتشدد والأفكار التكفيرية التي انتشرت في عهد الإخوان، خصوصا أن القناة تستعين بشكل كامل بشيوخ الأزهر لشرح صحيح الدين».
وحول ما إذا كانت القناة ستحل محل فضائية الأزهر المقرر انطلاقها الفترة المقبلة، أكد المصدر أن «الناس» ليست لها علاقة بفضائية الأزهر، وأنها فقط «سوف تعتمد في تقديم البرامج على الأزهريين أصحاب المنهج الوسطي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.